إكراهات السياق ووصل المنقطع../ د. محمد الأمين الناتى

2017-10-30 07:36:00

 

كنتُ آذنتُ ـ قبْلَ حينٍ ـ بعودةٍ لأَسْتأْنِف أحاديثَ، قد انقطعتْ لأسبابٍ سياقيةٍ، وأخرى ذاتية، وخشيتُ ألَّا يقبل مني بعضٌ العذرَ، إنْ أنا أعدت تعَهُّدا قدَّمتُه لمُرتادِي هذا الفضاء مراتٍ عديدة، ولم أَكُ ميَّالا إلى التسويف، ولا راغبا عن الوفاء بالمُتعهَّد به؛ غيْرَ أن شَرَّ المُعيقات ما يُحَسُّ، ويستعْصِي على المُغالَبة، حتَّى وإن بدا يسيرا، يَستَمرِئ المُغالِب فيه، قولة مُشَاعة في "الفضاء الأزرق" «لا لَوْم عليكم، يغفر الله لنا ولكم».
على أَنَّه ـ وإن كان ممَّا تعَهَّدتُ به أن أهبِط دَرَكًا في مَهاوِي "الخُوَّيْصَّة" ـ فإِنَّ من معاذيري الآن، أنَّنِي تَهَيَّبْت (وذلك بِصِلَة مِمَّا أنا ضائِقٌ به ذرْعًا) أن أواصل الخَوْضَ في وَضْعٍ غلبَتْ فيه المُناكفةُ، والتَّنابُز بالألقاب، ولغةُ التموقُع، وإمْلاءُ المواقف ـ غَلَبَتْ كُلُّ تلك؛ لتَتَعطَّل لغةُ العقل، والتفكير الهادئ، ومفرداتُ التسامح والإقرار، ومنطقُ الحوار والتَّروِّي في المواقف، والتَّمَهُّل في الأحكام.

هذا التهَيُّبُ الذي أقرَرْتُه، ما كان لي أن أذكره في مَسَاق الأعذار؛ غَيْرَ أن لغة التنافُر يكون لها فِعْلُها الأمْكَنُ ـ في بعض الحالات ـ دون أن يَخشَى الراغبون في تجاوزها من أَزَلِيَّة قَمْعِها، ولا حتَّى من قوَّةِ سُلطانِها؛ حين تُسالَسُ، ويُطَأْطَأُ عن صَوْلتِها في عُنْفُوَانِها؛ وذلك ما يُضْفِي على السُّكوت عنها صفةً، هي بسبب من "معنى السكوت عن الإعجاب، في مقابل التعبير عنه".
آ

يَةُ هذا الذي أنا مُحاوِلٌ الكشْفَ عنه، أنَّنِي ـ في خِضَمِّ المُنْزَلَق الذي أَلْمَحْتُ إليه ـ قُبَيْلَ هذه الفقرة ـ وأنا على نِيَّتِي أن أمضي دَرَجًا في تعْرية واقعنا، وما يَنْتابُه من اختلالات، وما يعوق تَطوُّرَه من مُعيقات بُنْيَويَّة، وغياب النظرة الشمولية، وسيادة النهج الأُحادي في تشخيص أوضاعه، ومواجهة مشاكله ـ وعلى غَفْلَةٍ من أَمْري، تَلاحقتْ إلى دعواتُ العضوية، من جهات لم يكن لي بها سابقُ عَهْدٍ.
ما يحمل على الحيرة، أن تلك الجهات، المُعْلِِنَة هُويَّتها في عُمْق الخِضَمِّ المائج، بعضُها أَعلَن عن ميلاده، في أتون الصراع، والذي كان ذا أبعاد فكرية وسياسة واجتماعية؛ وكُنْتُ أَحْسَبُني غَيْرَ دَعِيٍّ، ولا حَمِيلًا في مِثْل هذه الحال؛ حتى أغدو ساقطة، تسعى إليها كُلُّ لاقطة…/ ولعلَّ من الغريب أن القائمين/مُصادِرِي حُقوقِ العُضْوِيَّة في هذه التشكيلات "الفيسبوكية"، لم يحصل لي الشرَفُ بأن كان لي سابقُ معرفة بهم؛ ولم يُرْسِلوا إلى دعوات الانْخِراط، ولا استماراتِ العُضْوِيَّة، ولا ما إلى هذه…

هذه ببساطة كانت من أهم أسْبابِي في الإِعْراضِ عن الحديث، والإِخْلَال بالمواعيد، عَسَى أن تَنْجَلِيَ سَحابَةُ صيْفٍ شحيحةٍ سماؤُه، شديدةٍ لوافحُه…ونِيَّتِي ـ بحول الله ـ عَوْدٌ على بَدْءٍ في الأسبوع القادم.

المدير الناشر
أفلواط محمد عبدالله
عنوان المقر ILOT G 122