إكس إگرگ يكتب: الناصريون وهيداله وكابر هاشم وولد بوب جدو

2021-03-01 14:21:00
رفض الناصريون في المنتبذ القصي دعوة العقيد معمر القذافي في العام 1983، للانخراط في حركة اللجان الثورية الليبية.
تخلى عنهم القذافي وتحالف مع الرئيس محمد خونا ولد هيدالة، وبالمقابل نَشِطَ النَّاصريون في قيادة المعارضة، ونجحوا في السيطرة على نقابة العمال الموريتانيين، فضلًا عن سيطرة مطلقة على اتحاد الطلبة الموريتانيين، وشكّلوا خطرا حقيقيا على النظام العسكري الحاكم. .
 
بلغت المواجهة بين الطرفين ذروتها باندلاع انتفاضة ربيع 1984 التي أفضت إلى عصيان مدني كاد يشل حركة البلد ، ووزعت المناشير ووُشمت الجدران بالكتابات وعمت الإضرابات مختلف أنحاء البلاد.
 
أدت تلك الانتفاضة إلى اعتقال قيادات الناصريين وزج بمئات المعتقلين من الأطر والعمال والطلاب والتلاميذ في السجون والمعتقلات، حيث واجهوا مختلف صنوف التعذيب والإيذاء النفسي والبدني.
 
أسفر التعذيب عن وفاة اثنين من مناضلي الحركة النَّاصرية ، هما: المهندس سيدي محمد ولد لبات، الذي لفظ أنفاسه تحت التعذيب بمعتقله بنواكشوط في 13 أبريل 1984، والطالب أحمد ولد أحمد محمود، الذي توفي في مدينة أطار في الثالث من مايو 1984.
 
أودع الناصريون في سجن بقاعدة الهندسة العسكرية (Génie militaire) بالعاصمة في ظروف صعبة وكان من بين المعتقلين الإعلامي والأديب والشاعر الكبير محمد كابر هاشم.
 
حدّث محمد كابر هاشم قال:
كان من القائمين على السجن ضابط صف من مدينة لعيون يدعى امّيّنْ ولد اصنيبه.
 ذات صباح سمعت امّيّنْ ولد اصنيبه يقول إنه نازل إلى المدينة فسألته:
هل تعرف منزل رجل يسمى محمد ولد بوبَ جدّو؟
أجابني: ذاك امّالو واحدْ من أهلي ، أعرفه جيّدا وأعرف منزله الكائن في مدينة (R).
يضيف كابر هاشم: قلت له إن لي إليك حاجة وهي أن تُقرئ محمد ولد بوب جدّو سلامي وتخبره أنني أطلب منه أن يأخذ شريطا جيدا وأن يعد لي هولًا وأن لاينسى (التبيبيات) ، وعندما يصل إلى (رتفد محصر) يخبطو أثلت مرات ولا ينسى أن يقول (اسلامتنا واسعايتنا).
 
لما وصل امّين ولد اصنيبه إلى محمد ولد بوبَ جدّو وأقرأه سلام كابر هاشم تهللت أساريره واستبشر وقال:
الله ابشرنَ وابشرك بالخير هو حي؟!!
 
كان شائعا حينها أن الشرطة أثخنت الناصريين وأن أكثر قياداتهم قضوا في السجن جراء التعذيب.
كانت الدولة بولسيسية والأخبار شحيحة والإنسان يخاف من ظله.
 
قال امّيِّنْ: نعم إنه بخير ويطلب منك كذا وكذا..
قال محمد: سأضع (بلغامة) حالا تحت الشمس (سأشمسها) ثم أردف: متى سترجع إلى القاعدة؟
قال اميّنْ: عند الثامنة مساءً
قال محمد: قبل الثامنة سيكون الشريط جاهزا ويحوي كل ما طلبه محمد كابر.
 
كانت تلك لفتة كريمة ونبيلة وشجاعة في آنٍ معا من محمد ولد بوبَ جدّو رحمه الله ، ومواساة لصديق عزيز سجين ، ورفعا لمعنوياته في زمن عُتوّ زبانية هيدالة وفي عهد يفر فيه المرء من أمه وأبيه وصاحبته وبنيه لفرط الجوسسة والوشاية.
كامل الود
المدير الناشر
أفلواط محمد عبدالله
عنوان المقر ILOT G 122