من الردود القومية على الكاتب العربي خالد بن ققة من الجزائر الشقيقة. / إشيب ولد أباتي

2021-12-25 07:25:17

راجعت في صبيحة هذه الليلة  خلال ساعات الفجر الأولى 25/ 12/ 2021م المواقع الافتراضية للصحافة الحرة في موريتانيا،، وكان لموقع " الصدى" الفضل، والشكر المستحق لهيئة التحرير نظرا لمتابعتها لما  يكتبه الكتاب العرب، ومنها التسجيلات التي تعنى بالشأن العام الوطني، والقومي، والعالمي،  و ما  شد انتباهي مما ذكره الكاتب الحصيف في تسجيله بالصورة، والصوت، وهو يراوح بين الكتابة، والتسجيلات  من أجل توصيل رسائله السياسية، وسبق أن كتب مقالا عن موريتانيا منذ فترة، وكان عنوان مقاله " آهات مكتومة في موريتانيا" حيث أشار الى تقديره للتداعيات الناجمة عن علاقات الأخوة التي تعاني من المناكفات السياسية الضارة بين النظامين في الشقيقتين، لكن الكاتب أراد تقديم تلك التداعيات  في واجهة خلفية، كما تصورها في مقاله المذكور.

 

 بينما جاء في تسجيله الصوتي بتاريخ 16 من الشهر الجاري، رسائل عديدة، غير أنها لا تخلو من كونها رجعا للصدى الذي جاء في مقاله السابق من جهة الموضوع، والمضمون الذي يمكن مراجعته فيه، ويمكن التنبيه الى ما فيه، وهو ما دأبنا عليه مع زملائنا الكتاب، دون النظر الى معيار آخر خارج عن الاشارة الى قيمة، تثمين الاختلاف في الرؤى لما يجرى في وطننا العربي..

 

فقد كتب  في المقال عن موريتانيا باعتبارها الأخت الصغرى، والأخ الاوسط بين أخويه، وهذه العاطفة الجياشة معطوفة على تشبيهه للمجتمع، والجغرافيا، والكيان السياسي، وهو مقصود الكاتب، بالأخت الصغرى،، وقريب من هذا يعاد بكلمات أقل جرأة، في موضوع التظلم لموريتانيا من الكتاب العرب، وكأن ليس فيها كتابا، وهو ما تراجع عنه في جزئية من التسجيل،، لكن الحديث الشفوي، كثيرا ما تسربت منه الرؤية غير المتعمد اظهارها، كالقول بأن موريتانيا" إضافة"، والسؤال موجه  لغير الكاتب، بل للمتلقين عموما، هو: لمن موريتانيا مضافة له؟، ولئلا احرج اصحاب الوعي الاقليمي من كتابنا في الوطن العربي، فإني، لا اعترف بالاضافات الجزئية، سواء أكانت من الموجب، او من السالب، إلا بعلاقتها بكليتها، وهذا بالنظر الى الاستدلال المنطق في تحديد العلاقات للجزئية  بالكليات، والكلية هي مجتمع الأمة العربية: كإطارعام لتجمعاتنا العربيةال (420) مليون عربيا، فهي بالنسبة لي مجتمع واحد لأمة واحدة، وإن فرقه الاحتلال، وانظمة التبعية، والتخلف، ومن هذا المنطلق، كان ردي السابق على مقاله ـ وكذلك فعلت الأخت الدكتورة نجاح محمد فال مع تمنياتي لها بالشفاء العاجل من مرضها الذي زاد من قلقنا عليها منذ اسابيع ـ في موقعي" الرائد"، و" اخبار نواذيبو"، وكانت ردودنا وفق رؤيتين منطلقهما الوعي القومي خارج دائرة المسارات التجزيئية في الذهنية التي تفرق بين هذا المجتمع من ذاك في الوطن العربي، وأن هذا الكاتب من الجزائر، وذاك من الصومال،، وقد شفعت في تنبيهي المبطن للكاتب المحترم من الحساسية الاقليمية التي ينبغي عدم تزويدها ب"الأظافر" الحادة، تجنبا للتقرح في جسم المجتمع العربي الواحد،،ولم أزد على الأمر بما يتناقض مع رؤيتي الوحدوية، لأني اعترف بأن تلك "الاظافر" هي جزء من اليد العربية الواحدة، فيما يراها دعاة الأقليمية، من خارج اليد، وأنها إذ تنهش في اجسامهم المتشيئة، وليكن، فأنت " صوت من الوطن العربي"، كما قال الدكتور نديم البيطار ذات مرة في إحدى الندوات التي حضرها، وكان لأحد المتدخلين من الجزائر، اسهاب في بسط رؤيته السياسية "العرقية" عن الاختلاف "الجيني" وانعكاسه على المظاهر "الفيسيولوجية" بين العرب، واخوتهم الأمازيغ في الجزائر.

