لماذا مناصر بأثر رجعي؟! ( بمناسبة ذكرى عيد الاستقلال٦٢) / إشيب ولد أباتي

2022-11-29 07:10:44

عندما يطلع  المتصفح من القراء على المقالات المنشورة في مواقعنا الافتراضية، فإن أول ما يلاحظه،  هو تلك الطفرة من النزعات الذاتية التي تطفو على وعي اصحابها، كما تطفو قوارب الصيد الخشبية التي توجهها تيارات البحر، اكثر من المجاديف الموجهة  في أيدي اصحابها للدافع عن النفس، قبل الدفاع عن القوارب، وهذا كحال بعض  الكتاب،  تجده في كتابته  يدافع عن  موقفه، اكثر مما يدافع عمن كان يتصيد له بالدعاية الرخيصة لاستمالة  اتجاهات الرأي العام الوطني.. والدفاع من هذا التوصيف،  يوصف  بالضعف، خلافا للمبادأة بالهجوم..

 وبدلا من ابداء الرأي  لتجنب رهط من كتابنا، في اتخاذهم مواقف هزيلة،  كان الأولى بهم، أن يتقبلوا التوجيه، بينما رفضه  المقدم من طرف  زملائهم الناصحين، وذلك دفاعا عن وعي المواطن الفطري بحقوقه المدنية قبل الحقوق السياسية التي يجر اليها من طرف الاحزاب الانتهازية، وكتاب الدعاية،  فيدل على تأثر الأخيرين  بالنوازع الذاتية التي، لا تخدم  الأهداف المجتمعية  المنشودة في الكتابة، إن على مستوى الكاتب  الذي نصب نفسه موجها،  ومرشدا، قبل أن يبلغ من التوجيه والإرشاد في التعليم، والنكوين السياسي ، المستوى الذي  يؤهله لذلك..

وليس من المتوقع أن يخلع أحد من الكتاب قميص الاشهار، الدعاية،، لأن ذلك يفترض وعيا غيريا، مستوى من الأثرة،  في حين أن الهوى الغلاب، هو الإيثار، واقتفاء مسالك  النخبة الفاسدة قبله دون أن تتوفر  شروطها العديدة فيه،  وليس منها مظاهر  الدعاية التي هي بمثابة" حمار العقبة" لاتباعها في الدفاع عن مصالح  الجميع، والتظاهر بالدفع  بسفينة الحكم  لكل  من أنظمتنا السياسية السابقة  العتيدة..

 ويأتي تصنيف، تأثير الكتابات على القراء دون اعتماد أي مقياس لاختبار مستويات الوعي، والتأثير، كمستوى من التعويض" الفيشية"، واعطاء الأولوية للجزئيات في الواقع الاجتماعي المتشظي، بدلا من الاسترشاد  بالوعي الفطري إلى أن" التدبير" السياسي مطلب للجميع،  والنظر اليه، يستدعي إعادة التأهيل في أقسام العلوم السياسية والقانونية..

 ويا كتابنا المحترمين، إن  الأمر يتعلق بفهم منظومات سياسية  إيديولوجية التي تقدم حلولا عامة، تستهدف:

١- " العوامل الرئيسة":  كنظام الحكم، وبرنامجه التطويري، واصلاحه الإداري، والمالي، والاقتصادي، وحماية مصادر الثروة من النهب، وتطوير بنيات التعليم، والتأهيل المهني، والصحة المستدامة، وليس الموسمية المحصورة بتوقيت الحملات الانتخابية التي لم تقرأ ابجدية الخدمات الاجتماعية ..!

٢-  الحد من" العوامل الدخيلة"  التي فرضتها التبعية لقوى الخارج، حين  جعلت بلادنا  مدخلا  للحديقة  الخلفية لفرنسا وامريكا...!

٣- ويأتي دور الاهتمام ب"العوامل التابعة"،  وهي ، المظاهر  الماثلة على عجز  النظام  السياسي  الذي، هو كالمريض الذي  يتداوى، ب"التفتفة"، او " التفلة" ، و بتحريك حبات المسبحة للتعمية، ( البركة)، أو تقسيم وقت الكتاب  للإثارة ، كنهج أشاعته امبراطورية  قناة "الجزيرة" المتأمركة، وطاقمها الوظيفي لحرق أعصاب المواطن العربي بالإثارة "العصابية"- بضم العين- ...!

