تعليقا على مقال محمد فال ولد بلال'' نحن...والإرث الانساني'' ! / - إشيب ولد أباتي

2023-02-04 06:17:46

تعليقا على مقال محمد فال ولد بلال" نحن...والإرث الانساني" !

 

/ - إشيب ولد أباتي

 

لقد قرأت مقال وزير خارجية نظام حكم معاوية الاسبق،  المنشور في موقع " الاخبار" العدد (٤٤٩٧٧).

 و قد احتفظت للكاتب بعنوان  مقاله الذي سعى لاستدراج  النظام السياسي القائم، لمشروع، أقرب هو  لنصب " الفخاخ" السياسية،  غير أنه يحتاج الى استرجاع  الروح الوطنية تجاه الشأن العام الذي انصرف عنه " الرفاق" الذين يمثلون البروجوازية الطفيلية، وبالنتيجة السند للاستثمار الاجنبي.. 

لذلك، تخلوا عن الاستثمار في الصراعات العرقية  التي يستعيدها الكاتب  في مقاله الذي، قد لا يجد سندا له،  مع التذكير بقيمة احترام الاختيارات في الخطاب السياسي الوطني  مهما اشتد الاختلاف في الرأي العام بين الكتاب  من أفراد النخبة المثقفة  حول القضايا التي تتعلق بالثوابت الوطنية، وما دونها..

 

والكاتب  اعترف في صدر مقاله بأنه لم يقدم حلا، وإن كان  يتمنى ان يفتح بابا للدخول معه في غرفة مظلمة نظرا لهذه الدعوة غير النيرة بالقدر الكافي،  وان كانت  واجهاتها الأمامية، هي ما كشف عنه منطق "سقراط" في قوله : " تكلم، فأقول لك من أنت، وماذا تفكر فيه"، ولعل هذا هو المضمون الذي حمله للتعريف بنفسه، كواحد من " الكادحين، الذي بقي يستثمر في مختلف المواضيع،  كمطالبته  السابقة في الحوار الذي جرى حول الاصلاح التعليمي، وضرورة تدريس المواد العلمية باللغة العربية، بينما  تشبث السيد الوزير  محمد فال ولد بلال  بتمسكه باللغة والثقافة الفرنسية، والآن سعى في مقاله الى  استمالة الأقلية العرقية.. والعمل على غلق أبواب اخرى لحل مشاكل المجتمع، والمحافظة على وحدته الاجتماعية، والجغرافية، ونظامه السياسي الجمهوري..وهي قضايا مؤجلة الى غاية إيجاد  وعي وطني لتقديم  الحلول التي تطرح قضايا الوطن، واعطائها الأولوية للإصلاح السياسي، والإداري،  ووضع خطط للتنمية العلمية، والاقتصادية في مجالاتها، وأولها الزراعة،، والتخطيط الحضري، وبناء بنية تحية قوية، والإصلاح المالي،  والاستثمار في توظيف الراسمال الوطني العام، و الخاص، وخلق بيئة سياسية، كاعطاء التراخيص للاحزاب الوطنية، وذلك  لتفعيل الحراك الاجتماعي الوطني، الذي سيكون بديلا لأحزاب  الافراد القبليين، والعرقيين، والجهويين، والفئويين الذين يراهنون على ما يلقى لهم من " الفتات"  في تحالفهم مع النظام، مثلما استثمروا في العمل السياسي مع الانظمة خارج الحدود، كالنظام الليبي السابق، والنظامين الاخوانيين في قطر، وتركيا، فضلا عن الارتباطات المشبوهة بفرنسا، والسفارة الامريكية،  والسنغال، والموساد الصهيوني في سفارتيه  في السنغال، وفرنسا.. 

وإذا كان مضمون المقال، أقل من المتوقع  لسياسي مخضرم، خدم الانظمة السياسية بتنظيمه السابق" الكادحين" وزار الكيان الصهيوني، الوصمة السوداء على جبين وعيه السياسي، وتاريخه (النضالي) ..

فإن طموح الكاتب  في مقاله محصور في " أمله أن يفتح بابا للتفاعل مع طرحه"..

ولا جديد اطلاقا في هذه  التقنية " القدم في الباب"  في "علم النفس الاجتماعي"، حيث سبق  الباعة المتجولون في القرن التاسع عشر في المانيا،  الكاتب في مقاله، حيث كانوا يضعون القدم على عتبة الباب، ليضمنوا التفاعل معهم،  حين تبدأ  ربات البيوت، يسألن الباعة عن البضاعة من بين تلك التي يتنقلون بها من بيت إلى  آخر، ومن شارع الى شارع على عرباتهم.

