فى رثاء العلامة محمد الحسن بن أحمدُّ السالم
عَلَى مِثْلِ فَقْدِ الشَّيْخِ تُجْرَى السَّوَافِحُ == وَتُطْوَى عَلَى جَمْرِ الْعِضَاهِ الْجَوَانِحُ
فَلَا عَارَ إِنْ تَجْرِ الدُّمُوعُ لَهُ دَمًا == وَإِنْ أَنْكَأَتْ تِلْكَ الْقُرُوحَ الْقَرَائِحُ
إِمَامِ الْهُدَى (حَدِّنَّ) لَا غَبَّهُ جَدًى === مِنَ الْخَيْرِ يَسْقِي الْقَبْرَ غَادٍ وَرَائِحُ
لَقَدْ زُعْزِعَ الْإِسْلَامُ وَالْعِلْمُ بَعْدَهُ == وَهُدَّتْ جِبَالٌ مِنْ هُدًى وَأَبَاطِحُ
فَفِي صَدْرِ ذَاكَ الشَّيْخِ لَا انْفَكَّ رَاضِيًا == خَوَاتِمُ مِنْ عِلْمِ الْهُدَى وَفَوَاتِحُ
هُوَ الْعِلْمُ أَسْمَى مَا تَسَامَى بِهِ امْرُؤٌ == إِذَا بِالدُّنَا يَوْمًا تَسَامَى جَحَاجِحُ
فَحَامِلُهُ إِرْثَ النُّبُوءَةِ حَامِلٌ == وَتَجْرٌ بِهِ إِرْثُ النُّبُوءَةِ رَابِحُ
فَعِشْرِينَ حَوْلاً أَوْ تَزِيدُ أَقَامَ فِي == بِلَادٍ بِهَا عِطْرُ النُّبُوَّةِ فَائِحُ
لَقَدْ عَرَفَ الْبَيْتُ الْحَرَامُ عُلُومَهُ == وَفِي طَيْبَةٍ مِنْهُ اسْتُطِيبَتْ مَنَائِحُ
وَفِي مَكَّةٍ أَمِّ الْقُرَى وَبِطَيْبَةٍ == لَهُ مَكْرُمَاتٌ فِي الْمَعَالِي دَوَالِحُ
بِطَيْبَةِ طَهَ قَدْ أَنَاخَ مُهَاجِرًا == يَبُثُّ الْهُدَى لَا تَطَّبِيهِ الْمَصَالِحُ
إِلَى أَنْ أَتَاهُ الْمَوْتُ لَمْ يَثْنِ عَزْمَهُ == مُخِيفٌ وَلَمْ يُثْنِ الْعَزِيمَةَ كَاشِحُ
عَشِيَّةَ آوَاهُ الْبَقِيعُ بِلَهْفَةٍ == وَوَارَتْهُ مِنْ أَرْضِ الْبَقِيعِ الصَّفَائِحُ
لَقَدْ نَهَلَتْ مِنْ عَذْبِ بَحْرِ عُلُومِهِ == طَوَائِفُ مِنْ شَتَّى الدُّنَا وَشَرَائِحُ
يُدَرِّسُ عِلْمَ الدِّيْنِ كُلًّا مُنَاصِحًا == إِذَا كَلَّ ذُو عِلْمٍ وَقَصَّرَ نَاصِحُ
فَفِي الْفِقْهِ فَقْهِ الْأَصْبَحِي صُبْحُهُ انْجَلَى == لاإِذَا عَزَّ مَشْهُورٌ وَلَمْ يُدْرَ رَاجِحُ
فَمَا قَالَهُ سُحْنُونُ أَوْ أَشْهَبُ الرِّضَى == وَغَيْرُهُمَا إِنْ سِيلَ (حَدِّنَّ) وَاضِحُ
وَحَاصِلُ مَا أَمْلَى النُّحَاةُ مُوَضَّحٌ == لَدَيْهِ وَمَا أَمْلَى مُحَشٍّ وَشَارِحُ
طَرِيْقَتُهُ فِي الدَّرْسِ فُضْلَى لِمِثْلِهِ == تُزَمُّ لِتَحْصِيلِ الْعُلُومِ النَّوَاضِحُ
فَمَا مَاتَ مَنْ قّدْ وَرَّثَ الْعِلْمَ بَعْدَهُ == وَأَضْحَتْ بِهِ خِصْبًا رُسُومٌ صَحَاصِحُ
فَجَازَاهُ رَبُّ الْعَرْشِ خَيْرَ جَزَائِهِ == وَحَفَّتْهُ فِي أَعْلَى الْجِنَانِ الْمَرَابِحُ
وَلَا زَالَ لِلْأَجْيَالِ ذِكْرًا وَقُدْوَةً == وَدَامَ لَهُ ذِكْرٌ لَدَى الْكُلِّ صَالِحُ
وَأَبْقَى الْبَنِينَ الْغُرَّ سَادَةَ مَعْشَرٍ == إِذَا دَهَتِ النَّاسَ الْخُطُوبُ الْكَوَالِحُ
وَقُلْتُ اقْتِبَاسًا مِنْ رِثَاءِ ابْنِ مُسْلِمٍ == وَإِنِّيَ مِنْ شِعْرِ ابْنِ عَمْرٍو لَمَاتِحُ
(مَضَى ابْنُ سَعِيدٍ حَيْثُ لَمْ يَبْقَ مَشْرِقٌ == وَلَا مَغْرِبٌ إِلَّا لَهُ فِيْهِ مَادِحُ)
(لَئِنْ حَسُنَتْ فِيهِ الْمَرَاثِي وَذِكْرُهَا == لَقَدْ حَسُنَتْ مِنْ قَبْلُ فِيْهِ الْمَدَائِحُ)
وَصَلَّى عَلَى طَهَ وَسَلَّمَ رَبُّنَا == مَعَ الْآلِ وَالْأَصْحَابِ مَا لَاحَ لَائِحُ
القاضى محمد يحظيه بن المختار بن الحسن
-------------------------------------------------------
السيرة الذاتية للفقيد:
الشيخ العلامة محمد الحسن بن أحمد سالم بن الولي الحسني الشنقيطي سليل أسرة علم وورع، ولد سنة 1924م ببلدة (تنجغماجك) بجيم معقودة، وهي قرية بولاية "اترازه" في الجانب الغربي من دولة موريتانيا، وتعريب تلك البلدة: "المالكية"