بمناسبة ذكرى وفاة سيدي محمد ولد سميدع، كتب عبد الباقي العربي في موقع" الواجهة" اليوم السبت ٢٠٢٣/٠١/٠٦م. ترجمة مفيدة، و مختصرة،
وجاء في التعريف بميلاده في الأربعينيات من القرن الماضي، وتاريخ وفاته في السبعينيات،، وبينهما قدم عرضا موجزا عن علاقة وعيه السياسي المبكر بدور والده في قيادة حركة التعريب، وترؤسه، لأول نقابة المعلمين للعربية، دون الاشارة الى انعكاس ذلك المطلب الاستقلالي العروبي على وعي الابن المناضل سيدي محمد ولد سميدع، الذي شارك في احتجاج١٩٦٦م.
ومناصرته لمطالب العمال بعد مقتلة الثمانية منهم في مدينة " ازويرات"١٩٦٨م.
وأضاف الكاتب بعض الإشارات لتأكيد المعلومة، او الدعاية التي طالما روجها رموز الكادحين عن انتماء المناضل سميدع الى صفوف " الكادحين"، وهي الإشارة التي اوردها محمد بن بلال في مقاله، والتعريف به، فهو وزير الخارجية الأخير في عهد رفيقه معاوية ولد سيدي احمد ولد الطايع الذي نقل عنه قوله - موجها كلامه لولد بلال من جهة واجب تعيينه في الوزارة - " وجب قضاء فائتة" الفقهية.
والسؤال الذي يرد على ألسنة الناصريين، يتعلق بالموضوع، هو:
ما الوهم من الحقيقة في انتماء سيدي محمد ولد سميدع، قومي ناصري سجن على قضية التعريب، وفي مواجهة المتفرنسين ، وذلك قبل ان ينطلق قطار القوميين العرب الذي تأخر الى فترة، حتى ليصدق القول إنه وصل موريتانيا، وتأثر به من كان ضد التيار التغريبي الفرنسي، ليتحالف معهم؟!
إن تأريخ انفصال القوميين العرب، ونسختهم المسماة الكادحين من أصول عربية عن الانتماء القومي الناصري، كان بعد نكسة ١٩٦٧م، وانشقاق اليسار الماركسي بعد ثورة الطلاب في فرنسا ١٩٦٨م.
ولعل اول رموز النسخة بدل الاصل من القوميين العرب ، المرحوم بدر الدين المعروف في الأوساط السياسية المتحاربة بلقبه"بدر الصين" الذي نرده للتعريف به ليس الا، راجين له الرحمة، والمغفرة من رب غفور رحيم.
و لعله كان رحمه الله اول المتأثرين من الطلاب الموريتانيين بالصراعات السياسية في مصر ، اثناء دراسته فيها، حيث نشط كل من تياري الاخوان، والماركسيين، بعد النكسة.
وربما كان هذا التأثير ، هو الذي مهد لفتح صفحة مع اليسار الفرنسي في حزب الشعب الذي حاول إيجاد تيار يتقاطع مع النظام، كلما ابتعد الافراد عن الانتماءات القومية الغالبة في اقطار الوطن العربي..
وأهم الاحداث في التأريخ لوعي "سميدع"، هو موضوع سجنه سنة ١٩٦٦م. الذي أزال اللبس الحاصل عند الناصريين في أنه، كان متأثرا بوعي محيطه الأسري العروبي، بدلا من تسلل افكار القوميين العرب التالية للفترة التي أصبح فيها الشاب منخرطا في حركة النضال القومي في مواجهة التيار المتفرنس، وهذا يبعد الشبهة الملصقة بوعيه من طرف تيار الكادحين الذي تبنى نضال "سميدع"، وخلده بالاشعار الفصيحة، والملحونة، لكن ذلك لا ينفي حقيقة انتمائه الناصري...
ولقد ناقشت شخصيا، المناضل محمدن ولد التمين - اطال الله في عمره، وهو من الرعيل الأول من الناصريين - على منصة " ثابت" للأطر، والمثقفين الناصريين خلال سنة ٢٠٢١م، وأوضح في نقاشه الودي، انتماء سميدع للناصريين، وكذلك والده رحمهما الله تعالى، وكان نقاشي على أساس ما نشر الوزير والسفير محمد فال ولد بلال عن "سميدع" في فترة تواجده معه في الحي الجامعي لطلاب داكار، وأنه كان يستقبل منشورات القوميين العرب عبر السفارة اللبنانية، دون أن يذكر، ولد بلال اسم الشخص الذي كان في السفارة اللبنانية، ويوزع منشورات القوميين العرب على الطلاب الموريتانيين،،وظلال الشك حول تحفظ ولد بلال على اسم الشخص الذي كان في السفارة اللبنانية، سيطرح اليوم علامة استفهام حول صحة الحكاية من أصلها، وإن كان اقرب الى الذهن، وليس الى الصواب الا افتراضا، أن يكون القائم باستقبال المنشورات تاجرا لبنانيا من المثقفين العرب، وعلى علاقة بالنشر العربي الذي كانت لبنان عاصمته حينذاك..
ولعل علاقة الاحتكاك الثقافي قائمة بين الموريتانيين واللبنانيين في مختلف الاقطار الافريقية، وليس في السنغال فحسب.
وربما يكون هذا التساؤل من المعطيات الأولية للبحث عن المقبول، او المفترض الممكن..
وقد تجاوزها النقاش مع محمدن ولد التمين، الذي نفى علاقة "سميدع" بالكادحين، واعتبرهم تجنوا على المرحوم، وعلى وعيه القومي، ووعي والده معا..
لهذا، فإن استعادة النقاش حول الانتماء السياسي للمرحوم سيدي محمد ولد سميدع في ذكرى وفاته، تطرح اكثر من اشكال، كالتساؤلات التالية:
ما الذي يضيفه الوعي القومي لسميدع للناصريين في موريتانيا اليوم، اذا لم يكن هدفهم البحث عن الحقيقة التي يعرفها الرواد من تيارهم الوحدوي ؟
وما الذي تنزعه " قومية " سميدع من الكادحين، وقد بنوا عليه أهرامات وعيهم السياسي الاقصائي في فترة، كانوا يحتاجون فيها لرموز وطنية للنضال السياسي من أجل التحالف مع الانظمة على أساس من العداء المشترك للقوميين، وقد أصبح جيلهم الأول رموزا بنت مصالحها مع مختلف الانظمة السياسية، واسست لعلاقات نخبوية مع الانظمة مهما، كانت مدنية، او عسكرية، او مخضرمة؟ فما يضرهم، ان يكون الرمز، تم استرجاع انتمائه الى مرجعته الفكرية في الوقت الذي اخرجت فرنسا من صناديق متاحفها جماجم المجاهدين من عرب الجزائر، واعادتهم، ولو مؤقتا كما يزعم البعض؟!