فؤاد البطاينة: مهلا حماس لا نريد تاريخاً أسود يتكرر مع ثورة الشعب الفلسطيني

2022-10-26 20:03:20

إن كل ما يجري من أحداث تشغل الساحة الدولية أو تشعلها لا سيما التي صنعتها أو أثارتها أو أثرَتها الحرب في أكرانيا، كلها وغيرها لا يجب أن يكون بأقل من حافز إضافي لبناء وتعزيز المقاومة الفلسطينية حصرأ. لا شيء إطلاقاً يغني عن هذا. فليس هناك من عدالة على المعمورة تتقدم على أولوية القضية الفلسطينية. لا دولة صديقة أو حرة ولا مقاومي العالم يستطيعون فعل شيء داعم أو مسند للشعب الفلسطيني في تحرير وطنه بدون وجود مقاومة فلسطينية فاعلة، هذه رسالة الشعب الفلسطيني حين يفتح أبواب عرين الأسود.المقاومة الفلسطينية مرت في عصر ذهبي في الستينيات من رحم الفشل العربي وانتزعت خلال فترة بسيطة التفهم والتعاطف الدولي والقرارات الأممية النوعية بكافة ملفات القضية الفلسطينية وشرعنت دولياً حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وانضمام منظمة التحرير الفلسطينية كمراقب في منظومة الأمم المتحدة وجعلت من الدول المعترفة بها تفوق الدول المعترفة باسرائيل. إلّا أن هذه المقاومة تراجعت كفكره استراتيجية للتحرير هيكلةً وممارسة بتأسيس سلطة أوسلو. بينما كانت حينها المقاومة الغزية الاسلامية (الجهاد ثم حماس) قد قطعتا مرحلة في تعزيز وجودها على أسس لم تعد حماس تتمسك اليوم ولو بواحدة منها بدءا بالتنكر لفلسطين المحتلة كوحدة واحدة من البحر للنهر وما تبع ذلك من تلاق مع سلطة أوسلو وانغماسها معها بالخلاف على السلطة،.المقاومة التي يخوضها اليوم الشعب الفلسطيني تحت الإحتلال الصهيوني تنقلب على هذا الواقع وتحيل كل ما حملته ملاحم وأساطير الحضارات من خرافات وبطولات مسرحية إلى حقيقة على أرض فلسطين. وتجعل من الشعب الفلسطيني سيداً لتاريخ نضال البشرية من جديد ومن فلسطين عرين الأسود. إنها ثورة شعب الأبطال وملحمته التاريخية الحقيقية التي أشابت الدهر ولم تُشب. إنها ملحمة وجدان الأمة لتحرير فلسطين الوطن والدين، ولتحرير العقل والوعي العربي بآلية الإيمان، هزأت الإحتلال وعرت الطواغيت والطغاة وجبروتهم، وجعلت من سلطة أوسلو وحكام العرب بخونتهم المطبعين ومن غيرهم الذين لا يقدمون للمقاومة الغزية سوى الكلام أصفاراً بلا قيمة ولا وزن أمام الإحتلال والعالم، لكن الأمر يتجاوز ذلك.

