فى الذكرى الخمسين لرحيل العالم الورع سيدى محمد ولد أبو محمد../ م س أحمدو الخديم

2023-07-08 12:18:21

بسم الله الرحمن الرحيم اللهم صل على سيدنا محمد وآله وصحبه

سيد محمد (عداه) هو أكبر أولاد العالم الصالح محمد مولود بن أبي محمد بن مولود بن أحمد الجواد:

هو العالم الصالح الورع الزاهد الحليم العابد.

ولد في حدود سنة 1314 هـ أي نحو 1896م.

اشتهر رحمه الله تعلى بالإقبال على الذكر، حتى إنه يجيب الألفاظ المعهودة في السؤال عن الحال -هربا من الكذب-: بالدعاء؛ فمن خاطبه بنحو "كيف أصبحتم" أو كيف حالكم؛ أجابه بنحو "عافانا الله وإياكم" أو "الحمد لله".

وللسُّقاة والقابلين عند البئر ألفاظٌ معروفة يستعملونها عند حاجات مخصوصة، فنرى سيد محمد يبدلها بالبسملة.

وأدهى من ذلك أنه مرة كان الذئب كثير المحاولة للغنم بالليل، والناس يطردونه بألفاظ معروفة عند أهل ذلك الزمن، وسيد محمد لا يزيد على البسملة، فسمعه أحد الرعاة فصار يقول له: "يا سيد محمد گولْ "مرْ هَاهْ" فرْقتْ قَنْمَكْ".

أمه فاطمة بنت عدّيّ -واسمه عبد الّ- بن احمد بن الاديب بن حَنْبُلَا ابن اتشغ المختار رحمهم الله جميعا.

شيوخه:

أخذ العلم عن شيوخ يعقوبيين، منهم القاضي محمدٍ بن آكاه اليعقوبي العبدلي، ومنهم عبد القادر بن المهدي اليعقوبي الخوالي، ومحمد بن محمد البخاري، ومحمد الامجد بن أبي المعالي اليعقوبيان العمّاميان، وحمود بن المساعد اليعقوبي المختاري الذي روى عنه الشعر الكثير كما حدثنا به محمدٍ ابنه.

وكان قد استفاد كذلك من صهريه الشيخ سيد احمد بن احمد يحي رحمه الله وشيخنا محمد الحسن أطال الله حياته، وهو مما يدل على أنه كان حريصا على طلب العلم لا يمنعه منه الحياء؛ لأن هذا أمرٌ منافٍ جدا لطبائع أهل الأرض وحيائهم الذي تارة لا يتماشى مع الحق.

وفي العام قبل وفاته نهاه أحد الخاصة عن الصوم، فأجاب: لا أدري هل هو آخر رمضان فلا بد أن أصومه، فكان الأمر كذلك.

وله أنظام في التوسل وتقييد الفوائد.

وكان رحمه الله تعلى مجاب الدعوة، ومن ذلك دعاء لوجدان الضوال ما زال موجودا الآن عند بعض الأسرة، وهو المعروف محليا: "عگدت عدّاه".

وكان رحمه الله تعلى ذا مروءة، فقد تحمل أعباء الأسرة بعد وفاة والده محمد مولود رحم الله الجميع، وله في ذلك قصص يرويها لنا الأسلاف؛ منها قول سكينه بنت حبلّ أم إخوته الصغار: إن فعله بعيالها هو مصدوق المقولة: "ارفدْهم من دار اليتم"، وله غير ذلك.

وحدّثني ابنه محمد عبد الله قائلا: كان سيد محمد شديد الإعجاب بأخيه احمدُ الخديم، ويصفه بأنه من أهل الكشف. أقول: وما ذلك إلا لفضله؛ قال:

وما عبّر الإنسان عن حال فضله   بمثل اعتبار الفضل في كل فاضل

كما كان احمد الخديم يُقسم أن سيد محمد أعبد من فلان (لأحد العباد المشهورين)، ويقول: إنه لم يفرِّط في تلك اليمين.

أقول: وكان رحمه الله تعلى هَروبا من مواضع الفتن؛ فإذا جاء للبئر يستقي اعتزل عن الورّاد جانبا يتلو القرآن ويدعو بدعوات من خاصيتها الستر؛ لأن الآبار عادة مظنة السِّباب والفِضاح من بعض الناس؛ ولذلك يقول المثل: "اخْبار الحاسِ ما تطلعْ شورْ لخيامْ".

وقال أخونا العلامة الثقة الإمام محمد الأمين بن أحمد بن خمنّ في كتابه "النفحات الرندية": كان سيد محمد بن محمد مولود: من أهل العلم والأدب والعبادة، وكان لا يفتر عن الذكر، حتى كان أكثر كلامه لفظ "بسم الله الرحمن الرحيم".

وقال عنه المختار بن حامد: عالم عابد له مشاركة في النظم، كان لا يفتر عن العبادة.

أقول: وكان رحمه الله تعلى خفيف اللحية، ربعة القد أقرب للطول، مشرب اللون أقرب للبياض.

توفي -كما ورد في رسالة تخرج المرحوم احمد فال-: في 20 من ذي الحجة سنة 1392 هـ [أي ما يوافق الأربعاء 24/01/1973م]، وكانت وفاته بعد الظهر، ودفن عند تنگن، وكان قد توفي في موضع قربها يسمى "انبيكات اَكاش".

وصلت عليه جماعة من حيه (اهل اعبيد) ومن الشرفاء الصعيديين، وأَمّهم فيها -كما أخبرني الرجل الفاضل محمد محمود بن ابّ وكان حاضرا-: سيد محمد بن آبيهْ رحمهم الله تعلى.

المدير الناشر
أفلواط محمد عبدالله
عنوان المقر ILOT G 122