نص مقابلة مسعود ولد بلخير مع صحيفة القلم الفرنسية (مترجمة)

2020-11-09 09:48:00

أجرت صحفية القلم مقابلة مع زعيم حزب التحالف السشعبي السيد مسعود ولد بلخير مطلع الشهر الجارى، تناولت الحالة السياسية للبلد، بالإضافة إلى وضعية الحزب وحملة انتسابه.

.

وهذا نص المقابلة :

1)   لقد أكملتم للتو جولة في مناطق معينة من البلاد. هل يمكننا معرفة أسباب هذه الزيارات؟ ما الذي يجعل مسعود يتحرك في هذه الفترة من انتشار جائحة كوفيد 19 ومن الخريف، يتساءل البعض؟

مسعود ولد بولخير: لقد أعلنت بوضوح في مهرجان شعبي تم تنظيمه في 23 فبراير 2020 في نواكشوط أن التحالف الشعبي (APP) بدأ حملة للانتساب للحزب وتنصيب هياكله القاعدية في ضوء انعقاد مؤتمره المرتقب منذ عدة سنوات.

لقد استحوذت جائحة كوفيد 19 على حصتها من العزل الصحي، كما استحوذ فصل الخريف على ما يناسبه من حيث مراعاة المخاطر الموسمية التي عملنا بمقتضاها، إلا أنه لا بد من عودة الحياة إلى مسارها الطبيعي.

2)  من خلال لقاءاتكم بالسكان، ما الذي يشكون منه؟

مسعود ولد بولخير: كل السكان يشتكون من عدم استمرارتلبية احتياجاتهم الحيوية، سواء كانت مادية مثل مياه الشرب والمراكز الصحية والمدارس (على سبيل المثال لا الحصر)، أو غير مادية وأخلاقية مثل العدالة في ذاتها، واحترام كرامتهم إضافة إلى إدارة تكون في خدمتهم أو على الأقل تستمع إليهم ...

3)  في مختلف الخطابات التي توجهتم بها إلى المواطنين لم تنسوا التعبير عن رغبتكم في رؤية الرئيس الغزواني ينظم حوارا سياسيا شاملا، و هو الحوار الذي وعدكم به أثناء الحملة الرئاسية و لكن دون جدوى. ما هو التفسير الذي تعطونه لتردد رئيس الجمهورية بهذا الخصوص؟

مسعود ولد بولخير: لا أعتقد أنه وعدني رسميًا بتنظيم مثل هذا الحوار في حال تم انتخابه، لكن ما أنا متأكد منه تمامًا هو أن هذه النقطة التي هي الأولى من مجموعة قصيرة من المطالب ـ حتى لا نقول شروط دعمنا له ـ هي الوحيدة التي لم يطلب منا التنازل عنها لأي سبب من الأسباب ...

تسألني كيف أفسر هذا التردد؟ جاء الجواب من قبل المعني نفسه، فقد اعتبر من جهة أن الحوار "غير مناسب" لأنه، من جهة أخرى، حسب رأيه، "يجب أن تبقى المعارضة حيث هي" كما لو كان الهدف النهائي للحوار هو إذابة المعارضة في الأغلبية!

إنه لأمر مؤسف أن يكون لدينا و نحن على هذا المستوى من المسؤولية، هذا النمط من سوء الفهم. هناك حقيقة لا مراء فيها، وهي أن "الوعود الانتخابية لا تلزم في النهاية سوى الذين يقتنعون بها".

4)  وفي حال وافق الرئيس على طلبكم لإجراء حوار سياسي وطني، فما هي المواضيع ذات الأهمية الأساسية للتحالف الشعبي (APP

مسعود ولد بولخير: لا وجود لموضوع أكثر استعجالا أو أهمية من إعادة تأسيس الجمهورية، لقد أظهرت كل المحاولات السابقة قصورها ، مدنية أم عسكرية أو هما معا:

-                     وضع حصيلة العشرية المنصرمة واستخلاص جميع الدروس وجميع النتائج المؤسسية اللازمة،

-                     صياغة دستور جديد يحمي البلاد بشكل نهائي من أي سوء فهم جديد أو تفسير لمهام ومسؤوليات من يخدمون الدولة في أي مستوى من مستويات الهرم،

-                     التحديد الواضح لأسس الجمهورية كالوحدة الوطنية والعيش المشترك،

-                     التصدي لكل من لا يحترم هذه الأسس بشكل لا لبس فيه، أفرادا وجماعات ومكونات مجتمعية.

