د. محمد الأمين الناتى يكتب: في معنى الإعجاب والتعبير عنه والسكوت/1و2

2017-02-27 07:59:00

التواصل الاجتماعي - مثلما لم تستطع الثقافة التي هو أحد مفاعيلها - أن تتخذ له اسما آخر، لا يمكن أن يفرغ (في كل توظيفاته) من بعده، ومن طبيعته الاجتماعية؛ وإذن، فليترفق الراغبون في انتزاع الأهلية، بأن نعلن لهم إعجابنا في كل مرة، وإثر كل تغريدة لهم، أو عقب كل صورة تنشر، أو لوفاة أخ أو أب أو صديق، أو القيام على قبر أحد منهم، أو التماس الدعاء بالشفاء لمريض له، شفى الله مرضى المسلمين، وأقال عثار المنكوبين منهم، ورحم موتاهم أجمعين.

.


علي المغردين أن يتذكروا أن للإعجاب أسبابا، لعل من أهمها أن تشعر الجماعة (المنظومة الوطنية أو القوم أو حتى الإنسانية جمعاء) أن هموم المغرد، أو عدسة المصور بصلة أو بسبب من همومها وأوجاعها، أو أنها متناغمة مع لحن الحياة وأنشودة الوجود في أبعاده المختلفة.
وتتوالى أسباب الإعجاب، بعد ذلك؛ ليكون منها توافر شروط الصحة والجمال، علاوة على التوقيت والسياق؛ لتبدأ الإكراهات التي تفرض على المراد أن يعبر عن إعجابه، أن يتحدد موقفه وفق ما تمليه.
ومن هنا يأتي التعبير عن الإعجاب، أو السكوت عنه؛ ويكون السكوت سكوت إعراض؛ أو سكوت المسكوت عنه.

الاقتضاء والشروط:

العهد فيما بيننا - بداية - أن مدار السطور هو ضوابط التفاعل الاجتماعي، أما تعهدي أنا، فهو أن أتابع - في شكل تدوينات - تتوالى، ما أحاول التذكير به من شبه مسلمات، لولا بعض المسلكيات على صفحات هذا الفضاء لما كان الشعور بالحاجة إلى التذكير بها.

- فرق ما بين الإيصال والتواصل:

الإيصال هو هذا النهج، في التدوين وفي الكتابة عموما، الذي يتوسل به (الكاتب) لإيصال موقف خاص؛ تعبيرا عن عاطفة، أو إبلاغا عن مشكلة ذاتية، أو إشعارا بعبور طقس اجتماعي، وما على شاكلة هذه، مما يتسفل هموم الناس وقضاياهم، إن كان بصلة منها.
وحين يركب الموصل سبيل الاستجداء، واستدرار المشاعر فلذلك معان، تجافي روح التواصل، وتتنكب طريق الإعجاب المرجو؛
وحينئذ تصبح مدعاة للشفقة، أو حاملا على الاستخفاف والسخرية، وإن كان من كريم استجابة لها؛ فستكون صدقة لغير العاملين عليها، والمنتبذ عن الجماعة لا يجمل أن ينتحل صفة المؤلفة قلوبهم؛ وغير خاف أن هؤلاء الجداة يزاحمهم السائلون من أبناء السبيل - حقيقة أو ادعاء - المالئين الدروب المتلبثين لدى مفترقات الطرق.

إذا أصرت هذه الفئة من المدونين على مفارقة السرب، واتكأت على ثقافة الخويصة الغلابة في مجتمعنا، والممكن لها من حين؛ فليجملوا في الطلب؛ وليترفقوا حذار أن يكونوا عبئا فى الفضاء، ينوء به الواقع، المثاقل إلى النهوض؛ أو ليسلكوا سبيل المغالبة عدولا عن المساءلة والمجانفة.
ومعنى التواصل لاحق - إن شاء الله."

يتواصل...

المدير الناشر
أفلواط محمد عبدالله
عنوان المقر ILOT G 122