وهذه المنهجية "وسيلية" للتفاعل، فهل  صاحب المقال سعى من منهجيته، أن يضمن التفاعل معه من طرف نظام الحكم بعد استبداله في رئاسة لجنة الانتخابات، لذلك  أراد أن يبتكر موضوعا، اكثر خطورة على بلادنا  للاستثمار فيه، لو يدري محمد فال ولد بلال، وهلا يدري؟!

لم يقدم الكاتب تعريفا ل" نحن"  في عنوان مقاله، ولكن من خلال السياق العام، اتضح انه يقدم قراءة عرقية حكمت على جزء  من مجتمعه الذي يمثل اكثرية في نظر الجميع، لكنه - صاحبكم -  صرح بأنه لا يمثل الاغلبية، اذ الأغلبية، هي التي في مدن النهر، والاحياء الشعبية في نواكشوط، وانواذيب، وازويرات، وقد كان رفضها للتصويت للنظام دليلا على تمسكها بعداوتها، والغاية من تصويتها ب" نعم " للنظام،  تبرر الاعتراف بجريمة "الابادة الجماعية"، كادعاء زائف..!

والسؤال طرحه، أحد الزملاء على الكاتب ليرد عليه، هو:

ولد بلال ، لقد كنت رئيس لجنة الانتخابات، وسجلت النتائج على أساس أصوات الأكثرية، فكيف تناقض نفسك في المقال، في زعمك أن الاكثرية، هي التي كانت  ترفض؟! وهل  ينطبق  هذا الزعم على نتائج  التصويت في الانتخابات الأخيرة؟! 

أوليس هذا إقرار منك بالتزوير للرؤساء  على حساب مترشحين آخرين؟!  

ولو كنت محاميا لرفعت عليك  قضية، لاقرارك  بتزوير إرادة الشعب!

ولعل  المعلومة  المتعلقة باعطاء الكاتب الاكثرية للعرقية الأخرى، ينبغي الاستفادة منها  للتأكد من صحتها، خاصة أنها صادرة من شخص كان رئيس لجنة الانتخابات، وتلك على علم بالنسب في  مثلث الإحصاء السكاني،  ومن كان  يمثل  القاعدة العامة فيه من العرقيتين العربية والافريقية، ومن يمثل هوامشه،  حيث يتم التعرف على نسبتها بالانحراف المعياري..!

    وقد  أدى الاستطراد  المتعمد، او عن طريق التداعي الحر الى  تقديم هذه المعلومة التي قد يشكك  البعض في صحتها، خاصة انها تقدم في سبيل توظيفها،  ومحاولة جر الدولة الموريتانية للاعتراف بالمسؤولية، مقابل حصولها على اصوات الناخبين في الاحياء الشعبية. !

  إن تحديد الكاتب " للإرث الانساني " في الصراع بين دولتين، حصل في كل منهما مجازر حسب ادعاء كل طرف، لكن لماذا لم  يذكر الكاتب  بالاسم الدولة  الثانية التي اشتركت في الاحداث" الارث الانساني"

و كادت ان تقوم الحرب بينهما، ولم يمنع من قيامها الا رجحان ميزان القوة العسكرية في صالح الجيش الموريتاني،  لكن ذلك لم يحل دون  القتل بالآلاف  على الهوية لعرب موريتانيا في المدن السنغالية، كما سلبت اموالهم..!

ولماذا  اختزل  الكاتب المسألة في الصراع العرقي الداخلي، وحمل الدولة المسؤولية، كطرف رئيسي فيه.؟!

وقد يتساءل البعض عن التوقيت الذي  اختاره الكاتب،  لإثارة هذا الموضوع، وهل هو  محاولة  من أجل اسقاط السلوك الاجرامي - اذا كان قد حصل -  عن  الرمز  السياسي، الرفيق  "معاوية"   ونظامه السياسي،  ولماذا كان  دافع هذا  الوازع الاخلاقي تجاه" الرفيق"،  غير موجه بهدف خدمة للصالح العام الموريتاني..؟!

 

 وقد فات الكاتب المطلع على الصراعات السياسية، والعرقية، أن تلك الجرائم  الجنائية، سجلها بعض الموريتانيين من الأقلية العرقية الأخرى،  كحالات فردية  في المحاكم الأوروبية ضد شخص الرئيس، وليس ضد الدولة الموريتانية، فهل كانوا أكثر وطنية من الكاتب الذي ضرب بعرض الحائط المصالح العليا لبلاده، 

وذلك على فرض تحميل المسؤولية للدولة، وليس لنظام سابق اراد الكاتب اسقاطها  عن رمزه في الاحداث  التي حصلت ١٩٩١/١٩٨٩م.؟!