5)  منذ أسابيع قليلة، نظم حزب الاتحاد من أجل الجمهورية (UPR)، وهو الحزب الرئيسي للأغلبية الرئاسية، ورشة عمل حول موضوع تعزيز الوحدة الوطنية ومخلفات الاسترقاق. ما رأيكم في هذه المواضيع التي أصبحت، بفعل التكرار حديثا معادا؟ برأيك، ما الذي يجب فعله لتحريك الخطوط بالنسبة لمسألة "الوحدة الوطنية"؟

مسعود ولد بولخير: بكل صراحة، أعتقد أن الوقت قد حان أخيرًا لنا جميعًا للتوقف عن ممارسة سياسة النعامة الشهيرة، والتي تغمض عينيها لكي لا ترى الواقع.

لقد قلت وكررت في كل مكان مررت به أنني، وإن لم أكن أعرف فترة أكثر مأساوية للبلد من العقد المنصرم، فإنني مع ذلك أشكر الله على أن أتاح لنا أن نعيش هذه الفترة وأن نتعرف عليها لدفعنا إلى التبصر أخيرًا ... دعونا نتوقف عن إخفاء الواقع ونجرؤ على مواجهته حتى تتغير الأشياء للأفضل، لأنه، من الآن فصاعدًا، لا يمكن ولا يجوز لنا أن نسقط فنهوي إلى أسفل...

هذا يعني أنه لا شيء لدينا يسير على ما يرام، لا الوحدة الوطنية، ولا حل مشكلة العبودية، ولا العدالة، ولا التضامن، ولا التنمية المؤسسية، ولا الديمقراطية، ولا حقوق الإنسان والمواطن. كل شيء يحتاج إلى إعادة النظر من أصله.

لم تعد الوحدة الوطنية قائمة رغم أننا في الماضي كنا نعتقد أنها ممكنة. لا تزال العبودية موجودة، وكل الأشياء التي كنا نحسبها تمثل تقدما لم تعد في النهاية كذلك.

لا زال الحراطين الذين يشكلون أكبر مكون في البلاد يكدحون من أجل البقاء، محاصرين في محمياتهم دون مياه للشرب، وبلا مرافق صحية، وبلا مدارس، وبلا أرض، وبدون مجال حيوي للزراعة، أو حفر الآبار، أو بناء السدود، وبدون حقوق أمام أسيادهم السابقين الحاليين. يتعرضون لكل هذا بالتواطؤ الآثم من قبل رئيس الجمهورية، و الوزير الاول، وجميع القطاعات الوزارية المعنية، والولاة، والحكام ورؤساء المراكز الإدارية، والقضاة، والنواب، والشرطيين، والدرك، والعسكريين، ورؤساء القبائل، وأخيراً أي مواطن ذي بشرة أفتح قليلاً من بشرتهم بشكل عام.

هناك المئات من عائلات الحراطين محرومة من  استغلال أراض ظلوا يستغلونها لمدة ثلاثة عقود بسبب شكوى من فرد لديه "رخصة مزورة" صادرة عن "سلطة وهمية"، لا تستند إلى أي شرعية قانونية أو تنظيمية تخول لها ذلك، ومثل ذلك قيام السلطات المحلية والإقليمية بردم بئر تم حفرها من قبل الصينيين فقط لحرمان مجموعة من الحراطين، تقطن على مقربة منها، من الحصول على مياه الشرب. يوضح هذان المثالان تمامًا الظروف المعيشية للحراطين في كنف دولة يعتبرونها دولتهم.

حتى المؤسسات والمنظمات التي من المفترض أن تدعم الحراطين نجدها تريد ظهرها لهم لاتفه سبب بينما استمرت "تضامن" سابقاً والآن "تآزر" في لعب دور مكتب لاكتتاب موظفين بأجور مرتفعة موزعة بسخاء ضمن نفس الزبونية السياسية ...

ادعاءات وشكاوى الضحايا لا تتحرك لها أية سلطة محلية أو مركزية ...

هناك العشرات من الأمثلة التوضيحية الأخرى للتعبير عن محنة الحراطين ...

6)  صبيحة الانتخابات الرئاسية الأخيرة، واستجابة لدعوة رئيس الجمهورية لجبهة مشتركة ضد جائحة كوفيد 19، وضعت المعارضة الممثلة في الجمعية الوطنية والأغلبية إطارًا للتشاور. فما هو تقويم التحالف الشعبي لذلك؟

مسعود ولد بلخير: لقد استجبت لهذا النداء مثل كل بقية أحزاب المعارضة التي تراجع بعضها في ما بعد. أنا شخصياً أواصل دون أمل كبير في رؤية الأشياء تتغير بسرعة، لكني لا أفضل سياسة الكرسي الفارغ في المرحلة الراهنة.

