قاسم صالح
الحركة الشعبية التقدمية على خطى عبد الناصر: من يتأمل مبادئ الحركة الشعبية التقدمية يلمس فيها صدى واضحًا لفكر جمال عبد الناصر، ذلك المشروع الذي جمع بين التحرر الوطني، والعدالة الاجتماعية، والسيادة الثقافية، وبناء الدولة المستقلة القوية. ومن هذا المنظور، يمكن تحليل النقاط التالية:
1. تفكيك منظومة الفساد
يرى ناصر أن الثورة الحقيقية تبدأ بتطهير أجهزة الدولة من الفساد والامتيازات، فبغير هذا لا يمكن بناء دولة عدالة. وقد اعتبر (الاستغلال هو العدو الأكبر للحرية).
2. تجذير قيم الإسلام
ناصر فهم الإسلام كمنظومة أخلاقية وروحية تحررية، ترفض الاستغلال وتؤسس للعدالة. لم يكن يوما داعيةً لدولة دينية، بل لدولة مدنية تستلهم روح الإسلام لا تسلط باسمه.
3-4. الاستقلال الثقافي والثورة على العقليات البالية
أبرز شعارات عبد الناصر كانت (التحرر من التبعية، وكان يرى أن الاستقلال لا يُقاس بالحدود فقط، بل بعقول الأفراد)، لذا فإن الثورة الثقافية ضد التخلف جزء جوهري في أي مشروع تحرري.
5-6. استئصال الاسترقاق ومعالجة انتهاكات حقوق الإنسان
ناصر كان أول من صرح علنًا بأن الكرامة الإنسانية لا تتجزأ. وهو الذي قال: (لا يمكن أن تبني مجتمعًا حرًا وفيه إنسان مهان)، فمسألة الحقوق ليست موسمية بل شرط للنهضة.
7. رعاية الثروة البشرية
في الفكر الناصري، الإنسان هو الوسيلة والهدف. ولذا ركّز على التعليم، الصحة، وتمكين الفئات الشعبية لتكون أساس المشروع القومي.
8. الديمقراطية الاجتماعية
ناصر اعتبر أن (الحرية لا تكون في بطون خاوية)، فكان يربط الديمقراطية بالعدالة الاجتماعية، ورفض الشكلانية الغربية لصالح نموذج يوازن بين السيادة الشعبية والتنمية.
9-10. جبهة وطنية شاملة والحوار السياسي
دعا ناصر إلى وحدة الصف الوطني حول قضايا التحرر والبناء، ونبذ كل الطائفيات والجهويات. وكان دائم القول: (لا صوت يعلو فوق صوت الأمة).
11. اقتصاد اجتماعي بثلاثة أركان
هذا البند يُعيد إنتاج التجربة الاقتصادية الناصرية التي قامت على قطاع عام قوي، قطاع تعاوني منتج، وقطاع خاص ملتزم بالخطط الوطنية. وكان ناصر يقول: (ليس المهم من يملك، بل كيف يُدار الإنتاج).
12. تطبيق الحدود الشرعية بعدل
ناصر لم يكن من أنصار الأسلمة الشكلية، لكنه آمن بإقامة العدل والقصاص وفق القانون، مع التمسك بروح الإسلام كضامن للحقوق لا أداة للبطش.
13-14. العدالة في إسناد الوظائف
ناصر رسّخ مبدأ (الفرصة لمن يستحق)، وأسس لمجتمع الكفاءة ضد المحسوبية، وهذا أحد أعمدة الإصلاح الإداري الحقيقي.
14-15. جيش وطني مستقل
ناصر أعاد بناء الجيش المصري ليكون حاميًا للوطن لا طرفًا سياسيًا. وأكد دومًا أن (الجيش للجمهورية وليس لحزب)، وهو ما يتناغم مع مبدأ النأي بالمؤسسة العسكرية عن التجاذبات.
16-17. الدور الحضاري ودعم فلسطين
ناصر جعل من مصر جسرًا بين إفريقيا والعرب، واعتبر القضية الفلسطينية قلب المشروع القومي العربي. قال في خطاب شهير: (من لم يكن مع فلسطين، فقد خان عروبته).
18. أولوية البيئة
رغم أن البيئة لم تكن بندًا بارزًا في زمن ناصر، فإن دعوته للتنمية المتوازنة تحترم الموارد وتمنع استنزافها، وهو ما يتفق مع روح هذا البند.
19-21. الزراعة، الأرض، والملكية
من خلال قوانين الإصلاح الزراعي، حطم ناصر سيطرة الإقطاع، ووزع الأرض على الفلاحين. وكان يعتبر أن (من لا يملك أرضًا، لا يملك وطنًا).
22-24. إسكان اجتماعي وتنظيم عمراني
ناصر بنى مدنًا جديدة، وسعى لتوفير السكن للفقراء. يرى أن السكن ليس رفاهًا بل حقًا وطنيًا، وهو ما تنادي به الحركة اليوم.
25. الرياضة كأداة تربوية واجتماعية
ناصر لم يرَ الرياضة ترفًا، بل اعتبرها من وسائل بناء الإنسان والمجتمع. أنشأ أندية شعبية ومدارس رياضية، لأن (العقل السليم في الجسد السليم) كان شعارًا عمليًا في سياساته.
إن مبادئ الحركة الشعبية التقدمية، حين تُقرأ في ضوء فكر عبد الناصر، تتجاوز كونها مطالب سياسية لتتحول إلى مشروع تحرري شامل، يضع الإنسان في مركز العملية التنموية، ويدعو لتحرير الوطن من الداخل قبل الخارج. إنها عودة واعية لفكر ثوري حي، لا يزال قادرًا على الإلهام والبناء.
قاسم صالح