دعونا من المجاملات فهذه الثورة ثورة الشعب لا يُمكن أن تُترك، ولا أن تُختطف. إنها ثورة الضمير الفلسطيني التصحيحية لمسار المقاومة الفلسطينية. إنها بوصلة فلسطين وصرخة باستحالة توحد الشعب الفلسطيني إلاّ على نهج المقاومة، ولا خطاب للمحتلين وللعالم إلّا بنهج المقاومة التحريرية وإلا فنحن نطعن بالقضية وبحقوقنا الوطنية التاريخية. فطرح الحلول السياسية كحل الدولتين مثلاً هي مهمة العدو الصهيوني المحتل، هو من يلجأ لطرحها. ولن يفعل هذا إلّا تحت ضغط المقاومة وسقفها الذي لا يكون إلا التحرير الكامل. هذه الثورة هي بوصلة وحدة فصائل المقاومة، نعم القضية عربية ولكن قضية تحرير وطن محتل لا قضية مساومة.لا حرج عندي من مطالبة قيادات حماس باسم كل الأحرار أن يعودوا لمسارهم من مربع عام 1987 وأسس بناء حركتهم الجهادية التحريرية التي نسفوها كلها خطوة وراء أخرى، نرحب بعودتها لسورية ونرفض منها ومن سوريه أن تكون عودة في سياق تسويق نفسها كنظام سياسي فلسطيني في غزة يتناطح مع سلطة رام الله على تدجين حلول الاستسلام ويتلقى التعليمات من أنظمة التطبيع التي تنبذ المقاومة للإحتلال. إن كل متابع حيادي يتابع تطورات سلوك حماس العسكري والسياسي المتراجعين يواجهه تساؤل ، هل أصبحت حماس تَستخدم المقاومة ورقة لغرض فرض نفسها على إسرائيل والأنظمة العربية بغية تزكيتها لتكون نظاماً فلسطينيا عربياً استسلامياً جديداً في فلسطين أم نظاماً فلسطينيا يشكل الدولة الفلسطينية في غزة؟.نرى قيادة المقاومة الغزية وحماس بالذات في تراجع باتجاه استنساخ سيرة قيادة فتح في التنكر لأسس منظمة التحرير ما قبل أوسلو والتي تأسست عليها أيضاً حماس بوجه إسلامي، وفي اختطاف غضبة وثورة قواعد الشعب الفلسطيني. قيادة حماس تنشط في سياسة التراجع واللعب على الحبال متجاهلة قواعدها وما يجري من ثورة الأسود بالضفة والداخل الفلسطيني والإمعان بإسهامها في تآكل وحدة المقاومة الغزية بعد أن كنا نتوقع اندماج فصيليها الرئيسيين.. أمر خطير أن لا نرى وحدة المقاومة تتجسد على أرض فلسطين واحدة، وأن تُترك عرين الأسود وحدها في الميدان. عرين الأسود يا سادة إطار مطور في المساحة والأدوات عن انتفاضة شعب تحت الإحتلال لا يمكن التشكيك بشرعيتها دوليا أو عربيا وانخراطكم بها يضحد شيطنة الشياطين لمقاومتكم. وإلّا فحذاري من استخدامها ثانية بالوأد. فخذلانها أكبر طعنة في وحدة الشعب الفلسطيني ووحدة قضيته ورسالة خطيرة للمحتلين والطغاة. وحذاري من إعاقة نجاحها بتفكيك سلطة أوسلو ومن خذلان قواعد فتح المنحازين للثورة، ولا نريدها أن تكون ترجمة سريعة لبيان الجزائر على أنه فتوى لتزاوج المتناقضات. المقاومة الغزية تُدجن في وقت عصيب. المقاومة الغزية ليست بخير ومن. يقرأ تصريحات النخالة العلنية على الجزيرة يضع يده على جرح المقاومة والقضية والشعب. ويستطيع أي كاتب أن يقدم ورقة عن كل جملة من حديثه سواء الصريحة منها والدبلوماسية ففيه الرؤية السياسية الواضحة من رحم الحقيقة. ثورة الشعب الفلسطيني في عرين الأسود بحاجة ماسة لوحدة المقاومة الغزية. وإيران بزخمها هي المؤهلة والمطالبة باستخدام وساطتها وتأثيرها لتحقيق هذا الغرض وإلّا فنحن بالمحصلة بانتظار احتمالات كلها سيئة، فهل ننتظر الإقتتال القاتل بين الفصيلين بانعكاساته على الشعب الفلسطيني بالضفة وداخل الخط الأخضر، أم ننتظر المؤامرة العربية لمحاصرة حركة الجهاد لجرها لمنظومة الاستسلام ؟..كاتب وباحث عربي

المدير الناشر
أفلواط محمد عبدالله
عنوان المقر ILOT G 122