كيف سمعت عن اسم عبد الناصر،، أثناء النحيب عليه يوم وفاته.! إشيب ولد أباتي
لم استطع أن اكتب عن عبد الناصر في الذكرى الواحدة والخمسين لوفاته، تحليلا أعمق لفكره، ولا مراجعة اشمل لمراحل التجربة الناصرية، أحسن مما كتبه كل من الدكتور صبحي غندور، والكاتب رشاد أبو شاور في موقع " " رأي اليوم"،،
لذلك سأذكر شيئا آخر جدير بالوقوف عنده، يتعلق بي، وعن الحزن على وفاة عبد الناصر، والتأثر الذي شاهدته، إذ أنها المرة الأولى التي أرى فيها والدي رحمه الله تعالى متأثرا لدرجة البكاء، وهو التأثر الذي يمكن أن يعمم على أبناء الوطن العربي يومئذ من المحيط الى الخليج، و باعتباري واحدا من ولاية " لعصابة"، حيث كان معظم الساكنة يتنقلون في البادية من موقع لآخر، حسب فصول السنة، ولعل وسائل الإعلام في السبعينات محدودة، ومقصورة على الاذاعة الوطنية، و القسم العربي لإذاعة لندن، ومع ذلك، كان الشارع العربي، يتفاعل مع الثورة في مصر، ويحدد مواقفه بقدر ما يسمع من الاعلام عن مواقف عبد الناصر، كما عرفت ذلك فيما بعد في دراستي للفكر القومي العربي،،
وإن من المفارقات أن يكون القسم العربي في إذاعة لندن الذي كان مجندا لتغيير اتجاهات العرب من الاحداث التي تجري في المنطقة، هو ذاته الوسيلة الإعلامية الأكثر انتشارا، وأكثر المتابعين للاحداث العربية والدولية بواسطته، ومع ذلك، فإن التفاعل مع خطب عبد الناصر، كان يعطي نتيجة عكسية، لما كان متوقعا حسب خبراء الاعلام الغربي حينئذ،، وهذا الذي توصلت إليه الدراسات التي اطلعنا عليها في تسعينيات القرن الماضي في مجال الاعلام، ونتائج البحوث في علم النفس الاجتماعي التي اجمعت على أن صوت العرب من القاهرة، كان يحدث صدمة للقادة العسكريين الفرنسيين في أقطار المغرب العربي، المدعو " المكلاوي" باشا مراكش، قد حرم من النوم عندما سمع التعريض به من إذاعة صوت العرب من القاهرة ،،
والسؤال الذي اطرحه على نفسي، هل للحادثة التالية دور في توجيه وعيي السياسي، بعد أكثر من عقد من الزمن من سماعي لاسم "جمال عبد الناصر" رحمه الله يوم وفاته،؟
لقد سافرت مع والدي رحمه الله تعالى من " انواملين" وهو وادي نخيل، الى مدينة " كيفة"، وكنا نتنقل على " جمل"، وعليه " راحلة"، وخلفها كنت راكبا خلف والدي على" كفل" الجمل ، وأثناء سفرتنا استظهرت احزابا من القرآن الكريم، ولما وصلنا اطراف مدينة " كيفه"، قبل المساء، أخذ مني الاعياء