"السرد الموريتاني واشكالية التلقى" عنوان محاضرة بالثقافي المغربي

2015-05-21 17:17:00

ألقت الباحثة أم كلثوم بنت المعلى أمس بالمركز الثقافي المغربي محاضرة تحت عنوان "السرد الموريتاني وإشكالية التلقى حضرها لفيف من كبار الأكادميين ورجال الثقافة والإعلام .

. .

المحاضرة، التى كانت ختاما مسكا للموسم الثقافي للمركز الذى يترافق مع السنة الدراسية ، قدم لها الدكتور محمد القاادري مدير المركز بكلمة قيمة رحب فى مستهلها بالحضور قبل أن يطرح جملة من الاستشكالات والأسئلة كتوطئة للمحاضرة .

وهذا ملخص لأهم محاور المحاضرة بلقم الباحثة أم كلثوم نفسها:

ننطلق في مقاربة هذا الموضوع من إشكال محوري هو تلقي النص السردي  مختزلا في القصة و الرواية في الفضاء الأدبي الموريتاني و سيرورته بين القبول و الرفض و ذلك من خلال نظرة استقرائية لسياق تطور هذا النص و علاقته بالشعر و أثر تلك العلاقة في تبلور الإشكال و هو ما يلعب فيه المخيال الجمعي الدور الأساس من منطلق أن الشعر كان ولا يزال المهيمن على ثقافة القوم و إن بمستوى مختلف بل كان الخلفية المؤسسة لجماليات التقبل على النحو الذي أسس لتجذر إشكال تعاطي النص السردي على نحو يصون له من ماء الأدب ما يقيم به أوده . على أن يكون المهاد النظري للحديث عن هذا الإشكال المرور بشكل موجز على أهم التيارات النقدية التي اهتمت بنظرية الأجناس الأدبية بجمالية القراءة أو التلقي خصوصا عند إيكو و بارت و ياوس ... و غيرهم كما عرضنا للبنية الفنية للنص السردي على اعتبار أن تشكلها على نحو يبرز القطب الجمالي  يمنع خيبة أفق انتظار القارئ و التي تؤدي إلى رفضه التجربة الجديدة (النوع) ضمن تجربته الخاصة .. خطة العرض : ــ تمهيد ــ المحور الأول : النص السردي و سياق التطور ــ المحور الثاني : الذائقة الجمعية و إشكال التلقي ــ جماليات تقبل النص السردي ــ خاتمة

 

من شبه المسلمات أن الأدب ذا رجلين عليهما يمشي هما و لا يستقيم أوده إلا عليهما ونعني هنا الشعر و النثر لكن شريطة أن يكون النثر فنيا له مقوماته الفنية و أسسه الجمالية التي بها يدخل حيز الإبداع و يحقق انتماءه إلى الأدب بما هو كائن زئبقي يجد كل واحد منا نفسه مسكونا بهاجس اللهث خلف تجلياته المختلفة بحثا عن تلك المسحة من الجمال و الإمتاع ، و قد ارتأينا أن نحد الموضوع  كما  بأن نقصر الحديث على القصة و الرواية و كيفا بأن نتناول إشكال التلقي تحديدا .. المحور الأول النص و سياق التطور : لقد وجد النثر على هذه الأرض إلى جانب الشعر وجودا هامشيا  يقصر دون حضور الشعر تعاطيا و إنتاجا (المقامات ، الترسل ، الأقفاف ، الفتاوى ) و إن كان ظهور ما يمكن أن يطلق عليه السرد الحديث قد تأخر ميلاده مقارنة بالشعر الذي ظل ديوان القوم و تجارتهم الرابحة في سوق الأدب ، و هو ما ليست فيه هذه الأرض بدعا فيه إذا نظرنا إلى حداثة سن السرد عموما في موازة عمر القصيدة .. أما القصة و الرواية فقد وصلتا إلى الفضاء الموريتاني مع تجربة الحداثة و الانفتاح على الآخر و هنا يمكن أن نذكر ما يمكن أن يكون أول نص قصصي "الركن " للشاعر كابر هاشم 1973 و "عشاء المؤمنين" للمرحوم إسلم بن بيه في نفس الفترة حيث نشرا في مجلة فكر على أن تأتي باكورة الرواية مع أحمدو بن عبد القادر في "الأسماء االمتغيرة" ، ثم تتوالي زخات الغيث السردي على استحياء مع روايات موسى بن أبنو "الحب المستحيل" و "مدينة الرياح" و "الأشباح" للسني عبداوة و "مودة" لمحمد سالم بن الصوفي .. إلخ

