Oct 23, 2014
تلاسن حاد بين اوباما واردوغان حول تسليح الاكراد في “عين العرب ـ كوباني” ينبيء بأزمة حادة بين البلدين.. فهل هذه الازمة مرشحة للاتساع وما هي انعكاساتها على الحرب للقضاء على “الدولة الاسلامية”؟
ardogan-and-obama.jpg666
الخلافات بين تركيا والادارة الامريكية التي بدأت تطفوا على السطح هذه الايام بسبب كيفية التعاطي مع هجوم قوات “الدولة الاسلامية” على مدينة “عين العرب ـ كوباني”، تتحول الى تلاسن علني بين الرئيس التركي رجب طيب اردوغان ونظيره الامريكي باراك اوباما.
تركيا مترددة جدا في التدخل عسكريا في عين العرب نتيجة للضغوط التي تمارس عليها من قبل الاكراد وحزب العمال الكردستاني بزعامة عبد الله اوجلان الذي هدد باستئناف الاعمال العسكرية وانهاء اتفاقات السلام مع حكومة اردوغان اذا سقطت المدينة، لان هذا التدخل، في حال حدوثه، ودون تلبية الشروط “الاردوغانية” في اقامة مناطق عازلة واسقاط النظام في دمشق، وتسليح المعارضة السورية “المعتدلة” يعني تعرض تركيا لاعمال عنف داخلي من قبل “الدولة الاسلامية وانصارها داخل تركيا وخارجها.
الرئيس اردوغان اختار مكرها حلا وسطا اي السماح لقوات رمزية من قوات “البشمرغة” التابعة لاقليم كردستان العراق (200 جندي) بعبور الحدود التركية، والانضمام الى المقاتلين الاكراد التابعين لوحدات حماية الشعب الكردي، (عددهم 2000 مقاتل) لمنع سيطرة قوات “الدولة الاسلامية” عليها، ولكنه اشتاط غضبا عندما بدأت الطائرات الامريكية العملاقة من طراز (سي 130) بالقاء شحنات اسلحة متطورة الى المقاتلين الاكراد في كسر واضح للتحفظات التركية على هذه الخطوة.
في مؤتمر صحافي عقده الرئيس التركي في ريغا عاصمة لاتفيا التي يزورها حاليا قال “ان تركيا لم تنظر مطلقا بايجابية الى خطوة ارسال امريكا اسلحة الى كوباني لان هذه الخطوة تشكل تجاوزا لتركيا التي عارضتها وتعارضها بشدة لانها تعتبر حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي الذي تدافع قواته عن كوباني حزبا ارهابيا مثل “الدولة الاسلامية” وحزب العمال الكردستاني”.
هذا التجاوز الامريكي لموقف تركيا لتسليح حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي الذي تعتبره انقرة امتدادا لحزب العمال الكردستاني وحليفا للنظام السوري أحدث شرخا كبيرا في العلاقات بين البلدين من الصعب تجسيده، وهو مرشح للاتساع في الاسابيع والاشهر المقبلة، لان واشنطن كانت، وما زالت، تعول على تدخل تركي عسكري ارضي لقتال “الدولة الاسلامية”، وهو ما يرفضه السيد اردوغان بقوة.
الرفض التركي لارسال قوات ارضية ادى الى خيبة امل كبيرة في اوساط الادارة الامريكية التي بذلت جهودا كبيرة لتغيير الموقف التركي هذا، وارسلت جون كيري وزير الخارجية، وبعده تشاك هاغل وزير الدفاع الى انقرة لاقناع السيد اردوغان بالمشاركة، ولكن كل هذه الجهود باءت بالفشل فيما يبدو.
الرد الامريكي على هذا الرفض التركي تمثل في تدخل عسكري امريكي مباشر لدعم الاكراد، ودون التشاور مع انقرة، الامر الذي سينعكس سلبا على العلاقات بين البلدين، وقد يعمق انطباعا سائدا في واشنطن وعواصم غربية اخرى بأن السلطات التركية تدعم “الدولة الاسلامية”.
اتهام حكومة السيد اردوغان بدعم “الدولة الاسلامية” او عدم الرغبة في محاربتها، واختلاق الاعذار لتبرير ذلك من بينها التقدم بشروط تعجيزية حسب بعض التقارير الاعلامية الغربية، ربما يضع هذه الحكومة في موقف دفاعي محرج خاصة اذا وضعت في اعتبارها ان تركيا التي رفضت فتح قاعدة انجرليك الجوية للطائرات الامريكية تعتبر من اقدم الاعضاء في حلف الناتو، وهي تسعى حاليا لتكثيف مساعيها للانضمام الى الاتحاد الاوروبي.
الرئيس اردوغان نفى هذه الاتهامات بشدة، وقال انها محض كذب وافتراء ولا تستند لاي ادلة او معلومات، فتركيا وقفت بحزم ضد التنظيم “الارهابي” مبكرا، حسب اقواله في المؤتمر الصحافي نفسه.
التحالف الامريكي “الخمسيني” ضد “الدولة الاسلامية” بدأ يضعف، ويفقد بعض زخمه، فتركيا عضو اساسي في هذا التحالف، واختلافها مع زعامته الامريكية سيشكل ضربة قاصمة له، وكل الخطط الامريكية التحشيدية لاضعاف هذا التنظيم والقضاء عليه في نهاية المطاف مثلما تأمل.
ماري هارف المتحدثة باسم الخارجية الامريكية قالت بالامس انها ستواصل اسقاط طرود الاسلحة لمساعدة المقاتلين الاكراد في “عين العرب ـ كوباني” في “استفزاز″ واضح للسيد اردوغان، واللافت ان قوات “الدولة الاسلامية” لم تستول على احدى هذه الشحنات التي سقطت في مناطقها مرحبة وشاكرة الخالق جل وعلى، وانما استطاعت تحقيق تقدم في ميادين المعارك وخاصة في وسط وشمال مدينة عين العرب، حسب المصدر السوري لحقوق الانسان، ونجحت في استعادة عدة قرى في ريفها الغربي.
الرئيس اردوغان في ازمة وكذلك حليفه باراك اوباما ولا نبالغ ان كل التحالف الامريكي ضد “الدولة الاسلامية” سيتأثر سلبا من الازمتين بينما قوات “الدولة” تتقدم مستفيدة من كل هذه الازمات.
“راي اليوم”