تحيّة العروبة يا عرب، أوْ ممّا تبقى منكم، أسعد الله أوقاتكم، مع أنّ الخير أصبحَ وأمسى عملةً نادِرةً في زمن الردّة السياسيّة، يوم الـ23 من شهر تموز (يوليو) من العام 1952 فجّر “الضُباط الأحرار” في مصر ثورةً ما زالت تُلقي بظلالها على الأمّة العربيّة منْ مُحيطها الهادِر إلى خليجها الثائِر، ثورةٌ غيّرت مجرى التاريخ، ووضعت الأمّة العربيّة في مصافِ الأمم.
ولكن يا سخرية القدر، أمس الجمعة لم نُحيِ ذكرى الثورة، ذلك أنّ الأمّة، قيادات وشعوب، باتت تغُطُ في سُباتٍ عميقٍ، التطبيع مع كيان الاحتلال بات أمرًا عاديًا، أمّا المُقاومة فَغَدَتْ إرهابًا. ماذا أكتب، وأنا الـ”مُتهّم” بالرومانسيّة، والتشنّج وتقديس الشخصيات، لأننّي كنتُ وما زلتُ وسأبقى أؤمن بأنّ مشروع عبد الناصر وُلِد ليظلّ ناصرًا.
لن أذكر الأقزام وأشباه الرجال، الذين باتوا يحكمون ويتحكّمون بمصير الأمّة العربيّة من مُحيطها إلى خليجها، فهؤلاء، ورغم ضمور تأثير الأمّة، كانوا وما زالوا على هامِش الأحداث، قاموا بالتطبيع مع كيان الاحتلال، أغمدوا الخنجر في خاصرة أمّة الناطقين والناطقات بالضاد، ولكنّنا نؤمن إيمانًا قاطِعًا بأنّ الشعوب العربيّة، ستنتفِض ضدّ هؤلاء، وسيكون مصيرهم الحتميّ: مُقاضاتهم من قبل المحاكِم الشعبيّة-الثوريّة.
سأكتفي، وأنا العربيّ-الفلسطينيّ، الذي يُقيم رغم أنف الغُزاة في موطنه فلسطين، وليس في دولته “إسرائيل”، سأكتفي في هذه العُجالة، باقتباس فيلسوف القوميّة العربيّة، ساطع الحصري، الذي أرسى مقولته المأثورة عن الخالد عبد ناصر: “رجلٌ اتسّعت همّته لآمال أمّته”.
وما أشبه اليوم بالبارِحة، في هذا الزمن الرديء، كَمْ نحنُ بحاجةٍ إليكَ يا أيُّها المارِد العربيّ.. كَمْ نحنُ بحاجةٍ لتقِف بيننا وأمامنا وتقول بصوتك الرعديد: “باسم الأمّة”، وتُضيف في نفس الموقف: “إنّ الشعوب التي تُساوِم المُستعمِر على حريّتها، تُوقِّع في نفس الوقت على وثيقة عبوديتها”.. أنتَ، أنتَ أيُّها البطل، الذي كشف عورات الثالوث الدنِّس بقيادة رأس الأفعى، أمريكا، وصنيعتها، إسرائيل، والرجعيّة العربيّة، أنتَ، وأنتَ فقط، قادرٌ على توحيد الأمّة والعودة إلى لاءات الخرطوم: لا صلح، لا تفاوض، لا اعتراف.
نعم، وألف نعم، أنتَ الذي علّمتنا أنّ أمريكا وربيبتها إسرائيل وقادة الرجعيّة العربيّة، هُمْ ألذّ أعداء الأمّة، هكذا ترّبينا، وهكذا ترعرعنا وما زلنا على عهدنا، نؤمن بتعاليمك، ونُردّدها بمُناسبةٍ أوْ بغيرها، ونُحاوِل تطبيقها على أرض الواقِع.
وفيما يتعلّق بـ”قضية العرب الأولى”، فلسطين، يا أبا خالِد فحدِّث ولا حرج: الثورة الفلسطينيّة، للأسف الشديد، باتت تُنتج التجّار وليس الثو