.........

وفي موقع " اقلام حرة " التنويري ، قدم أحد الكتاب رؤيته لنظام الحكم السياسي بلا أسس، يركن عليها زواياه، واقصد بذلك  المرحوم المختار ولد داداه،، ولعل الزميل ، أراد، أو لم يرد احياء نظام حكمه، كبديل لنظام الحكم الحالي، والا ما المبرر للكتابة عنه، واستحضاره، على مبدا استقرار  التاريخ لاستخلاص العبر، والاستفادة منها حاضرا،  او مستقبلا..

وقد طرح الكاتب، عملية الانتقال من النظام البرلماني إلى النظام الرئاسي، ولعل الكاتب مطالبا في أن يتبين، يعرف الفرق بين نظام تعدد الاحزاب في الدستور  لنظام الحكم الرئاسي ، وبين النظام البرلماني البديل للنظام الرئاسي الذي لم يكن لفرنسا أن تقبل به  الانجليزي الأصول الذي يعطي الصلاحية لرئيس الحكومة بدلا من رئيس الدولة، لأن ذلك يفقد فرنسا خاصية "النموذج" ،القدوة التي فرضتها على اتابعها في مستعماراتها من اوطاننا العزيزة.

وبعد هذا التصحيح الأولي، يأتي التنبيه الى أن الذي ينبغي معرفته،  كذلك أن الذي كان مشرعا "نظريا"،  كتعدد الاحزاب في الدستور، تم التراجع عنه  قبيل أن يصدر المرحوم المناضل الوطني الثوري "بوياكي" جريدة  طبع بعض أوراقها،  لكن نظام الحكم اصدر  القرار بحظر الاحزاب، والتراجع عن (الخطأ ) في التعددية الحزبية، وكأنه زلة بقلم المشرع -  زوجة المرحوم  الرئيس -  او لسان،  ويمكن الرجوع إلى مقابلات التاجر" ولد سيدي بادي" في برنامج "الصفحة الأخيرة"،  كما كتبها في مذكراته المطبوعة..

اما بخصوص، تسامح رئيس الدولة مع المعارضة، وللقارئ أن يسأل الكاتب المتنور،  هل كان ذلك التسامح الذي سمع به في محيطه، حصل مع المعارضة الداخلية، حتى قبيل إقامة نظام الحكم، حيث استدعى " بوياكي" الى العاصمة، ولما اظهر معارضته لاستقلال مشروط، فتم نقله وأفراد من فريقه،  وحجزوا في ثكنة عسكرية، حتى أعلن عن الاستقلال، ثم استقدموا بعد فرض امر الواقع ...

ولن نعطي للحوادث تفسيرا، وانما الاشارة فقط  الى أن  احتمال تصفية" بوياكي"  ربما يكون مشروعا في مجال السياسة،، ما لم يكن لدينا الدليل المادي للتأكد من صحة الشائعات التي ترددت عن قتله - بوياكي- بالسم خلال إحدى العزائم في قصر الرئاسة التي أشار اليها ولد سيدى بادي...

 وكان من المهم الاستفادة من قراءة التجارب السياسية بحيادية الباحث عن الحقائق التاريخية،  لأن ذلك يقدم معلومة صحيحة، او استنتاجا موضوعيا،،او حكما مؤسسا على معطيات تكشف الخفي، او المخفى، المدثر في صفحات التاريخ القريب...

اما أن يتناسى الكاتب الكريم هذه الاستدراكات  تحت دوافع أقربها إلى تغليب التحيز، هو أن نظام الحكم، بل نظم الحكم السابقة - وربما اللاصقة -  كانت جزءا من المجتمع القبلي، ولم يكن من اهتمامات القادة، التفكير في قيادة الحكم لنظم المجتمع العام، أحرى، أن يتجشم  وضع خطط لتطويرها، واستشفائها من علل التخلف، والأمراض، والجهل، والمجاعات المتكررة .. والشهادة الوحيدة التي يمكن أن توزع درجتها على كل الرؤساء بالتساوي ، هي :

 الحد من الحرية، وتكميم الافواه، بدءا بحجز المعارضين في الثكنة مؤقتا، والحملات التشويهية لهم، كعملاء للخارج، وفرض عليهم مواقف لم تكن في تفكيرهم الوطني،، وذلك بدلا من استمالتهم للمشاركة في الحكم، لو كان الأخير،  يقوده قادة لنظام سياسي وطني عام، لا رجل  قبيلة، لم يتورع عن الثأر للفرنسيين باعدام الوطنيين، فيما عرف ب"عمارت النعمة"، وتاليا قتل العمال في مدينة ازويرات..