 

 وكان الكاتب بارعا في تقديم  نماذج من الصراعات العرقية والسياسية في القارة الافريقية التي حصلت في تلك  المجتمعات، وكانت قوى الخارج هي:" السبب الكافي"، حيث اعترفت فرنسا  اخيرا بمسؤوليتها عن الحرب الأهلية في" روندا"،  لكن لماذا برأ الكاتب،  فرنسا من الاحداث التي حصلت بين موريتانيا والسنغال، وراح ضحيتها الآلاف...!

 وبذلك يكون الكاتب، قد برأ كلا من: الامبريالية الفرنسية بعد اعترافها بالجريمة، كما برأ السنغال التي قامت معارضتها - عبد الله واد-  بتلك الاحداث لاسقاط النظام في بلادها، واخيرا برأ رفيقه الذي عينه وزيرا للخارجية، مشفوعا بالاعتذار عما سبق من عدم تعيينه في قوله :" وجب قضاء فائتة" ..؟!

 

ومن يذكر الكاتب  بأن تلك  الصراعات التي أشار اليها، كانت مختلفة في  اسبابها، ومظاهرها، ونتائجها،  وهي تتميز بالخصوصية التي لا نرى قيمة في ايضاحها للقراء،  مهما اعتمد الكاتب، من خطأ التعميم، ونقل التجارب المريرة في جنوب  افريقيا جراء الاحتلال العنصري، والطبخة  السياسية التي فرضت على حزب المؤتمر الوطني، لأن الأقلية البيضاء لها تحالفاتها مع الغرب، وضمن لها التمسك بثرواتها، وسلطتها المالية مقابل تنازلها عن السلطة السياسية، بينما  الذي جرى في المغرب،  بعد وفاة الحسن الثاني،  يمثل ضحكا على الذقون، كاطلاق سراح السجناء السياسيين،  ومحاولة اسكاتهم بتبييض واجهة  الحكم الملكي لتحمله مسؤولية العهد السابق باعتباره نظاما مركزيا، فاين منه  اللامركزية في النظام الرئاسي الموريتاني، وكل رئيس يلعنه خلفه..؟!

ولعل المقال مبنيا على فرضية" أفضلية جبر الخاطر ، وإصلاح الاضرار"  لكن ما هي هذه الاضرار؟

  يعرفها الكاتب، كالتالي:"  الاضرار النفسية، والعاطفية التي لحقت بالعائلات المعنية"، ولا شك أن القراء الكرام سيطرحون على الكاتب السؤال التالي: واين  حق الموريتانيين من ذلك وقد قتل من آبائهم،  او ابنائهم، او اخوانهم شر  قتلة في المدن السينغالية - يرجع الى ارشيف القسم العربي  لإذاعة المانيا - ؟!

 

واذا جارينا الكاتب في مركزية النظام  السياسي الموريتاني منذ تأسيسه،  الأ يفرض منطق الانصاف على الكاتب الحصيف، ان يطالب بالتعويض لشهداء " اعمارت  النعمة" ضد المحتلين الفرنسين؟ والتعويض للأسر التي قتل ابناؤها الثمانية(٨) من عمال منجم الحديد في مدينة ازويرات، وجرائم القتل، والتعذيب في عهد هيدالة، وتسريح القوميين من الجيش الموريتاني، والإدارة  على عهد معاوية، الذي يبحث  الكاتب  ولد بلال  عن آلية لتبرئته من جرائمه التي لا تحصى ؟!

وتعويض كل الخسائر البشرية والمادية جراء حرب الصحراء التي اعترف النظام بخطئه  لدى الخروج من الحرب وانسحابه من المدن..؟!

 

  إن القراءة  لمقال محمد فال ولد بلال،  لابد أنها تستدعي  التساؤل،  والاستغراب معا، إذ كيف  لوزير خارجية معاوية، أن سكت دهرا،  ونطق بهذا الكفر السياسي الذي يحمل وطنه جريرة المسؤولية عن " حرب الابادة الجماعية".

 بينما، هو يراها  بسذاجة، أو بمكر سياسي (( اصلاحا للأضرار، وجبرا للخاطر))، فهل المسألة على هذا المستوى من السهولة، بحيث يمكن تقديم حزمة مالية لأفراد، او عائلات، وتنتهي الحكاية..!

 أو لم يكن  ذلك نقض لتلك المرافعات،  والصراعات السياسية بين الدبلوماسية العربية، والدبلوماسية الأفريقية خلال حقبة التسعينيات...!

ورؤية الكاتب تتناقض مع ما هو مسجل في الوثائق لكل من موريتانيا، والسنغال لدى المؤسسات الدولية...

فإذا كان الأمر على ما تصور الوزير السابق، فلماذا لم يطرحه، كحل سحري على رئيسه حينئذ؟

المدير الناشر
أفلواط محمد عبدالله
عنوان المقر ILOT G 122