7)  ألم يساهم هذا الإطار في إضعاف المعارضة المقسمة الآن بين من يِؤازرون عمل الحكومة في حربها ضد جائحة كورونا، ومن يشككون في ذلك وفي تأثيره؟

مسعود ولد بولخير: أنت محق إلى حد ما، لكن المعارضة ستعود إلى رشدها دائما ، كلما تعلق الأمر بالقضايا الأساسية، و ستعيد تنظيم نفسها.

8)  لقد نفذت الحكومة خطة بتكلف  24 مليار أوقية جديدة. كيف ترون ذلك؟ برأيكم، هل سيكون لهذه الخطة تأثير أكبر من خطة التصدي لجائحة كوفيد 19؟

مسعود ولد بولخير: في هذه أيضًا أعتقد أن السيد الرئيس لم يكن موفقا لأن هذه الأشياء لن تحظى بدعم الجمهور العريض، فالمشاكل الاقتصادية لا تشكل في الوقت الراهن أولوية بالنسبة للمواطنين لأن الوسائل كانت دائمًا موجودة، لكن توزيعها لم يتم على الإطلاق بشكل عادل ومنصف. إن الألوية بالنسبة للجميع و بشكل مصيري هي: إعادة بناء الدولة ومؤسساتها، والشروع في إعادة تأسيس الوحدة الوطنية بشكل صحيح من خلال إقامة ديمقراطية حقيقية تقوم على العدل والحرية والمساواة للجميع.

9)  ما رأيك في تقرير لجنة التحقيق البرلمانية حول تسيير ولد عبد العزيز؟ هل ستتحقق العدالة؟

مسعودولدبولخير: أنالاأرىفيذلكإلاالخير،وأتمنىمنكلقلبيأنتستمرالأمورحتىالنهاية،مععدموجودنيةأخرىسوىإعادةتأسيسالجمهوريةعلىأسستوافقيةعادلةحيث ان حصول الشعب على سيادته سيمكنهمناسترجاعكاملحقوقه.

لقد تدهورت العلاقات بين ولد عبد العزيز وولد الغزواني بشكل حاد منذ انتخاب الأخير رئيسًا للجمهورية. هل تعتقد أن هذه الصداقة التي دامت 40 عامًا قد انتهت وإلى الأبد؟

مسعود ولد بولخير: لن أجيب على هذا السؤال لأنه ما كان ينبغي أن يوجه إلي أصلا.

10)                    لم تكن علاقاتك مع الرئيس السابق ودية للغاية خلال الـ 11 عامًا من الحكم. لكن ألم تفكر في القيام بمحاولة وساطة بين الرئيس الجديد والرئيس السابق؟

مسعود ولد بولخير: هذه المشكلة لا تعنيني ومن المفترض أن لا تهم المواطنين كافة.

11)                   ما رأيكم في الجدل القائم بين من يقولون إن الحراطين مكون في حد ذاته، وبالتالي يختلفون عن البيظان، وبين من يقولون بانتمائهم إلى المجتمع العربي؟

مسعود ولد بولخير: هذه مشكلة مغلوطة. ستتم الإجابة على هذا السؤال يطرحه على العبيد والعبيد السابقين في المكونات الوطنية الزنجية الأخرى، عندها سنجد الإجابة المناسبة لهذا السؤال.

للإجابة بشكل أقل غموضًا، لا أعتبر نفسي بيظانيا (أبيض). لقد ورثت ثقافة البيظان ولغتهم وطريقة حياتهم التي أصبحت الآن ملكي بكل المقاييس وبدون أي غموض. وإذا ما اعتبر الآخرون عروبة البيظاني، فأنا أيضًا عربي. و إذا اعتبر بيظانيا فأنا أشترك معه في  الثقافة الحسانية التي أعتبرها شخصيا، و بكامل الوعي، ثقافة عربية اعتز بها ، فالتاريخ في حركة دائمة. يقال إن ملكة إنجلترا هي من نسل النبي محمد (عليه الصلاة والسلام)، ورئيس الوزراء الحالي للمملكة المتحدة من أصل تركي، والرئيس أوباما كيني الأصل.

أنا متأكد أيضًا من أن غالبية الذين أثاروا هذا النقاش الزائف لم يعودوا يشعرون بأنهم احراطين ، وأنهم قد تنكروا للهوية التي كانت لديهم، أن شغلهم الشاغل هو أن يتحولوا إلى أوروبيين أو أمريكيين ... إذا لم يكن تحولهم قد تم بالفعل.

