إشيب ولد أباتي /
عندما تعلو الأصوات الرافضة لتأييد" إيران" في معركتها الحالية مع الكيان الصهيوني، وهي تقف على خط النار الأول بتسليح المقاومة في غزة، والضفة الغربية، ولبنان، واليمن، وسورية، وهي لعمري مواقف مشرفة من قضية الأمة في تحرير فلسطين، وهذا الإسناد العظيم الذي تفاعل مع معركة طوفان الأقصى المباركين، كما تفاعل معه بلا حدود، الرأي العام في الوطن العربي...
فعلينا نحن الثوريين القوميين، أن نهيب بأصحاب تلك المواقف في موريتانيا، وغيرها من أقطار الوطن العربي من أجل مراجعة تلك المواقف النشاز التي وحدت - ولأول مرة - القوميين، والسلفيين اللذين لم نجد موقفا مشتركا في تاريخ أمتنا الحديث جمعهما على كفر سياسي، كهذا الموقف المناوئ لمعركة الأمة، والقوى المساندة للمقاومة في إيران الثورة …!
لذلك نهيب بالقوميين من أجل أن يراجعوا مواقفهم على ضوء مبادئهم، وأن يشذبوها من النتوء، والأدران التي لحقت بها جراء الغياب عن العمل النضالي منذ ٢٠٠٣م. و ٢٠١١م. وإن يتجنبوا الضبابية في المواقف التي أعماها الوعي القبلي المتخلف الذي تغلب - ربما - على وعي بعض القوميين الوحدويين للأسف الشديد…!
وقد يقول قائل، إن للقوميين ثأرا مقدسا مع الثورة الإيرانية التي دافعت عن نفسها ضد الأنظمة الرجعية التي استعطفت القائد العربي صدام حسين رحمه الله في العراق، وهو الذي أيدنا قيادته التاريخية، ولكن هل نسي القوميون، أن الراحل صدام حسين، فتح صفحة مع الثورة الإيرانية، بانهاء الحرب، وتصالح مع قادة الثورة الإيرانية، ولذلك ينبغي للقوميين أن يبقوا على الخط الثوري الذي تركهم عليه القائد صدام حسين، ولا مجال للأحقاد الدفينة ضد الثورة الإيرانية، لأنها احقاد تعكس تيارا انتكاسيا، نظرا لما لهذا الموقف من تخلف لا يستجيب لمطالب الأمة في هذه المعركة المصيرية الحالية..
ولو كان صدام حسين حيا اليوم،،هل كان سيقف مشككا في هجوم إيران على الصهاينة ليلة السبت٢٠٢٤/٠٤/١٢
أوكان سيصف معركتها الدائرة مع الامبريالية ب" المسرحية " ؟
إن الوقوف ضد إيران حاليا لن يصبح تراثا نضاليا يعزز فهمنا لمبادئ الثورة العربية، وتحديد المواقف التقدمية الصحيحة من تحرير فلسطين، كقضية أمتنا المركزية، كما تفعل الثورة الإيرانية حاليا، بل سيكون الموقف مخزيا، وينم عن غباء ما له من تدارك…!
يا من يناهض المقاومة في فلسطين على أساس الفكر السياسي لحركة حماس، ويا من يناهض الثورة الإيرانية اليوم، وهي تدك القواعد العسكرية الصهيونية في فلسطين المحتلة… إن مواقفكم لمهزوزة من الهجوم الإيراني الأكثر من رائع، بل هي مواقف مخزية، وإن عبرت عن شيء ، فإنما هو حصرا التفكير الارتدادي، الفاقد للبوصلة التي من المفترض أن تحددها المبادئ الثورية القومية، والدفاع عن القضية المركزية للأمة العربية في فلسطين..!