و بعد رتابة في هذا الفضاء تأتي العشرية الأخيرة لتشكل نقلة نوعية حيث أوصلت االثورة الرقمية و الحراك الثقافي و الجهد الأكاديمي النص السرد إلى المتلقي و لو كان ذاك اللقاء لماما أو من خلال مخرجات اتحاد الأدباء الموريتانين و نادي القصة الموريتاني ، لتبدأ مرحلة جديدة في التعاطي مع هذا اللون الأدبي .. ــ المحور الثاني : الذائقة الجمعية و إشكال التلقي مما لاشك فيه أن المخيال الجمعي لبلاد المليون شاعر ــ بغض النظر عن صدق هذه المقولة  ووجاهتها أو كفاءة مصدرها ــ يقدس الشعر و يستمرئه و لا يعترف بغيره منافسا أدبيا و هذا ما يجعل تقبل القصة و الرواية أمرا عسير في ها الجو و يحتاج إلى جهد ووقت مضاعفين من أجل كسر الحواجز الوهمية التي تجعله يأخذ موقفا قبليا منهما ، و هو ما بدأ بالفعل حين بدأتا في استقطاب الأنظار تدريجيا حين وجد المتلقي نفسه في مواجهة قسريا من خلال الأعمال الإبداعية و النشاطات الإبداعية الأمر الذي كان بمثابة وخز للذائقة و من ثم مغازلة لإشكال التلقي

و هنا نستأنس بثلاثية العوامل التي اعتبرها الناقد الألماني هانس روبرت ياوس  المسؤولة عن إعادة تكوين أفق انتظار و وجد أن اختلالها يولد ما يمكن أن يعرف بإشكال التلقي  و هي : ـ الخبرة التي يمتلكها الجمهور عن النوع القارئ عن النوع الأدبي ـ التشكيلات الموضوعية التي يفترض في النص معرفته بها و أخيرا مدى التمييز بين اللغة الشعرية الجمالية و اللغة العملية اليومية ، وهو نفسه ما يسميه "وولف إزر" البنية المحايثة للمتلقي وهي الشروط التي يهيئها النص لمجموع قرائه المحتملين ،

و هنا نشير إلى رافدين أساسيين أحدهما ذاتي تمثله جدة النوع السردي و قد أشرنا إليه سابقا و الرافد الثاني ينفتح على بعدين أحدهما يتعلق بالمتلقي و يمكن اختزاله في معضلة غياب القراءة و الثاني يسلمنا إلى آخر المحاور و هو جماليات تقبل النص السردي ، ففي اعتقادنا أن براعة الكاتب و حنكته في بناء النص على نحو يبدي مفاتنه و يغري القارئ أو على الأقل يمنع خيبة أفق الانتظار و التي تؤدي إلى رفضه النوع الجديد ضمن تجربته الثقافية و من هذا المنطلق نلقي بجزء كبير من اللائمة على الأقلام السردية الموريتانية و ليس هذا من باب التحامل و لكن لعله يكون من قبيل الصدق المعرفي و هنا ينترك الباب مواربا على مسألة المجاملة و المحاباة من قبل الناقد التي قد تتسبب في تصوري في عاهة مستديمة للمبدع ترافق إنتلاجه بشكل مستمر و قد يتجاوز تأثيرها السلب ليطال نمو هذا الجنس في هذه البيئة  يكونا تعميقا للشرخ . و خلاصة لما سبق فإننا نعتقد أن احترام القصة و الرواية لمواضعات جنس السرد ومراعتهما لمقولاته الجمالية على أن لا يفهم هذا باعتباره تكريسا لمفهوم الجنس و لا حشر للمبدع في زاوية حادة ، هو الخطوة الأولى في مشوار الألف ميل ، على أن يبقى الباب مشرعا أما المبدع بعد حفاظه على الخطوط العامة للجنس السردي لكي يخرق القواعد و يتجاوز التقاليد لكن شريطة أن يكون ذلك مقنعا للمتلقي و أن يخدم تحاور الأجناس لا صراعها ..

المدير الناشر
أفلواط محمد عبدالله
عنوان المقر ILOT G 122