هل التيار العروبي معاد لابناء الجزيرة فعلا؟../ زياد حافظ

2015-07-08 03:29:00

يتعرّض التيّار العروبي لهجمات متكرّرة من أطراف متعدّدة وبحجج مختلفة كثيرا ما تتناقض بعضها ببعض. مؤخرا كان الهجوم على التيّار العروبي بحجة اتهامه بالعنصرية بشكل عام وتجاه الأخوة العرب في الجزيرة العربية بشكل خاص.

.

المقال الذي نشر في صحيفة “الحياة” اللندنية” لأحد أبناء الجزيرة العربية اعتبر أن التيّار العروبي (سمّاه بالقومية العربية) له نظرة دونية لأبناء الجزيرة مستندا إلى بعض الكتابات التي فسّرها الكاتب بالعنصرية تجاه الجزيرة العربية وأبنائها.

استوقفنا المقال لما فيه من إجحاف وتجنّي على التيّار العروبي خاصة أن الكاتب اختزل التيّار كلّه بكتابات شخصيات لا شك أنها مرموقة في الفضاء العربي ولكنها لا تعبّر عن يقين موقف الأكثرية الساحقة للعروبيين (أو القوميين العرب على حسب تعبير الكاتب). فأولئك الكتّاب لهم رأيهم ولكنّهم لا يعبّرون عن مجمل التيّار. ولكن علينا أن نبدي بعض الملاحظات حول ما جاء في المقال المذكور.

الملاحظة الأولى هي الإقرار أن الجزيرة العربية جغرافيا وتاريخيا ولسانيا ودينيا مهد العروبة والرسالة التي نزلت على نبيّنا محمد بن عبد الله (صلى الله عليه وسلم).  كما أن الجزيرة العربية هي مجتمع الصحابة والخلافة الإسلامية ومهد اللسان العربي المبين الذي نزل فيه القرآن الكريم وليس في أي لسان آخر.  فكيف يمكننا ألاّ نأخذ بعين الاعتبار كل ذلك؟

الملاحظة الثانية هي عدم الدقة التي تصدر عن التعميم.  فإذا عبّر أحدهم بطريقته الخاصة فهذا لا يعني أن الجميع يعبّرون بنفس الطريقة.

الملاحظة الثالثة هي أنه غاب عن بال الكاتب بأن هناك مؤسسات عروبية تعمل بشكل دؤوب على توثيق الوحدة بين العرب. فهناك مؤسسة مركز دراسات الوحدة العربية الذي أصدر العديد من المؤلفات وأقام العديد من الندوات والمؤتمرات كان الأخوة من الجزيرة العربية من المساهمين الرئيسيين في نجاح تلك الأعمال وتعميق ثقافة الوحدة العربية.  وهناك المؤتمر القومي العرب والمؤتمر القومي الإسلامي الذي يضّم العديد من أبناء الجزيرة.

فبالنسبة للمؤتمر القومي العربي ومؤسساته من امانة عامة إلى أمينه العام إلى لجنته التنفيذية إلى هيئته العام فحضور أبناء الجزيرة وازن ومميّز. فعلى سبيل التذكير فإن الأمين العام السابق هو الأخ عبد الملك المخلافي من اليمن. أما نائب الأمين العام فكان الدكتور يوسف مكّي من الجزيرة العربية.

والجدير بالذكر أن الدكتور يوسف مكّي نال أكثر عدد الأصوات في الانتخابات الأخيرة للأمانة العامة الجديدة.  كما لا بد من التذكير من مشاركة في الأمانة العامة للكاتب المناضل محمد سعيد الطيّب من المملكة العربية السعودية الذي تمّ تكريمه مؤخرا في دار الندوة في بيروت وبمشاركة العديد من أعضاء المؤتمر القومي العربي ومن أمناء عامين سابقين والأمين العام الحالي.

كما نذكّر أن الأمانة العامة كانت دائما حريصة على تمثيل الجزيرة العربية من المملكة العربية والكويت والبحرين ودولة الإمارات واليمن. أما المؤتمر الأخير الذي عقد في بيروت في أوائل حزيران فإن إدارته كانت تحت إشراف الدكتور إسماعيل الشطّي من الكويت. وأخيرا فالهيئة العامة للمؤتمر تضم العديد من أبناء الجزيرة وبشكل ملفت العنصر الشاب الجديد الذي شارك معظمه لأول مرة في المؤتمر.  هذه بعض الدلائل العينية التي تنقض العنصرية وتؤكّد أن العروبة جامعة لكل الأقطار ومكوّناتها.

الملاحظة الرابعة هي تأكيدنا على العلاقة العضوية بين العروبة والإسلام. فالإسلام يحصّن العروبة من النزعات العنصرية تجاه غير العرب فكيف إذا بالنسبة لسائر الأخوة العرب؟

الملاحظة الأخيرة هي توضيح للمصطلحات. فهناك من يتكلّم عن القومية العربية وكأنها فكر جامد لا يواكب التطوّرات بينما هو نابع عن وجدان أبناء الأمة. فهناك مسارات للعروبة كانت القومية العربية إحدى محطّاتها المنيرة. اليوم العروبة هي هوية وليست عقيدة وروحها الإسلام. فهي تتمحور حول المشروع النهضوي العربي بأبعاده الست أي الوحدة في مواجهة التجزئة، والمشاركة الشعبية في مواجهة الاستبداد، والاستقلال الوطني في مواجهة التبعية، والتنمية في مواجهة التخلّف، والعدالة الاجتماعية في مواجهة الفجوات بين مكوّنات المجتمع، والتجدّد الحضاري في مواجهة التغريب والأسر للماضي.

هذا وقد ساهم في صوغ المشروع مفكّرون وباحثون وناشطون ينتمون لمختلف التيّارات السياسية منها التيّار القومي العربي وسلالاته التقليدية (من ناصريين وبعثيين وحركيين قوميين عرب) ومن التيّارات الإسلامية المتنوّعة ومن اليساريين ومن الليبراليين. لذلك العروبي اليوم يحمل هم جميع أبناء الأمة ويعتبر نفسه مسؤولا عن جميع مكوّنات الأمة. لذلك لا مكان لأي نوع من التمييز ناهيك عن العنصرية.

        الأمين العام لمؤتمر القومي العربي

المدير الناشر
أفلواط محمد عبدالله
عنوان المقر ILOT G 122