حكومة على قدر الوعي، فما المطلوب غير حفظ التوازن في الوعي المشترك؟ إشيب ولد أباتي

2023-07-05 04:03:49

قرأت التقييم  الموضوعي الذي كتبه النائب محمد الأمين سيدي مولود..

وهذا التقييم، كان تشخيصا، حمل قلم صاحبه منشارا،  لا مبضعا لاستخراج  الداء، ولاجتثاثه، ولو كان ذلك غير مطلوب للمجتمع، بل حتى غير مطلوب  تقديم الأدواء غير  الوارد توقعها ممن لم يكن على المنصة، وتم اختياره في التكوينة الوزارية صاحبة التجسيد العملي لمقولة  فليبق "الحبل على الجرار"..!

ولا أظن أن عيادة  الطبابة، ومبضعها، سيقتلع الأورام، والاجسام الخبيثة في هيكل الحكومات التي تحركها جاذبية، ودافعية الجشع،  وليس قوة الوعي السياسي المتجذر، فلا الخبرات  للمجربين، الا  تأكيدا لمصداقية  القول المأثور:" من شب على شيء شاب عليه"، وهذه الخبرة هي مشروط  اندفاعي غريزي لدى المعنيين باصحابها  في عنادهم، مقارنة بعناد   صاحب الشاعر الملتبس ب"ابليسه".." زين لهم الشيطان اعمالهم"( صدق الله العظيم).

 مهما اعتور الحكومات من تساقط، وأخرى تصاعد على مسرح الحياة السياسية،  فالأن افتقاد البرامج الجديدة   تسقط حق المتابعة لصاحب الرهط الجديد، كما لا  أداء سابقا يمكن أن يؤسس عليه في وضع لبنات للبناء التنموي، او الاصلاح التقريعي على الأقل.

اما التغيير، فلعه من مخبئات القرن القادم، لا الحاضر البئيس الذي يبس النبض بمحرقة السياسة  بجفافها القاحل الذي ضرب الحياة بشغف المحبين  لمعشوقتهم "السياسة" التي تتوارى في وهاد التصحر البيئي منذ مئات السنين...

لماذا،  يستحيل أن يراوح نظام سياسي عن المربع الأول منذ الاستقلال المشروط الى غاية الآن؟

      ان البحث عن الاجابة، يتطلب منا النظر  بموضوعية، وتلك تجعلنا ننظر الى كل انظمة الحكم السابقة، على أنها غير مسؤولة بوحدها لتجسيد العجز عن القيام بما يحقق أقل من المطلوب منها...

فهل يجدي في شيء تحميل الرؤساء المسؤولية، او رؤساء الحكومات؟

ان القابلية للاستعمار، هي التي فتحت ابواب وطننا  للمحتلين منذ اول اتفاقية مع المحتل الفرنسي في ١٨١٦م.

وبالمقابل، فإن القابلية للفساد، ترجع الى غياب الوعي لدى الفرد،  والمجتمع..

فهل ترفعوا من مستوى وعي المواطن الموريتاني من أجل تعديل رأيه، وفرضه بالتالي في إيجاد حكومات، ورؤساء في مستوى وعي المجتمع، للاستجابة لمطالب الفرد، والأسرة...؟

فالمجتمع هو المطالب بتحديد مطالبه العامة، قبل ان يطالب  الحكومات  بتحسين الأداء  العملي.. فليتوقف  المجتمع الموريتاني عن تقديم الرشوة  للطبيب، وللمدير، و للبواب في الوزارة،  وللدروس بالساعات الإضافية  للمدرسة الخاصة، وللمشرف على ضرائب الكهرباء، والمياه..

وليحظر المجتمع  توظيف العلاقات الأسرية، والقبلية، والجهوية، والعاطفية،  لأنها ستبقى مخدة المجتمع التي يسند اليها  رأسه في حالتي  الرأحة، والتعب في النوم و اليقظة على حد سواء، و في الحاضر والمستقبل...

فالتصويت حين يتم على أساس الرشوة من التاجر الامي، او المتعلم، المنتمي، واللامنتمي، والتحزب القبلي، والمناطقي..فهذه  مكمن الداء، وسبب الاسباب، او " السبب الكافي" كما يقال. 

فلعلها  المظاهر اللاصقة بالتصور الذهني، اكثر من الصور الخارجية في العلاقات العامة، لذلك نتساءل :

كيف لا تنعكس على اي تركيبة للحكومات القائمة على شجرة العائلة المستوزرة:  الأب في أول نظام سياسي حديث، لم تعرف البلاد مثله من قبل، وربما من بعد، وهو يتسلم وظيفة الأب المحورة حسب معطيات كل فترة. ولأن الجد رحمه كان شيخ قبيلة، أو مترجما، او ضابطا اول،  او شرطيا، او حارس مدرسة في العهد الفرنسي..

فالجد الذي كان يجمع "العشر" للمحتل، ويسجل عدد أغنام وابقار ابن عمه..ليأخذ منه للمحتل الفرنسي،  و مقابل  ذلك، هو هذا الإرث في  التسيير الذي يجري اليوم، وتتأففون من رائحته، وسمومه في الجسم الاجتماعي، والتركيبة الجديدة والسابقة، والاسبق منها في الحكومات التي تمثل مجتمعها أطال الله من عطائها المحدود في نظر الحساد، والمحرومين بالوراثة، وبالتكسب معا.. 

