عندما يرفض زعماء الإمارات والسعودية الرد على اتصالات هاتفية من رئيس الولايات المتحدة، ويرفضون طلباته للمساعدة في خفض أسعار النفط، ولا يدينون الغزو الروسي لأوكرانيا، وعندما تستضيف الإمارات الرئيس السوري بشار الأسد في أبوظبي، تكون بالتأكيد ثمة أزمة كبيرة في العلاقات الأمريكية- الخليجية.
هذا ما كتبه الباحث فراس مقصد في صحيفة "وول ستريت جورنال"، متوقعاً أن يتفاقم هذا الأمر هذا في الأسابيع المقبلة إذا اقتربت الولايات المتحدة من إبرام اتفاق مع إيران بشأن برنامجها النووي يرفع العديد من العقوبات عن الجمهورية الإسلامية. ورأى إن الطريقة التي تتعامل بها واشنطن مع هذا المأزق ستشكل مستقبل المنطقة ومكانة أمريكا فيها لعقود.
تنويع الخيارات
ولفت الكاتب إلى أن شركاء أمريكا في الشرق الأوسط توصلوا بشكل عقلاني إلى أنهم بحاجة إلى تنويع خيارات سياستهم الخارجية بالنظر إلى إحجام واشنطن عن الوفاء بالتزاماتها الدفاعية. وأكدت المشاهد الدرامية للخروج الفوضوي للولايات المتحدة من أفغانستان أن أمريكا في حالة تراجع. وبالنسبة إلى المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة على وجه الخصوص، كان عدم وجود رد أمريكي ذي مغزى على هجمات الطائرات بدون طيار التي ترعاها إيران على المطارات والمنشآت النفطية في عامي 2019 و 2022 بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير.
عد الهجوم الكبير الأخير في يناير (كانون الثاني)، لم تسمع الإمارات العربية المتحدة تعليقاً من كبار المسؤولين في الإدارة الأمريكية، وعندما قام الجنرال فرانك ماكنزي، قائد القوات الأمريكية في المنطقة، بزيارة أبوظبي بعد ذلك بأكثر من ثلاثة أسابيع، رفض ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الشيخ محمد بن زايد مقابلته. وتحولت المخاوف حيال التزام أمريكا إلى مشاعر غضب. ثم عندما أراد بايدن الاتصال بالإماراتيين لطلب المساعدة في خفض أسعار النفط بعد ذلك بأسابيع، لم يكن نظيره الإماراتي على السمع.
افتراضان خاطئان
ورأى الكاتب أن سلوك إدارة بايدن تجاه دول الخليج تتعارض مع إستراتيجيتها للأمن القومي التي تؤكد على تنشيط التحالفات والشراكات الأمريكية. واعتبر أن لدى فريق بايدن افتراضين خاطئين، هما أن صعود الصين وعودة روسيا كمنافسين من القوى العظمى يستلزم إعادة تقويم من الشرق الأوسط إلى جنوب شرق آسيا والآن إلى أوروبا الشرقية، وأن تحقيق انفراج مع إيران، بدءًا باتفاق نووي، سيجعل المنطقة أكثر استقراراً
بالنسبة للمسؤولين الأمريكيين، فإن هاتين الفرضيتين تكملان بعضهما: الانسحاب الأمريكي من الشرق الأوسط يجب أن يجعل إيران أقل عدوانية. وفي المقابل، سيتيح الانفراج بين الولايات المتحدة وإيران لواشنطن مزيداً من الوقت للتركيز على التهديدات الناشئة في أماكن أخرى. ظاهرياً ، يبدو أن هذا ترتيب مربح للجانبين حيث أن المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وبالتالي إسرائيل ستستفيد نظرياً من التزام إيراني بوقف التصعيد.
لكن الكاتب يرى أن هذه الاستراتيجية مبنية على أسس خاطئة. في الواقع يعتبر الشرق الأوسط "الغرب المتوحش لتنافس القوى العظمى" وفقًا للجنرال ماكنزي. وهو يقع عند مفترق طرق ثلاث قارات ويضم ثلاثاً من أهم الممرات البحرية في العالم، وهو منطقة حيوية للتجارة العالمية والتجارة. كما أنه يمثل حوالي نصف احتياطيات النفط العالمية وأكثر من ثلث إنتاج النفط.
تعديل مواقع
ولفت مصدر إلى أنه لا تستطيع الولايات المتحدة الانخراط بفعالية في منافسة القوى العظمى مع تخليها عن موقعها المهيمن في مثل هذا الجزء الاستراتيجي من العالم. وعندما يتم ملء الفراغ الذي خلفته الولايات المتحدة من خلال الزحف العسكري الروسي في شمال أفريقيا وشرق البحر الأبيض المتوسط وممر البحر الأحمر، ومع إزاحة الصين الولايات المتحدة كشريك تجاري رئيسي لمعظم دول الشرق الأوسط، يكون على الحلفاء والشركاء تعديل مواقعهم وفقاً لذلك.
وأكد الكاتب أنه ليس هناك ما يضمن أن الانفراجة الأمريكية- الإيرانية ستؤدي إلى شرق أوسط أكثر استقراراً. بمجرد رفع معظم العقوبات الغربية، وتضاؤل الردع الأمريكي في جميع أنحاء المنطقة، من المرجح أن تزداد شهية إيران للتوسع. وقد يغذي هذا مزيدًا من الصراع، ويقوي التصميم السعودي على مجاراة إيران من خلال أن تصبح أيضاً دولة عتبة نووية، ويجر الولايات المتحدة في ورطات عسكرية مستقبلية.