الرائد - خاص - في بداية الألفية الحالية، أحس الأديب المصطفى ولد اتفاغ أعمر أن ليل العمر اقترب، وأنه لا محالة سيودع هذه الدنيا، فما جزع ولا خاف، لكنه استنهض عقله وبنى، من خلال طلعته الشهيرة، صرحا فلسفيا للعمر قسًمه فيه إلى صبح (حيث الآمال والأحلام)، وظهيرة (حيث القوة والمنجزات والنجاحات والإخفاقات)، وعصر (حيث الحكمة والخلاصات)، وليل (حيث النهايات). فحدث نفسه متسائلا عن أزمنته الجميلة أين هي الآن؟ حاثا إياها على التفكير مليا خاصة أن صبح عمره مضى، وظهيرته مضت، وعصره حل، ولم يبق أمامه إلا ليله (أي خاتمة الحياة ونهاية العمر).
.
نذكر هنا أن المصطفى ختم حياته بهذه الطلعة كما ختم بها إنتاجه الأدبي، إذ قالها قبل أشهر قليلة من وفاته في دكار سنة 2001.
حاجلّك دهرَكْ فالعَسْكَرْ=واسْتَطفيلْ ءُ دَهْرَكْ فانْدَرْ
ذاكْ امنَيْنْ؟ ءُ سَهْوتْ لبْحَرْ= ذاكْ امنَيْنْ؟ ءُ عِمانْ السّيْلْ
ذاكْ امنَيْنْ؟ ءُ دَهْرَكْ لَوْخَرْ= ذاكْ امنَيْنْ؟ احْنَ فانْجَرْمَيْلْ
فَكّرْ يَوُلْ اتفاغْ أعْمَرْ= وَاعْرَفْ عَنّكْ ما تَيْتْ اطفيْلْ
خاظ اعليك الصّبْحْ ءُ وَلَّ= ءُ خاظ اعليكْ الزوال اكبَيْلْ
يا لطيفْ! العَصْرْ اصّلّ= ءُ لاتَ كدّامَكْ كُونْ الليْلْ!
وإذا كان المرحوم المصطفى قد وزع العمر إلى أربعة أزمنة، فإن المرحوم بابه ولد هدار وزع الزمن إلى ثلاثة أيام: هي الأمس واليوم والغد:
حَدْ اليوم ءُ هاذَ محتومْ= فالدّهْرْ إلى رَدْ التخمام،
الدّهْرْ ألاّ يامسْ واْليُومْ= والصّبْحْ: الدّهْرْ اثلتْ أيّامْ
ونجد نفس الشيئ لدى زهير بن أبي سلمى:
وأعلم ما فى اليوم والأمس قبله == ولكنني عن علم ما فى غد عمي.