من وحى التجربة .. (الحلقة الأولى)/ بدن ولد سيدى

2021-04-18 13:30:00
من ذكريات رمضان..
 
كان شيخنا لمرابط محمدْ سالم بن عدّود تغمده الله برحمته الواسعةِ يقدم درساً رمضانيا مباشرا في الاذاعة الوطنية ليلة الخميس موافق 08 يناير 1998 م لعله آخر درس رمضاني له في ذلك الموسم قبل مغادرته  البلاد لمواصلة دروس مماثلة في بعض الدول الاسلامية . وبعد مقدمة الدرس فُتِح المجال أمام أسئلة المستمعين عبر الهاتف و كنت أول المتدخلين نظرا لوجودي آنذاك داخل مبنى الاذاعة،  فتمالأتُ مع المخرجة و طرحتُ عليه سؤالا أشفعتُه بقراءة القطعة التالية: .
 
يا ندوةَ العالم الندب ابنِ عدُّودِ == عودي علينا ببثٍّ منه مشهودِ
 
عودي علينا ببثٍّ حان موعدُهُ == أو فلْتعودي ببثٍّ غيرِ موعودِ
 
فإنّ للبثِّ بثّاً للعزاء وكمْ === رمناهُ عبر طريق جدِّ مسدودِ
 
عبر الأثير أثرنا كلّ نازلةٍ == كيْ نستثير لعهد منه معهودِ
 
فيه لأسئلة الطلاب أجمعِها == ردٌّ عليها بنص غيرِ مردودِ
 
فيه لذا الشعب عِزٌّ  عَزَّ مطلبُه == وللبلاد سموٌّ غيرُ محدودِ
 
كأنَّ ذا الشيخَ حين البثِّ يحملنا == عبرَ الأثير إلى عهدِ ابنِ مسعودِ
 
سرٌّ اليه سرى من دوحةٍ شرُفتْ == تسمو بسعيٍ لها في الناس محمود
 
فاللهُ يحفظه حَلاًّ و مُرتَحَلاً ==  و الله ملجؤنا في كل مقصودِ
 
بالمصطفى المُرْتجى في كل مسألة == وبالنبيِّ سليمانَ بنِ داؤودِ!
 
وفي النهاية ختم الشيخ درسه الرمضانيَّ ليلتئذ بقوله : أما بالنسبة لصاحب القطعة فأقول:
 
قد ضاق وقتي هنا عن بذل مجهودي == حتى أصارفَ منقُوداً بمنقودِ
 
من شَاعرٍ قد نماهُ "خالُنا" صُعُداً == كما نماهُ الامامُ المرتضى "مودي" .
 
أما في البيت الأول فلعل الشيخ يشير إلى قول امحمد بن أحمد يوره:
 
والشعر بالطبع نقدٌ == وبالعَروض عُروض 
 
و هذا البيت من القطعة المشهورة:
 
احذرْ من الخلق طُرّاً == فالخلق طرا عضودُ
 
فمنه بعض أسودٌ == ومنه بعضٌ بعوضُ
 
والناس منهمْ مريضٌ == طبعا ومنهم مَرُوضُ
 
والشعر بالطبع نقدٌ == وبالعَروض عُروضُ
 
أنّي يطول اغتماضي == والأمر فيه غموضُ
 
جرد من الفكر فلكاً == للنائبات يخوضُ
 
فالعولُ فيهِ انقسامٌ == إذا تضيقُ الفروضُ!
 
وأما في البيت الثاني فإن لمرابط محمد سالم يشير إلى الجديْن : الأعلى و الأدنى. أما الجد الأعلى فهو جدنا المختار بن خالُنا و هو عمُّ محمد والد بن المصطفى بن خالُنا المتوفَّى سنة 1789/1212 وشيخُه في العلم الظاهر كما قال أحمدُّ بمبَ بن أحمدْ بن ألمين في كتابه البديع " الصلة المبرورة في شعر امحمد بن أحمد يوره" ، وأمُّ عيال المختار هذا هي جدتنا الناجمَ بنت سيد أحمد بن المصطفى بن أبانحمدْ الجكني كما جاء في أنساب والد وهي أم ابنه عبد الله الذي هو والد جدنا محمدُّ أو محمدِّي صديق القائد الإسلامي الخليفة محمدُّ سيكو بن الحاج عمر تال الفوتي .و أما الجد الأدنى الذي يشير إليه لمرابط محمد سالم فهو جدنا لجهة الأبوين: الشريف عبد الله بن ألفغ مينحنَ بن مودي مالك زوج جدتنا العالمة غديجة بنت محمد العاقل و والدُ بعض من ذريتها. و غديجه هذه هي فلانة المعنية في قول ابن أخيها محمذن بن أحمد بن محمدْ العاقل في قصيدته التي " يحاول فيها مدح عشيرته " كما قال:
 
