الحمد لله والصلاة والسلام على من بعثه رحمة للعالمين، وختم به رسالته، وشرّفه وكرّمه، وقال في حقه " وإنك لعلى خلق عظيم" وبعد:

.

فإنّ سيد الخلق صلى الله عليه وسلم رزقه الله من صفات الكمال وخلال الشرف ما لم يبلغه غيره ولن يبلغه، وأثنى عليه سبحانه في محكم تنزيله، وزكّى قلبه وبصره ولسانه، فكان كما أخبر عن نفسه وهو الصادق المصدوق: " أنا سيد ولد آدم ولا فخر".

ولقد عرف أهل مكة له صلى الله عليه وسلم هذا الفضل قبل بعثته فلقبوه بالأمين والصادق، وعرفوا له ذلك بعد البعثة لما سألهم صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة: ما تظنون أني فاعل بكم؟ قالوا: خيراً أخ كريم وابن أخ كريم، فلم يمنعهم كفرهم به من أن يقروا بكرمه ورفعة قدره.
ولقد أقر عقلاء الغرب اليوم بعلو منزلته صلى الله عليه وسلم، وأشادوا بأخلاقه رغم كفرهم، لكنّ العقل البشري السليم لا يستطيع إنكار الحقائق والمسلمات، أما من كدّر بصيرته جحود أو حقد أو مسٌّ شيطاني فلا عبرة به:

ما ضرّ شمسَ الضحى في الأفق طالعة == أن لا برى ضوءَها من ليس ذا بصر

وإنه لمما يثير الأسف والحسرة ما يقذف به شرار الخلق من حين لآخر من محاولة النيل من الجناب الشريف وهيهات لهم ذلك:

كناطح صخرةً يوماً ليوهنا == فلم يضرها وأوهى قرنَه الوعل

ولكنّ هذه الظواهر تبين ما وصل إليه أعداء الإسلام من تغرير بضعفة العقول، ومن تشويش على العامة، وتلبيس على من يتعاطون وسائل الاتصال العصرية ويضيعون في متاهاتها.

إنّ محاولة التقرب من الغرب والسعي في نيل رضاه - للأسف - تتم على حساب الثوابت والقيم، وصدق الحق سبحانه: " ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم" نعم إنّ من يريد إرضاء الكفار لا بد أن يدفع ثمن ذلك من دينه ومقدساته، وهذه شنشنات نعرفها من أخازم كثُر!!!
ويومَ بُث الفلم الخبيث المسيء للجناب النبوي- وتتكرر المناسبة كلما نبح هؤلاء الكلاب في محاولة مخفقة لإطفاء نور الله بأفواههم - قلت:

