من هو الشـــــــــاعر؟؟؟؟ / ناجي محمد الإمام (تدوينة)

2016-04-07 06:54:00

تبرز هذه الأيام مسألة مهمة طافيةً على سطح الأحداث ،على شكل مواقف حادة، كعادتنا فى استخدام اللونين القطعيّيْن، و الفسطاطين المتخاصمين أفقيا. والموضوع ، هذه المرة،عن الشاعر و الحكم ,وموقف الأول من الثانى :

.

وكل طرف قد حدد حكمه ونفذه ،لدرجة أن النقاش أضحى بيزنطيا،لا تُرجى منه فائدة، ومع هذا يتواصل حادا كأسنة الرماح في وسائل الاعلام و وسائط التواصل الإ جتماعي ..

وفى هدأة هذا المساء المصطاف ،وقد فتحتُ نوافذي على الأطلسى دون حائل، وأصختُ فلم أسمع إلا ضوضاء محركات تبتعد إلى نواذيبوأو تقترب عائدة منه، وقليلاً من دندنة ابن عوة في حكاياته البتيتية الشجية بدون"شبح".. تأتي من ركن قصي في الغرفة ،وجدتُ أنه علىّ أن أبديَ رأيا لا يلزم سوايَ ،أرجو أن أوفق في إيصاله لمن يوافق مزاجه، بلطف، ومن يخالف هواه، بعطف...فأبدأ بالقول:

الشاعر حقيقةً؟

إن الشاعر صاحب موهبة و علم ،كأي صاحب موهبة وعلم ،يعتريه ما يعتري غيره من ضعف له أسبابه، وقوة لها مسبباتها ،ويتدرج صعودا أو هبوطاً، بغض النظر عن الميزتين ، و برغمهما ،أحيانا كثيرة، لسبب وَجيهٍ بديهي يَتيمٍ هو أن الشاعر بشر مُعَرَّضٌ لشرور النفس و نوازعها..

الشاعر عند الناس؟

إن الناس كل الناس يريدون الشاعر إما إلـَهًا أو شيطانًا ، لأنه عندهم يراوح بين مفهوميْ "الشاعر القوال" (التروبادور في القرون الأوروبية الوسيطة) المدَّاح الذمَّام شاعر القبيلة الذي ينافح عنها بالحق احيانا و بالباطل أغلب الأحايين ؛وبين "الشاعرالحكيم" الذي يضع القواعد الملزمة لأخلاقيات الناس و يسجل مآثر الخالدين بالثناء العطر ويبني أهراما من المبادئ الجليلة هي فهرست ديوان العرب.

الشاعر في "ساكسونيا"

الشاعر في رأي ثالث من تقاليد الشعوب الجرمانية، مخالف لحقائق الأشياء. سنتطرق إليه لطرافته، فمقاطعة ساكسونيا الآلمانية الشهيرة بثرواتها وتاريخها الفكري كان قانونها في التاريخ الوسيط يقرر أن الشاعر ليس كائنا بشريا بل هو "حالة ظلال فكرية" واعتبارا لهذ الحالة الخارقة للعادة فعندما يكون شاعرٌ ماَ فى حالة مساءلة قانونية فإن قانون "ساكسونيا" لا يحاكمه كشخص بل يحاكم "ظله "، ولا تطال العقوبة جسده...

الشاعر كما يجب أن يفهم:

والشاعر في حقيقته "مُبْــدِعٌ"، وقد يضيفُ إلى موهبته ، نادراً ،صفة "حامل الرسالة أو المشروع الفكري"، وفى كلتا الحالتين ينبغي أن يُعامل على أساس اختياره، كأي مواطن آخر، بمعنى أنه ليس ملزما إلا بما يعتنقه من أفكار، وبهذا كان المتنبي مداحاً و قدَّاحا، رغم تناقض حِكَمِه البالغة ورسالته السرية ، التي كان يحمل بين جنبيه ،مع المدح الذي هو شكل من أشكال النفاق، كما كان أبو فراس حسوداً نَمومًا مكَّارًا وافر الكيد للمُبدِعين أمثالِه...وكما كان "بيكاسو" ثوريا إسبانيا عظيما خلد مذبحة "الغرنيقة" بلوحة باهرة لا تقدر بثمن في متاحف العالم، فقد كان مواطنُه "سلفادور دالي" العبقري ذو الشاربين المعقوفين باذخ الفن، ملكيا يمينيا أكثر من "الجنرال فرانكو" .

للشاعر حرية الموقف

لكننا نحن بتأثير من حركة التحرر العالمية و الميراث الحركي لأسماء معينة، افترضنا أن على المبدعين أن يكونوا جميعا أصحاب مواقف تستجيب لأمزجتنا، معارضين و مُوَّالين، وهذا مخالف لطبائع الأشياء ،فلكلٍّ الحقُّ في أن يكون كما يشاءُ حيث يشاء، وليس لأحد أن يحاكمه على ذلك، فكما يوجد مبدعون فى صف الحاكم، ولهم مطلق الحق، فلمبدعين آخرين مطلق الحق في ان يعارضوا، وليس "الموقف" أيّ "موقف"عيبا بل مظنة شجاعة واستقلال ما لم يكن خيانة و طن أو خفر ذمة أو نقض عهد أو خُلف و عد..

الثبات على الخيار

إن محاكمة المبدع ينبغي أن تتم على أساس مدى التزامه باختياراته الأصلية وفي ضوء استمرارية مواقفه المعبرة عنها، واتساقه معها ، فذلك مقياس تجذر القناعة و مسبار الصلابة في الرأي والاستقامة المبدئية، والعيب كل العيب في ممالأة الحاكم أو مسايرة المعارضة دون قناعة وثبات عليها...

وما المرءُ إلا حيث يجعل نفسه " " ففي صالح الأعمال نفسك فاجعل

نقلا عن صفحة الشاعر والمفكر ناجي محمد الإمام على فيس بوك

المدير الناشر
أفلواط محمد عبدالله
عنوان المقر ILOT G 122