 اما " الخطوة "الشمشونية" القاضية على الجميع، و ما نجى من نتائجها الاستناد الى فرنسا في قتلى العمليات في الصحراء، وموريتانيا.. !

وقد فتحت التجربة السياسية السابقة، شهية القتل للمدنيين على مواقفهم السياسية   في سجون هيدالة واجرامه في حق الحراك السياسي الوطني والقومي، الذي قاده الناصريون، والبعثيون في عهد معاوية الذي قتل،حتى على الهوية الإثنية،  والنتيجة انه لم تقم للحراك  السياسي قائمة، واستعيض عنه بحثالات الاحزاب الكرتونية  الاستفاعية،  وآخر السخرية عليها دوليا،  توزيع  الوظائف الفخرية في عواصم الامبريالية الغربية، ك"دمج" المناضل الليبرالي" احمد ولد داداه"   في صفوف " الاشتراكية الدولية" في اجتماعها الحالي في "مدريد"، وهو الذي لم تأت كلمة الاشتراكية على طرف لسانه في أي خطاب سياسي له منذ أن اصبح معارضا لاسترجاع نظام الحكم لمجتمعه الخاص، وكأن المجتمع  الموريتاني"ضيعة" من الرقيق، لو صدقنا مقولة  أن " هاذ انصيراتي أعطاهم لي مولانا"، قد ذهبوا حقا، وحقيقة...!

 وليس من المستغرب ان يأتي الاجراء السياسي  سيئا، فأسوأ،  لانظمة الحكم التالية، وهي بمثابة النتائج المتضمنة في المقدمات، ناهيك عن عدم إتاحة الفرصة لبعض أنظمة الحكم المتخلفة التي بدأت  بتسريح الموظفين من الوظيفة العمومية على أساس التعصب لاصحاب الطريقة الصوفية، ولا زال الحبل على الجرار الى نهاية القرن الحالي حسب المعطيات السابقة..

والخلاصة التي لايختلف عليها الا جاحد من كتابنا،  او الذي اعماه التعصب، عن  الاعتراف بأن القواسم  المشتركة  في سياسة كل القادة من الرؤساء السابقين، الأموات منهم، والأحياء هي ، -  حصريا - في:

١- اعطاء  الحرية في الجهل، بدلا من مجانية التعليم، واجبارية التعليم الأساسي،  والاعدادي المعمول بها في جميع الاقطار المجاورة..

٢-  والولاء القبلي المتبادل بين نظام الحكم، ومحيطه القبلي... !

٣- وتكوين احز اب على مبدأ استرجاع الحكم المغتصب من المجتمع الضيق...!

٤- وسياسة التدوير لحصر التعيين، وتوزيعها على أغصان وفروع  شجرة العوائل من جذعها،  شيخ القبيلة، جامع"العشر" في فترت الاحتلال المباشر، وهذا يؤكد عدم وجود قطيعة مع الماضي، ولا التمكين من فنه مع الاجيال الميتة..!

٥- ابقاء النظام السياسي تابعا للنظام القبلي ..!

  ٦-  إفراغ النخبة الوطنية من وعيها الوطني، والقومي، واستبداله بالوعي المناطقي، والفئوي التراتبي، والعرقي ، والاستئثار بالمصالح الشخصية،، وهذه كلها تقوض الوحدة الاجتماعية، والجغرافية، ونظام الجمهورية الذي بدونه ترجع البلاد إلى نظام الأمارة، والحروب الاهلية، لا قدر الله.. 

فهل من وقفة لمراجعة المواقف، والوعي، وإعادة النظر لإيجاد الرؤية الضامنة للتطور،، وانتهاج مخططات للتنمية المستدامة، والاستقلال، لا التبعية..؟

المدير الناشر
أفلواط محمد عبدالله
عنوان المقر ILOT G 122