فمتى تواجهون الواقع بشجاعة ( المرابطون ) ، لا بجبن احفادهم، او بغير استخراج مثالب الوزراء، وذلك لا يجدي، بل الأجدر من ذلك والمطلوب العملي، هو: تعديل الوعي السياسي، لتجاوز مخلفات الماضي الموروث، والقيم المحنطة كالمومياءات المندسة في ثنايا الوعي العام، والوعي الخاص في علاقاتهما الحميمية..؟!

أليس الاحزاب  يزيد  تعدادها على ٢٥ حزبا، هي:

 قبلية، 

وجهوية، 

ومشخصنة  من جهة قادتها الذين يرمزون ل" شيخ القبيلة، " و" شيخ أدباي"، وتختصر مطالبهم   في ملء جيب  دراعة كل واحد، حتى يعود إلى منزله، ويظهر  نعمائه على نفسه، والأقربين، فتخر  رقاب الضعفاء له  بلا فضل لهم عليه ؟!

أليس هذا هو الوعي الحاضر اليوم، ولا يمكن ان يتمخض عنه، الا حكومات من جنس وعي الحراك السياسي الحالي، كما السابق على عهد شيخ "أدباء" ، وشيخ القبيلة...؟!

لقد غابت الاحزاب السياسية التي تؤسس على رؤى وطنية، قومية ، وحل محلها احزاب استنفاعية، تجارية، واخرى فئوية، وأخرى عرقية، و"ثالثة الأثافي" احزاب لشخصيات نافذة " إثنية" ، تعبر عن علاقاتها بالنظام على اساس الطافئة العرقية، والعلاقات مع الحكومة، والاحزاب الأخرى   فوق الطاولة الآن، ولم تبق علاقاتها بالعرقيين، والفئويين تحت الطاولة، كما السابق، حيث، يكاد المجتمع أن يخرج كل  اثقاله من مثالب ..!

فأي برناج لحزب سياسي، لا يطرح ثلاثة مبادئ تشكل المشترك  العام الذي يدافع عن ثوابت الاجتماع ويحفظ  توازنه،  في:

# - الوحدة الاجتماعية للمجتمع 

# - الوحدة الجغرافية

# - النظام السياسي الجمهوري..

وهذه مقومات للوعي العام والخاص،، وهي مبادئ استراتيجية..

فهو حزب  استعبادي، يتاجر بالبشر تحت لافتة  التنافس، والدعاية المزيفة الكاذبة..

والسؤال المهم استيعابه هو :

هل الأولية للحقوق المدنية للمواطن، او للحقوق السياسية للمثقفين، والنخبة السياسية بمعنى،

هل على المواطن أن يطالب بالعدالة الاجتماعية، او يستسلم للكذب السياسي، والدعاية المزيفة  لاعطاء صوته لمن سيبيعه، والاستنفاع به  في اطار " العولمة": وتبعيتها في  استيراد الحرية السياسية للنخبة غير المثقفة، والتي حل محلها في البرلمان رهط من التجار والسماسرة؟

إن معظم المجتمعات النامية، ومنها مجتمعنا الذي يبحث مواطنوه عن العدالة الاجتماعية في الطبابة، و الضمان الاجتماعي، واستحقاق كل المواطنين  للدواء مجانا، وبناء المستشفيات التي تحول دون اللجوء  الى المستشفيات في  الاقطار المجاورة، حيث استغنى مواطنوها عن الانتقال برضاهم الى الخارج..خلافا لمجتمعنا الموريتاني.

إن العدالة التي يعض عليها بالنواجذ تتحقق في توفير الماء الصحي، وتعليم الابناء، وبتقريب الإدارة من المواطن، والمساواة بين المواطنين، حيث يقف الكل في الطابور، كما في المستشفى، كذلك في الإدارة، ورقمنة الأخيرة..

ثم خلق مشاريع تنموية توفر العمل للمواطنين...

متى يمتلك المواطن الوعي في معاقبة  رموز الحكومات  التي لا تقوم بواجباتها، ويسقطها بعد أن خذلته بالكذب عليه في - الانتخابات البلدية، او الجهوية، او التشريعية، او الرئاسية - المرة السابقة، أما هذه، فعليه أن يعرب عن وعيه، وعن استحقاقه في الانتخابات، و"يحمر عينه"  لمن كذب عليه سابقا...

.....

لماذا تظهر أسوأ ظاهرة سياسية في بلادنا، وهي سيطرة التجار الكبار ومتوسطي الدخل، وقليلي الدخل على البرلمان، المؤسسة التشريعية، وهم  لا يعلمون كنه الاتفاقات  المبرمة مع الشركات التي تتعاقد مع الحكومات، لاستخراج الطاقة، وتكون النتيجة المأساوية، أن شركات الاستخراج، تأخذ (١٥٠) مليون دولار   في حين، أن الريع العائد الى الخزينة الموريتانية، لا يتجاوز( ١٩ )مليون دولار..

ولماذا؟

  لأن الوزير ، تم شراء مواقفته بالملايين، وفتح له حساب خارجي ووضعت له الرشوة المالية فيه كرصيد ثابت... والمشرع جاهل، لأنه اصبح تاجرا، يبصم بالعشرة على الاتفاقيات، لأنه يعتقد بسذاجهة - ان احسنا التقدير -  أن تلك الاتفاقيات أريد منها  استخراج الطاقة  للصالح العام، ولتغيير وجوه البؤس العام والخاص...!

المدير الناشر
أفلواط محمد عبدالله
عنوان المقر ILOT G 122