ما هو 'الحل القومي' لتحرير فلسطين من البحر الى النهر؟ / - إشيب ولد أباتي

2023-01-01 14:08:12

فى كتابه" التقدم على الطريق المسدود، رؤية قومية للمشكلة الفلسطينية"  -  PDF تنزيل مجاني -  قدم الدكتور عصمت سيف الدولة رؤية، في شكل مقالات نشرت في حلقات على صفحات جريدة السفير اللبنانية  سنة ١٩٧٤م. وحذر من الطريق المسدود الذي سيعترض نضال الأمة في فلسطين بقيادة مظمة التحرير الفلسطينية، ويؤدي الى انحرافها، والانكفاء في زوايا مظلمة  لا مستقبل لها في نضال الامة بعد اعتراف الأنظمة العربية العميلة في الوطن العربي، ولأنهم سيحاصرونها مع الصهاينة، والغرب.. ولذلك طالب قوى الثورة العربية باحتواء منظمة التحرير الفلسطينية، وفك الحصار الإقليمي عنها قبل الانقضاض عليها...

 وكما هو واضح فإن هذه الرؤية، كانت قبل الاحداث، والتطورات التالية ، حيث كتب ما يلي : - عن منظمة التحرير الفلسطينية -  "  إنها ستصل الى مرحلةٍ تضطر فيها لمواجهة : الأعداء، والأصدقاء، والأشقاء  في وقتٍ واحد . وللخلاص من هذا المأزق ، بل وقبل الوصول إليه ، فإنه دعا الثورة الفلسطينية الى التخلّي عن إقليميتها ، والإلتحاق بالخط القومي العربي".

 وقدم  رؤية  تحررية، قومية من وجهة نظر الوحدويين  الناصريين في دراسة تاريخية، وتحليلية، وتنظيرية استشرافية لحل قضية القضايا في صراع  الأمة العربية مع اعدائها  من التخلف الداخلي،  والهيمنة الخارجية،  وتحرير فلسطين من الاحتلال..

وكتاب، كهذا يستحق القراءة ، والمراجعة الدائمة لفهم الحالات المستجدة، والاسترشاد بما فيه من حلول توجه أجيال الأمة العربية لامتلاك الرؤية في مواجهة التحديات لمختلف الحالات،  والظواهر المستجدة  المتعلقة بنضال الأمة من أجل توسيع الرؤية، والاطلاع العام عليها من طرف الشبيبة العربية، وذلك في سبيل  التبصر  الرشيد، و لتوظيف التطورات  خلال التجارب التي واجهت  فيها الأمم الحديثة، والمعاصرة تحدي الاستعمار في مراحله الامبريالية منذ  القرن التاسع عشر الى الآن...

وإذا كان التقديم الأكاديمي كثيرا ما، يهتم بالتوصيف، والمراجعة للكتاب في ابوابه، وفصوله،  وعناوينها، وتقديم فهارس، وذلك في سبيل اطلاع القارئ على محتوى الكتاب ..

فإن منهجية  هذا  التقديم على الرغم من قيمتها، الأ انها تجعل من التقديم غاية، بينما نحن نرى في تقديمها مسعى،  يكون التقديم  وسيلة لطرح رؤية قومية لقضية تحدد مصير الأمة في حاضرها، ومستقبل اجيالها،  الأمر الذي يستدعي  من القارئ  طرح الأسئلة النظرية في الواقع حول التحديات الراهنة، وفي مختلف اقطارنا، وليست فلسطين استثناء، فحسب، والبحث عن الإجابات  المتوقعة من بين ثنايا الكتاب، فإذا وجدت - إجابات -  فكان بها، وان لم توجد، فالأولى بنا البحث عنها في غير ما كتاب، وتقديم الرؤى الأكثر مقاربة لفهم واقعنا، ومواجهة تحدياته، واستشراف المصير الذي ينتظر مستقبل امتنا العربية ...

ومن أولى الإسئلة، السؤال التالي:

١- هل للأوضاع الحالية  لإحتلال فلسطين،  أثر  على الأمة العربية في وجودها بغض النظر عن تأثير الاحتلال على أهل فلسطين؟

ويجيب الدكتور عصمت سيف الدولة على أن احتلال فلسطين، أريد  منه، القضاء على أهم عوامل التكوين، والتطور الذي اجتازته الأمة العربية منذ خمسة عشر قرنا،، وهو،  وحدة الجغرافية العربية الموحدة للأمة،، وهذا العامل يعتبر في تطور الأمم من العوامل المؤسسة للأمة، سواء ، أكانت حصلت على التمكين  من إقامة دولة الأمة، ام في دولها القطرية...

وقدم مثالا من التاريخ العربي في الاحتلال الصليبي لفلسطين خلال مائتي سنة(  من ١٥ يوليو ١٠٩٩م  إلى  ٢٠ يوليو ١١٨٧م)، حيث لم يكن للأمة العربية قدرة على التطور في ظل التفكك، والانهيار الذي استغله الاحتلال الغربي، ورسخه،  الا بعد تحرير  فلسطين، حينها انتظمت العناصر الدينامية، الفاعلة  لتحريك عوامل التاريخ المشترك في التطور، واستعادة دورها في الثقافة، كما في القيم، وعلوم اللغة، و المواضعات الاجتماعية، حتى القيادة  السياسية الموحدة...