وما أقرأتْ قوما فلانة قبلنا === على عهد نجل البونِ ممّن يشاهَدُ
 
والمعروف أن من تلامذة غديجة: شيخ الشيوخ المختار ولد بونا المذكور و أخاها العلامة أحمدْ بن محمد العاقل و المامي عبد القادر كنْ الفوتي 1807/1726م رئيس الدولة الاسلامية الإمامية في فوته.
 
أما قصيدة العلامة محمذن بن أحمد بن محمد العاقل المذكورة فهي:
 
أهاجك من خشم " انگُبيْبَ" معاهدُ == عهدتَ بها هيفاً هناك أعاهدُ
 
عفتها الجَذى والنكبُ بعدك والصَّبا == ومَرُّ الليالي ثم برق وراعدُ
 
فها هيَ لا أهلٌ سوى الأُسدِ حولَها == فما ثم موميٌّ وما ثمَّ ماجدُ
 
لعمري لئن عادتْ حديثا كما ترى == ففي كل يوم حبُّها يتزايدُ
 
فلولا اشتعالات المشيب بمفرقي === لما صين من دمع : مذابٌ و جامدُ
 
فدع ما ترى وافزعْ إلى الحق إنه
لأفضلُ ما تُجرى عليه العوائدُ
 
فإنا "بني أبْهنضَ " و الحق أبلجٌ == لنحنُ وربي نحن نحن الأماجدُ
 
فإنا بني أبهنضَ من نكُ حزبَهُ == يقدَّمْ لدى الأندا و يوقى الشدائدُ
 
وفينا لنادي الخمس في الله قادةٌ == ومن يكُ من ديمان للخمس قائدُ ؟!
 
علينا مدار الأمر إن جل خطبهمْ == وإن تُفجِعْ الأعدا فنحنُ الأطاودُ
 
ومنا لأهل الجهل جهل يصدّهمْ == ومنا لأهل العدل عدل يساعدُ
 
ومنا أويسٌ والحسين بنُ هانئٍ == ومنا أساةُ الزيغ منا الجلامدُ
 
ومنا أسودُ الله تبْذل أنفُساً == ليُظهر دينَ الحق من هو جاحدُ
 
ومن يك للإبْرام والنقض غيرُنا == قديماً و ما ناءٍ كمنْ هو شاهدُ
 
وما أقرأتْ قوما فلانةُ قبلنا == على عهد "نجل البون" ممن يشاهَدُ
 
كما أخرجتْ حليا لنوم بنيِّها == سليلةُ سيفِ الله نعم المجاهدُ
 
قواصدُنا لا عن ضلال عزيزةٌ == ودونَ أدانيها تكلِّ القواصدُ
 
تَنافسُنا في الله لا أمرِ جيفةٍ == عليها كلابٌ تبتغي من تطاردُ
 
يسيرٌ علينا ما ينوء بغيرنا == كذلك للأعلينَ تُنمى الفوائدُ
 
فهذا وقد حاولتُ مدحَ عشيرتي == على رغمِ من يبغي ومن هو حاسدُ
 
فمسنونُه الدقيقُ يُعجَنُ في الإنا == ومن زرعِ ما توليه "جُلمٌ "و"راشِدُ"
 
فإن يكُ من " فَزٍّ " فذلك حقُّهُ == وإلاَّ فمن " ازْغَيْمَ ما أنا راقدُ " !
 
و في هذا البيت الأخير صنفان من الذرة جيد ورديءٌ ويشتهر ذلك الرديء في الحسانية  باسم " ازْغيمَ مانِ راگدْ".
 
رحم الله السلف و بارك في الخلَف.
المدير الناشر
أفلواط محمد عبدالله
عنوان المقر ILOT G 122