حصة الأسد لمخرجي أمريكا اللاتينية في مهرجان فينيسيا السينمائي

2015-09-13 00:41:00

حصدت سينما أمريكا اللاتينية حصة الأسد من جوائز الدورة 72 لمهرجان فينيسيا السينمائي الدولي، بعد فوز مخرجين منها بجائزتي المهرجان الاساسيتين المعروفتين باسم الأسد الذهبي والأسد الفضي لمخرجين من فنزويلا والارجنتين.

.

وفحرت لجنة التحكيم التي ترأسها المخرج المكسيكي الفونسو كوارون (مخرج فيلم "جاذبية" الحاصل على الاسد الذهبي لمهرجان فينيسيا وعدد من جوائز الأوسكار)

مفاجأة كبرى بمنح جائزة المهرجان الكبرى (الأسد الذهبي) لمخرج غير معروف عن فيلمه الطويل الأول، وهو فيلم "عن بعد" للمخرج الفنزويلي لورينزو فيغاس.

إذ لا تضم سيرته المهنية في موقع بينات السينما المعروف باسم(IMDb) سوى هذا الفيلم الروائي وفيلم قصير طوله 13 دقيقة، وشكر من المخرج المكسيكي اليخاندرو غونزاليس انتاريو (الحاصل على الاوسكار وأسد فينيسيا الذهبي عن فيلمه الرجل الطائر "بيردمان") عن مساهمته في فيلم "21 غرام" الذي كتب السيناريو له المخرج الارجنتيني غييرمو أريغا، والذي شكره بدوره ايضا عن مساهمته في فيلمه "السهل المحترق".

وبهذا الفوز يصبح فيلم "عن بعد" أول فيلم من فنزويلا ومن القارة اللاتينية يفوز بجائزة مهرجان فينيسيا السينمائي.

وحصد فيلم "العشيرة" او "العائلة" (The Clan) للمخرج الارجنتيني بابلو ترابيرو على جائزة الأسد الفضي التي تمنح لأفضل مخرج في أفلام المسابقة الرسمية.

Image copyright EPA Image caption المخرج لورنزو فيغاس في المنتصف ومعه الممثلان الرئيسيان في فيلمه "عن بعد" إلى اليسار لويس سيلفا وإلى اليمين الفريدو كاسترو

ويتناول الفيلم مخلفات الحكم الديكتاتوري في الارجنتينن عبر رصد حياة أحد وكلاء الشرطة السرية (يؤدي دوره الممثل غييرمو فرانسيلا) يواصل ممارسة أساليب الاختطاف والابتزاز التي كان يمارسها ابان الحكم الديكتاتوري، فيتزعم بعد التحول الديمقراطي عصابة تقوم باختطاف الأشخاص الاثرياء وأقاربهم وطلب فدى من عوائلهم، ويحول الابتزاز إلى مشروع عائلي مشركا أبناءه في عملياته، ومستفيدا من تخادمه مع الأجهزة الامنية وحمايتها له، إذ يحاول مسؤولون فيها انقاذه حتى بعد أن يسقط في قبضة العدالة.

وردا عن سؤال وجه إلى كوارون عن مدى تأثيره في قرار اللجنة ومنح هذه الجوائز لمخرجين لاتينيين، أوضح أن له صوتا واحدا في اللجنه وأنه "حتى لو أردت (دعم أمريكا اللاتينية) فأن الأمر يستلزم مؤامرة أكبر".

ونجح في فيغاس في أن يدخل مدخلا قويا إلى عالم السينما في محاولته الاخراجية الأولى وفي اختياره العمل في منطقة ملتبسة، وشخصيات لا تكشف عن نفسها ودوافعها بسهولة، تتأرجح بين مشاعر المثلية الجنسية والعقد والمشكلات السايكولوجية والرغبة في الانتقام التي تغلف بغلاف من علاقة إنسانية تنمو ببطء وروية بين أرماندو الرجل الذي يعمل في صناعة أطقم الأسنان، ويتمتع بمستوى مادي جيد وايلير الشاب المنتمي لبيئة فقيرة، الحيوي والنشط والعدواني في الوقت نفسه.

Image copyright AP Image caption المخرج الارجنتيني بابلو ترابيرو الحاصل على جائزة افضل مخرج في المهرجان عن فيلمه "العائلة"

ويبدأ فيغاس فيلمه بمتابعة بطله أرماندو وهو رجل في منتصف العمر لا يستطيع أن يبني علاقة جنسية سليمه بسبب عقدة من طفولته، فيقوم باصطياد شباب من الأحياء الفقيرة يمارس الاستمناء على أجسادهم، من دون علاقة جنسية مباشرة، بعد إغرائهم بالمال.

ويتعلق أرماندو بالشاب الفقير ايلير الذي يعمل في (سمكرة) السيارات، على الرغم من أنه يعامله بعدوانية ويضربه. كما يسرق ايلير نقوده عندما يحاول ارماندو غوايته وأخذه الى بيته، وتتكرر محاولات السرقة والضرب من ايلير غير مرة لكنه في كل مرة يعود إليه مقدما له المال وطالبا صداقته فيما يبدو للوهلة الاولى من دون مقابل.

ويبدأ ارماندو مع ايلير علاقة غريبة قائمة على إغراقه بالعطاء له من دون مطالبته باي شيء، وتنتهي هذه العلاقة بترويض عدوانية الشاب ايلير وتعلقه بأرماندو، وهذا الترويض ما يحرص مخرج الفيلم على تقديمة ضمن قالب مشوق وغامض وبلمسات انسانية معبرة.

ويلعب فيغاس بذكاء على الاختلاف في طبيعة الشخصيتين: تأني وعقلانية وتردد وتخطيط ودهاء أرماندو للوصول إلى أهدافه، واندفاع الشاب إيلير وتهوره ونهمه للحياة وشهوانيته، فهو يقوم بقتل والد أرماندو لمجرد تعبيره أمامه برغبته في التخلص من والده، الذي لا نراه الا عن بعد في عدد من المشاهد في فنادق أو مطاعم اوفلل فخمه ما يوحي بأنه برجوازي ثري

ولا نعرف أي شي عن عقدة أرماندو إزاء أبيه، لكننا نرى صور الام تملأ ثنايا شقة ارماندو.

وبعد قتل الأب يمارس ارماندو وإيلير الجنس لأول مرة، لكن أرماندو لا يتوانى في صباح اليوم التالي عن إبلاغ الشرطة بمكان قاتل ابيه ليلقوا القبض عليه.

وينجح فيغاس في أن يغلف هذه الحبكة البوليسية والطريق إلى الجريمة بحكاية علاقة طافحة بالعواطف والمشاعر الإنسانية المتناقضة.

وقد برع الممثل التشيلي الفريدو كاسترو في تقديم أداء ساحر لشخصية أرماندو، حرص فيه على تقديمه بطريقة حيادية دائما لا تعكس اي مشاعر انفعال او مشاعر انسانية محددة، فبدا وكأنه يرتدي قناعا محددا يكسو وجهة دائما بتعبير حيادي غير منفعل أو معبر عن مشاعر حتى في اشد اللحظات انفعالا (عدا ذلك المشهد الذي ينفعل به ويجرح نفسه بسكين لكننا نكتشف في النهاية أن هذه اللحظة لم تكن انفعالا خالصا بقدر ما كانت للتأثير على الشاب ايلير وكانت حاسمة في قلب موقفه..

المدير الناشر
أفلواط محمد عبدالله
عنوان المقر ILOT G 122