إن الرؤى الثورية عند القوميين كانت - ولا زالت - واضحة في مبادئنا المناهضة للصهاينة، والأمبريالية الأمريكية، وأذنابها في الغرب الاستعماري، وخيانات أنظمة التجزئة التابعة…ولهذا فالمواقف فى حقيقتها، ووضوحها، وعلاقتها بالمبادئ، تتلخص في أن من يعادي الغرب، هو في جبهة الأمة العربية، سواء أكانت إيران، أم تركيا المجاورتين، باعتبار، أن الأمة العربية، اشتركت معهما التاريخ السياسي في حقب تاريخية، والتراث الثقافي، وفوق ذلك المعتقد الديني العظيم الذي جعل منا إخوة في الله، يشد بعضنا بعضا في السراء والضراء..وهذا يدفعنا للنظر إلى الخلافات البينية مع كل من تركيا، أو إيران، كما الاختلافات التي تقع بين أي قطرين عربين، ولا فرق،، وإذا كانت حرب الثماني سنوات ضد إيران، بررت العديد من المواقف القومية تجاه إيران، كذلك الموقف من تركيا في مشاركتها غير المبررة في الحرب على ليبيا، والعراق، وسورية، وتدميرها .. إن المواقف المبدئية، والعملية، لتستحث الرأي العام في الوطن العربي للوقوف مع أبناء أمتنا في فلسطين، والوقوف مع كل من يعادي الصهاينة، ويناهض الامبريالية الامريكية، وهي مواقف استراتيجية، و تكتيكية مؤقتة احيانا ..
وما دامت إيران، تقدم الإمداد العسكري لقوى المقاومة الفلسطينية في هذه الحرب المصيرية التي تخوضها القوى العربية مجتمعة منذ السابع من أكتوبر المجيد - ٧/ أكتوبر ٢٠٢٣م. - لذلك علينا أن نبقى طلائعيين في قيادة الرأي العام العربي وتثويره، ولا نتخلى عنه، فنقصي انفسنا بموقف رديئة، ولأن الرأي العام في الوطن العربي، لم يتوانى عن تأييد المعركة الحالية، وقواها الثورية التي قامت بها، ولم يهتم بالخلفيات السياسية السابقة لحركة "حماس"، لأن المجابهة في ميدان المعركة، هي التي تقرب الأمة من أهدافها في التحرر، والتقدم، والوحدة،، والمجابهة اليومية، تزكي القوى الحية مصداقية، وصدقا، واخلاصا في العمل النضالي…
فهذا جهاد، ودفاع عن الحقوق العربية في فلسطين، وأهلها، وعن الأرض، والعرض، والشرف العربي الذي ضحى في سبيله حاليا مائة الف من الاطفال والنساء في "غزة " وحدها ، وهذه الدماء الزكية، هي اغلى ضريبة للأستقلال الوطني، وتحرير الأمة ، وسقوط الانظمة الخيانية ..
إن المواقف الحيادية، تساوي المواقف المعادية لامتنا، ولمن يساند حقنا في تحرير فلسطين، وهي مواقف مرفوضة مبدئيا، لأنها تعادي تطلعات أمتنا، و تفرغ وعيها القومي من مضمونه،، وهذا الذي ننبه القوميين من أجل تجنبه، حتى لا يقعوا في الأفخاخ التي نصبتها الأنظمة العميلة في الوطن العربي، كما حصل مع بعض القيادات القومية التي فقدت البوصلة في الحرب الرجعية على اليمن طيلة ثمان سنوات، و قد ارتمى خلالها في لعنة " الخيانة" للأمة، بعض القادة القوميين في اليمن، وكان المبرر في نظرهم القاصر، هو مناهضة " الحوثيين"، نظرا لعلاقتهم بإيران، لكن هذا الدرس يجب، أن يتعلم القوميون منه في تلك التجربة الفاشلة، وأن يجنبنا اليوم هذا الخطأ المقيت ، والقاتل لنضال امتنا، لأن كل القوى المناهضة للصهيونية، والامبريالية الامريكية، وهي تناهض إيران، لذات الاسباب، و يجب الوقوف مع الثورة الإيرانية ، ما لم تتراجع عن مناهضة الصهيونية، وامريكا، فتأييدنا مشروط بوحدة النضال المشترك مع من يعادي الصهيونية العالمية، القاعدة الأمامية للامبريالية في كل تاريها منذ احتلال فلسطين..
ولذلك أسأل القوميين من بعثيين وناصريين في موريتانيا، هل توجد جبهة ثالثة لتحديد مواقفكم الثورية بمعزل عن تأييد إيران، والمقاومة العربية في اليمن، ولبنان، وسورية، وفلسطين من جهة، وبين الوقوف على الحافة على طرف جبهة الصهاينة، وامريكا، وأنظمة العمالة في الوطن العربي؟!