ومن ثمة،  فإن التأثر بالاحتلال، ونتائجه، تعمل على ترسيخ التفكك، والتشرذم، و الضعف الذي يجب أن  يتحول الى قوة  ليواجه بها إن لم تتجاوز قوة المحتل، فعلى الأقل ان تساويها، وفي الاتجاه المعاكس للتفكك، والانحلال، ومظاهرهما المستشرية في النفوس، والفكر، و المجتمع، وفي صفوف الحركات السياسية العربية، والأنظمة التابعة، الراكعة حد الخوف من سلطان الاحتلال...

٢- السؤال الثاني:

 هل الاعتراف بالكيان  السياسي للصهيونية العالمية في فلسطين المحتلة،  يترتب عليه التزام على الأمة العربية في الحاضر، والمستقبل، حتى ولو كان  المعترفون من  ضمنهم  بعض الأنظمة السياسية   في القطرية العربية المهزومة؟

 إن الاجابة على هذا السؤال، سننهي بها المقال الأول ويليه مقالات اخرى، وذلك  بقصد الإحاطة بما في الكتاب من محددات للرؤية القومية لتحرير فلسطين من طرف ابناء الأمة العربية من المحيط الى الخليج..

 وهذا المقال الاستفتاحي للقراءة التي عرفنا على  منهجيتها الى هذا المستوى التوضيحي، وما  نبحث عنه في الكتاب، لأكبر المفكرين القوميين عقلا راجحا، ورؤى واضحة لفكر القومية العربية في مجاليه:  النظرية، والممارسة.. 

إن احتلال فلسطين، تم  وفق مخطط الامبريالية الغربية، اثناء تداول مراكزها لحماية  قاعدتها العسكرية الاحتلالية في فلسطين،، وذلك خلال قرن من تطور الاخير - الاستعمار - في شكله الامبريالي .

ففي بداية الاحتلال الاستعماري الحديث في القرن الثامن عشر،  وضع أساس أولى للتحالف الفرنسي ، الصهيوني من أجل إيجاد مستعمرة يهودية في فلسطين، وكان الاحتلال الفرنسي في العام ١٧٩٨م، لمصر وفلسطين يهدف  للتمكين من السيطرة  على ممر قناة السويس   حيث أكدت الوثائق التاريخية، أن اغنياء اليهود،  هم من أغروا " نابليون " بذلك التحالف المؤامراتي، لاحتلال مصر، كعربون تحتاجه فرنسا،  ثم اعطاء  الصهاينة " المال " للحكومة الفرنسية، الذي صادرت به وعي الأمة الفرنسية، وحولت فكر ثورتها السياسية، الى غلاف مغالط يمارس تحته الاحتلال، والقتل، والاستعباد في افر يقيا، ومصادرة الثروات الطييعية في الشام ولبنان، والمغرب العربي، كما سلح الصهاينة الجيش الفرنسي للقتال خارج القارة الأوروبية...

ومن بعد الحرب العالمية الأولى، تم تقسيم الوطن العربي إلى مستعمرات، وكان الانجليز من اكثر المحتلين خبثا،  لطمس، اخفاء المؤامرات التي قاموا بها ضد الأمة العربية في فلسطين،، ففي الوقت الذي كانوا  قد  احتلوا فلسطين ١٩٢٠م، واطلقوا وعد "بلفور "المشئوم،  فإنهم رجعوا لتقنين احتلالهم ( الانتداب ) باقراره من طرف عصبة الأمم المتحدة  في يوم (١١ سبتمبر ١٩٢٢م)...!

الأمر الذي طرح - و يطرح - السؤال حول أي قيمة للأعتراف الدولي للمنظمات والمؤسسات التي تدعي حماية السلم العام،  وصيانته، ثم تتناقض مع مبادئ السلم حين اعترفت - وتعترف -  بالكيان الصهيوني، وتكفي أدواجتها المفضوحة  لتأكيد  امر واحد ، ألا وهو التبعية للغرب الامبريالي، وعدم الاستقلال في الرأي، وفي المواقف  للدول المستقلة،  كما تدعي لنفسها..؟!

ومن هنا، فإن  الاعتراف بالكيان الصهيوني، وهو بقدر  تجريده  للرؤية القانونية من حماية الحقوق لابناء الأمة العربية  في فلسطين،  فهو  لا يقدم حماية للصهاينة على أرض العرب، وذلك تحت قاعدة " فمن يعطي لمن لا يملك "...!