بوِّئتَ منزلةً لدى الخلاّق == عظمى، وذكرك مالئُ الآفاق

في كلِّ حينٍ بالشهادة ناطقٌ == يشدو بذكرك نبرةَ المشتاق

وإليكَ آلاف القلوب تقرباً == تاقتْ، تساق بشوقها السواق

يا سيدَ الكونين، يا أزكى الورى == يا وجهةَ العُبّاد والعشّاق

ماذا تضيرك نزوةٌ من جاهلٍ == حيَوانِ نفسٍ فاسدِ الأذواق

هذا أبو لهبٍ، وذلك عتبةٌ == والهازئون وعصبةُ الفُسّاق

كادوا وآذوْا يا حبيبي جُهدَهم == والنّورُ فيك يزيد في الإشراق

وقريشُ عند البيت كم آذوكَ يا === خيرَ البرية، كعبةَ الأشواق

هلكوا، وأظهرك المهيمنُ واستوى == دينُ الإله على المحل الراقي

كم كنتَ تحلُم حين يجهل فاجرٌ == وتثيب حسنى بغيةَ الإرفاق

لو شئتَ أطبق جبرئيل الأخشبيـــــــنِ على عدوك شرَّ ما إطباق

عطِرتْ بذكرك هذه الدنيا فما == أسنى مقامَك، طيِّبَ الأعراق

فمن اهتدى بهداك عاقلُ قومه == ومن ائتسى بك حاذقُ الحذّاق

ما ذا يَضيركَ ما تلفِّق فرقةٌ === شُذّاذُ آفاقٍ بلا أخلاق

حفظ الإله جنابكم ومقامكم === من كل مجترئٍ على الإطلاق

بأبي وأمي أنت، فاجعلْ سيدي == حبلي بحبلك محكَمَ الإيثاق

وامنُنْ علي بما رجوتُ فإنني == أبصرتُ مدحكَ نافقَ الأسواق

فلأنتَ أكرمُ مَن يرجّي مجتدٍ == ولِما شكوتُ لأنت لي ترياقي

وعليكَ من أزكى الصلاة سحائبٌ == تهمي بكلِّ غداةٍ او إشراق

وحين قرأها أخونا الشيخ الدكتور السيد أحمد عبد العزيز الحداد مدير الفتوى بدائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري بدبي أجازها جزاه الله خيراَ يقوله:

طابت يمينك يا " تمينُ" بما أتت
بل طاب فوهٌ ذاق خيرَ مذاق

نافحتَ عن خير الورى زاكي الحجا
من نوَّر الدنيا بغير شقاق

من علّم الثقلين مِن "نٍ" ومِن  =="قلمٍ" ومن فنِّ الخطاب الراقي

من جاء للدنيا وفيها غيهبٌ === فيها الضلال مخيِّم الأطباق

فيها من الأوثان ما لو كُلِّمت == لم تبد من ضر ولا من راق

يا سيد الكونين جئت معلما == بعد انقطاع الوحي والإشراق

قد جئت بالتنزيل تتلوه لهم === وتعلم الدنيا هدى الأخلاق

يا سيد الثقلين غير منافَسٍ == ما ضركم بـوق من الأبـــــواق

كم كنت تسمع من أذى من جاهل == وتعف عن جهل من الفساق

لم تنتصر للنفس بل لا تنثني == عن دعوة الإسلام في الآفاق

قد كنت في أم القرى تلقى الأذى === فتعف في حلم وفي إرفاق

لم تجزهم يوما على مُر الأذى === بل كنت تدعو الله بالإشفاق

هذا هو الحلم الذي ساد الورى === هذا هو الهــادي من الأعماق

فإذا يجيئ اليوم قِسٌّ هابط === أو مارق الأقباط بالإمــلاق

ليقول إفكا ما له من واقع == أو يفــتري زورا بلا حُــذاق

فيهز وجدان الوجود ولم يكن == يرضى بهذا الزور أي رفاق

إن يأت هذا اليوم في أفك فقل: ==  إني كُفيتُــكمُ من الخــلاق

إني نصرت بنصرة المولى الذي == جعل العِدى بترى مع الإخفاق

إني مع الرسل الكرام علائلٌ == مشكاتنا التنزيل في الإشراق

مثلي كعيسى أو كموسى قبله == بل مثل إبراهيم في الإحراق

ما ضره كيد العدى من مارق == ما زاد إلا الطيب في الإحقاق

فلكم أتى قوم يريد هداية == من بعد هذا الجهر من نزاق

فلذاك نصر الله دوما جاءه == من ماكر لا ينتهي بل باق

صلى عليك الله يا نور الهدى ==  يا سيدي يا زاكي الأخلاق

ما دامت الدنيا عليك تحية  == مني ومن مثلي من الآفاق

ونحن نعتز بما تظهره الأمة في كل مرة من صحوة عاطفيه صادقة ونصرة نبوية عارمة فنتذكر قوله سبحانه: " لا تحسبوه شرا لكم بل هو خير لكم".
نعم إنّ الأمة بحاجة إلى أن تجسد هذه المحبة في حياتها، وتتمثل أخلاق رسولها وسنته وهديه ودله في كل أمورها، ولعمري ذلك هو النصرة الحقيقية، وتلك هي النهضة الباهرة.

وعلى أولياء الأمر وقد أظهروا على الملأ - مشكورين - أن موريتانيا دولة مسلمة وليست دولة علمانية أن يُنزلوا بكل من تسول له نفسه إساءة الأدب أو المساس من الدين ما يستحق من عقوبة، وتلك مسؤولية القضاء وهذه فرصته، وهو الآن أمام المحك، والتاريخ لا ينسى ولا يرحم.

كتبه: محمد عبد الله ابن التمين.