الأسرة بين شريعة الهوى وشريعة الله../ ذ. محمد سدسنا ولد الشيخ

2023-10-01 08:23:02

إن رسالة مايسمى بحقوق الإنسان ودين الديمقراطية الحامي لها تقوم على عبادة اللذات وإطلاق العنان للغرائز، مايجعل الشهوات هي القائدة بدل العقل والشريعة والأخلاق.

تحكم الشهوات على النحو السالف يلغي تلقائيا ولاية الأب والزوج ومن يقوم مقامهما - ممن له سلطة متأتية من الشريعة الإسلامية والأخلاق- فيتقلص دورهما وينحصر في توفير المتطلبات المادية اللازنة لإشباع تلك الغرائز.

ومن لم يوفق منهما في ذلك فلا مكان له في المعادلة، وعليه أن لا يستغرب تفكك بيت أو تشرد أبناء تربوا في مناخ لا تطبق فيه الشريعة والأخلاق وتتسلط فيه الغرائز والشهوات.

وبما أن العائلة في الإسلام مؤسسة لها مدير ونائبة للمدير وتجمع في نظمها بين العلاقات الشخصية ونظم المؤسسات، ولها اسرار وخصوصيات لا ينبغي أن تخرج عن نطاقها، استوجب ذلك حفظ نظامها بعيدا عن اتباع الهوى، ما خول إدارتها صلاحيات تأديبية وأخرى عقابية.

وتلك الخصوصية تحتم على الدول الإسلامية مراعات تلك الخصوصيات وعدم التدخل فيها بالقوانين التي تقوض صلاحيات ولاة الأمور في المراقبة والمعاقبة.

 ففي الحديث الشريف :

 عَنْ عُمَرَ  عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: لاَ يُسْأَلُ الرَّجُلُ فيمَ ضَربَ امْرَأَتَهُ رواه أبو داود وغيرُه.

لكن الضرب لايتصور اللجوء إليه إلا بعد استنفاد جميع الطرق الأخرى وتصل الأمور إلى المرحة التي لا يبقى بعدها من خيار إلا الضرب أو الطلاق.

 وفي عهد النبي الكريم اشتكى بعض نساء الصحابة ضرب أزواجهن لهن فنصح النبي ﷺ الأزواج وقال: بلغني كذا وكذا، إن أولئك ليسوا بخياركم.

وتعلمون أن القانون لا سلطة له في مجال النشوز، ولهذا كانت سلطة العقاب متاحة للزوج في هذا المجال

قال الله تعالى : وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ [النساء:34]،

من هذا وذاك يتضح خطر استيراد شريعة الهوى وجعلها بديلا لشريعة الإسلام.

قال الله تعالى :

...وَلا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ.... [ص:26]، 

وقال.... وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ [القصص:50].

وفي الحديث الشريف :

 عَنْ أبي يَعْلَى شَدَّادِ بْن أَوْسٍ  عن النَّبيّ ﷺ قَالَ: الكَيِّس مَنْ دَانَ نَفْسَهُ، وَعَمِلَ لِما بَعْدَ الْموْتِ، وَالْعَاجِزُ مَنْ أَتْبَعَ نَفْسَه هَواهَا، وتمَنَّى عَلَى اللَّهِ . رواه التِّرْمِذيُّ وقالَ: حديثٌ حَسَنٌ، وقال الترمذي وغيره من العلماء: معني (دان نفسه): أي حاسبها.

استيراد شريعة الهوى إذن ما هو إلا دعم للشر على حساب الخير في صراعهما الأبدي.

يقول بعض أهل العلم في هذا المجال  : 

-إن الله خلق الحيوانات لها شهوات وليس لها عقل، فانغمست في إشباع الغرائز واتبعت الشهوات.

-وخلق الملائكة لهم عقول ولا شهوات لهم ولا غرائز، فكانوا يعبدون الله لا يفترن.

-وخلق الإنسان مركب له عقل وله شهوات وغرائز ، ما جعله تحت الإختبار ليختار بين الخير والشر.

فالشيطان الذي يقود (الشر) يدعوه إلى الإستسلام للغرائز والشهوات ومحاكاة الحيوانات، بل يدعوه ليكون أضل من الحيوان.

بينما تعاليم الأنبياء التي تدعو إلى (الخير) تدعوه إلى عبادة الله، وأن يعبده كما يعبده الملائكة ، كما تدعوه أيضا إلى التحكم في الشهوات والغزائز من خلال التقيد بتعاليم الشريعة، والتقيد كذلك بالقيود الأخلاقية.

وبه أختم هذا العرض الموجز منبها إخوتي في الإسلام على الخطر الذي يغزوهم في بيوتهم وفي قراهم ودولهم من خلال وسائل لتواصل الإجتماعي ودعاة الحقوق المزيفين وضحاياهم من السياسيين والغوغاء.

 حسبنا الله ونعم الوكيل

المحامي محمد سدينا ولد الشيخ

المدير الناشر
أفلواط محمد عبدالله
عنوان المقر ILOT G 122