ومن اعترف بالكيان  الصهيوني، فقد ألزم ارادته السياسية بالتبعية للغرب، ومؤسساته المنحازة من اجل مصالحها الاستعمارية، و تخليها عن رعاية السلم الدولي،، ولم يكن  الدافع للطرفين،  الا المصالح المشتركة، وغياب المسؤولية،  والجهل بطبيعة الاحتلال، كدور الاستعمار الغربي في احتلال اراض المجتمعات منذ القرن السابع عشر ، كاستراليا، وامريكا الشمالية، وكندا، حيث دمرت المجتمعات، وقامت عليها كيانات احتلالية في اطراف المعمور،،  

لكن هل يمكن أن تتكرر هذه التجارب المأساوية،  فتنجح في قلب الوطن العربي، وهو مركز الحضارات الانسانية منذ فجر التاريخ الى يوم الناس هذا...؟!

إنه لمن سابع المستحيلات أن يبقى الاحتلال الصهيوني  في قلب الوطن العربي( فلسطين)،  إنه  الجهل ذاته بتجارب التاريخ الانساني، والتغييب المستحيل لدور العرب في صيرورة هذا التاريخ الحضاري، و لا يستغربن أحد، أن يجهله الأبعدون من قيادات الانظمة المتحالفة مع الامبريالية الامريكية، أو بتأثير الدعاية الصهيونية العالمية..

فقد جهل هذه الصيرورة، بعض الحكام  في اقطارنا العربية، وهم  يدعون استقلالها منذ ١٩٥٦م، كالأنظمة في المغرب، والسودان، ومصر، والأردن، والإمارات، وسلطنة البحرين، ومنظة التحرير في رام الله، وهي  بلا مؤسسات تشريعية، لأنها لا تمثل دولة، ولا شعبا، ولا تحالفا سياسيا، ثوريا، كما كانت  فتح قبل " أوسلو" ، حيث اعتبرت مشروع حركة للتحرير، فأزيل الهدف الذي قضت عليه الانتهازية، والاستنفاعية لدى الأفراد قبل ان يخولهم الشعب الفلسطيني صوته الانتخابي، وكيف له ذلك ، وهو تحت الاحتلال، ولا معنى لاعطائه  سلطة التمثيل لمن يتآمر على فلسطين مع الكيان الصهيوني..

لكن ما قيمة هذا الاعتراف قانونيا، وسياسيا بالكيان الصهيوني في فلسطين؟

فإذا كانت فلسطين  - وهي كذلك - خارج سلطة هذه الدول، كما هي خارج سلطة الاقطار العربية التي ورطتها حكوماتها بالاعتراف..

فلا مسؤولية، تلزم أهل فلسطين، وابناء الامة العربية حتى داخل القطر الذي اعترفت حكومته بكيان غاصب، أقام علاقته بهذا الملك، أو ذاك الرئيس المستسلم ، والخاضع لأوامر الامبريالية في التحالف مع الكيان  الصهيوني تحت مظلة  التبعية المشتركة، و العمالة المقيتين...!

اخيرا:

كان مقال الكاتب المغربي عبد السلام بنعيسى في موقع " رأي اليوم"  المنشور بتاريخ ٢٠٢٢/١٢/٢٧م مستفزا للقوى العربية المناهضة للوجود الصهيوني، على الرغم من أن موضوع المقال، هو  للتنبيه من مخاطر الأستفزاز الصهيوني، والمغالطات التي عمل عليها ما يسمى" رئيس" الكيان الصهيوني في محاولته توظيف علاقة المغرب الرسمي تجاه الصهاينة من أصول مغربية عربية...

لكن الكاتب أورد  لغة مائعة في فقرتين من مقاله: الأولى جاء فيها  " الرئيس الاسرائيلي..." وهذه لغة مدانة بكل معنى الكلمة،  لما فيها من اعتراف صريح، لم يتحفظ صاحبه عليه بوضع  علامات التشكيك "،،" لعدم الاعتراف برئيس العصابات في الكيان الصهيوني، لا كدولة، لانها بلا أرض، وانما كمستعمرة، ستحارب،  حتى يزال  وجودها العسكري، والبشري من على خارطة  فلسطين..

 ولم، ولن  يعترف كاتب عربي يمتلك ناصية وعيه،  ويعبر عن طموحات مجتمعات أمته في تحرير فلسطين، مادام الليل، والنهار، يتجددان الأمل في المستقبل لهذه الأمة العربية العظيمة..

فكيف لكاتب عربي مناهض للتطويع، والاستسلام الخياني " التطبيع"  في مستوى عبد السلام بنعيسى، أن يقدم رموز الكيان الغاصب بلغة راقية..لا تحدد المجرم، وطبيعة كيانه، ووظيفتهما...؟

الفقرة الثانية: جاء فيها في  " فجر الاستقلال"، فوصف الكاتب بداية احتلال فلسطين، وإقامة المستعمرة الصهيونية،  بالفجر، والاستقلال..فأي استقلال؟!، وأي فجر قصدت يا كاتب، وانت تدعي التحررية، ومناهضة الاستعمار، والاحتلال الصهيوني؟! 

 هذا تغليف لغوي زائف، لأن هذا كيان  غاصب، ومحتل، ولا بد من إخراجه من فلسطين التي احتلت بظلم، واجرام  في غفلة من الزمان العربي ، وفي ليل الاحتلال الدامس، حالك السواد...!

(يتبع)

المدير الناشر
أفلواط محمد عبدالله
عنوان المقر ILOT G 122