بالنسبة لي، لست فلانيا ولا سونينكيا ولا وولوفيا.

ومعذلكفأناأحبواحترمكلهذهالمجموعاتلأنهاتشكلمكوناتالشعبالموريتانيكلهالذيانتميإليه.  وكنتفيالماضي،قدتبنيتعلناوإلىابعدالحدود،وحتىأكثرمنهؤلاءأنفسهم،كلالمطالبالعادلةوالمشروعةالتييطالبونبهاباعتبارهاأيضامطالبي.

 

 

12)                   ماذا تبقى من حركة الحر؟ هل يمكنك أن تعطينا لمحة سريعة عن سبب قرار الحراطين بإنشائها في الثمانينيات؟ ماذا كانت انجازاتها؟

مسعود ولد بولخير: حركة الحر لا تزال بمثابة رائدة في مجال المطالبة بالعدالة والحرية والمساواة لصالح الحراطين في موريتانيا والذين اعتُبروا على مر الدهور بشرا ناقصين أو مواطنين من الدرجة الثانية لأنهم عبيد أو أبناء عبيد سابقين. ولدت حركة الحر في 5 مارس 1978.

إنجازاتها لا تعد ولا تحصى، لكنني سأذكر واحدًا فقط: الوعي الجماعي بهذه المشكلة، فهو الذي سيحدد بحد ذاته وجود أو عدم وجود موريتانيا الغد.

13)                   هل يمكن أن توضح لنا سبب عدم مشاركة الرئيس مسعود في تظاهرات البيان من أجل الحقوق السياسية والاقتصادية والاجتماعية الذي تم إنشاؤه قبل سنوات قليلة؟ هل تم استخدامه للدفع إلى الأمام بقضية هذا المكون؟

مسعود ولد بولخير: يجب أن تكون مغفلا تمامًا لتوافق طواعية على استبدال مكانك كرائد مقابل ... لا شيء.

يجب طرح هذا السؤال على "مؤسسي الميثاق".

14)                   من بين قرارات مؤتمركم الأخير، ما هي أكثرها أهمية برأيكم؟

مسعود ولد بولخير:لن يكون هناك ما هو أكثر أهمية من الوحدة الوطنية، وترسيخ الديمقراطية والعدالة الاجتماعية.

15)                   بالنسبة للعديد من الموريتانيين، فإن نظام الرئيس الغزواني، إذا لم يكن استمرارًا لنظام سلفه، لا يختلف كثيرًا عنه. يستمر نفس الرجال في شغل مناصب مهمة بينما هم متهمون في تقرير لجنة التحقيق البرلمانية، والتغييرات التي طال انتظارها لم تأت بعد، والفضائح التي تم الكشف عنها في ظل سلطته لم تتبعها عقوبات ... ؟

هل تشاركون هذا الرأي بعض مواطنيكم ؟

مسعود ولد بولخير: أشاركهم هذا الرأي بالكامل، وللمساعدة في الخروج من هذا الوضع، اقترحت وطالبت بالإسراع بتنظيم حوار شامل.

16)                   لم تكن علاقاتك مع زملائك في المعارضة جيدة على الإطلاق. ما رأيك في أسباب هذا التدابر؟

مسعود ولد بولخير::  لقد أصبحت تلك الأسباب جزء من الماضي، فنحن لم نعد نتحدث عنها و أصبحنا ننظر إلى المستقبل، الذي أراه مشرقا، لأننا بدأنا، شيئا فشيئا، نتعود على التقارب و الحديث معا

17)                   لقد انتقدكم البعض، بما في ذلك من داخل الحزب، لدعمكم أو حتى الدفاع عن نظام ولد عبد العزيز وإنقاذه، فما هو ردكم؟

مسعود ولد بولخير: مرة أخرى، دعونا لا نوقظ الأموات. دعوهم يرقدوا بسلام. سيستمر منتقدي في ما هم عليه طيلة حياتي، وأنا أرجو أن أعيش زمنا طويلاً. إن الأشياء الوحيدة التي دافعت عنها حقًا هي قناعاتي فيما يتعلق بالوحدة الوطنية والديمقراطية والحرية والعدالة والسلام للجميع.

 

 

                      انواكشوطفي01/11/2020

مسعود ولد بولخير


 

المدير الناشر
أفلواط محمد عبدالله
عنوان المقر ILOT G 122