 

أما الأهم بالنسبة لي من أجل أن يكون محل مراجعة ـ إن شاء ـ الكاتب القدير في تسجيله الأخير، هو ضرورة إدراكه لمواجهة الوعي الإقليمي لنفسه في  الرؤىة للظواهر السياسية، والاجتماعية، والثقافية في مجتمعات الامة العربية،، ذلك أن وحدة المجتمعات العربية للأمة، سابقة على هذه التشكيلات السياسية، والاجتماعية القزمية، وإذا سلمنا بذلك، فلن نهتم كثيرا بالأعراض المرضية في المجتمعات العربية  جراء التشكيلات السياسية في الوقت الحالي،، لكن ربما يغيب عن الاذهان لدى الكثير من كتابنا، أن الوعي السليم للظواهر يقتضي الانطلاق من خواص الظواهر، كما هي، لا كما تتصور ذهنيا، وتستقبل من الاعلام المحلي التجزيئي،، حتى صار معظم كبار الكتاب العرب حاليا، كالأعمى ـ وليس هذا تعريض بالكاتب، وإنما تحديد للخواص العامة للوعي الاقليمي ـ الذي فتح عينيه مؤخرا، فرأى " النملة" فقال: أهذا هو"الفيل"الذي كنتم تحكوا لي عنه.؟!

 

حبذا لو كانت المراجعات الفكرية للكتاب العرب، تنطلق من وحدة مجتمعات الأمة العربية، وليس بالضرورة انطلاقا من تاريخ الأمة المشترك، فحسب، بل من وحدة التحديات الخارجية، وفي أي فترة تاريخية اختاروا من تاريخ الأمة الضارب في الجذور، ولا ينكر حقائق التاريخ  إلا جاحد،، فلو راجعوا التاريخ ابتداء من الاحتلال الاغريقي لمجتمعاتنا المغاربي العربي، لوجدوا أن التقسيم الإداري من طرف الأعداء، استسلم ( أولا) للوحدة الاجتماعية في مجتمعنا، ف" موريتانيا القيصرية"،و كانت عاصمتها " قسنطينة" كان نفوذها الإداري، ينتهي عند  نهر" فرس البحر"، الذي عرف بعد ذلك بتسميتين تاليتين، وهما " نهر صنهاجة"، و" نهر سينغال"،، و (ثانيا) أن أول ثورة على المحتل الإغريقي، كانت من منطقتنا ذات الرمال الرخوة التي سهل على الجمل ـ" قنبلة" ذلك الزمن على حد تعبير عبد الله العروي ـ ، ولعل إسم موريتانيا مشتقا من السلوك الاحترافي أثناء مواجهة الثوار، للأحتلال الاغريقي، فيما زعم  هذا المؤرخ، والروائي، والكاتب العربي الكبير" عبد العروي في كتابه عن " تاريخ المغرب الوسيط".

أما التصويب في التسجيل الصوتي لكاتبنا المحترم من الجزائر الشقيقة، فهو متروك له، وحسبنا أن ننبه إلى أنه صوت من الوطن العربي، المسكون بثغرات الخصوصية الاقليمية، كتوجيهه لقراءة سيرة المرحوم المختار ولد داده، دون ذكر لمذكرات هواري بو مدين، تغمدهما الله بواسع رحمته، فلندعهما بما لهما، وما عليهما، ولنترك للتاريخ احكامه، وهي التي ستقيم أثر كل من ارتحل الى دار الحق، وليس كتابته، إلا رؤية جزئية في التقييم الذاتي، وانصاف النفس، وقد  يراها البعض واحدة من المرافعات ـ غير المبررة ـ في محاكم الضمير التي طالما أرقت الحكام، فيما بدر منهم عن قصد، أو بدونه،،والأمر  لا يقتصر على القادة، وإنما على المواطن العربي، وهو شاهد على عصره فيما يجري من حوله من موبقات الحكام العرب، ومن "جامعة العار، والمخازي" المنسوبة للعرب في كياناتهم المصطنعة التي يعتبرها الكاتب المحترم، كانت بمثابة "المفتاح" الخارجي للعمارة، الذي  لا بد منه للدخول في وحدة مجتمع الأمة العربية،، ولعله تغافل عن حقيقة، أن هذا المفتاح، صاربمثابة  "صنم" البعض عرب الجاهلية الدينية، والذين صنعوه من "التمر"، ولما جاعوا، أكلوا،، والشاهد أن الجامعة، أريد منها أن تكون سورا مانعا من الوحدة السياسية، ولتحصين التجزئة التدميرية، والآن صارت منذ عشر سنوات، تقوض سورها لتقزيم التجزئة،، ولله الحمد، فقد قضت على اعضاء منها، وسببت مآسي لمجتمعاتنا، بما افقد سورها المتهالك أي مبرر للترميم، أو النظر اليها الا أنها مفتاح تآكل بالصدى، وتهشم في الباب، فلا  حماية لتجزئة المجزآت السياسية الا بقاعدة " العيديد" الامريكية، وغيرها !

 

 بينما التاريخ يحيل الى التشكيلات الاجتماعية  للأمة السابقة، خلال محطات التاريخ العربي الكبرى، وقد ذكرنا الإصلاحي السياسي" علي بلحاج" في شريطه الأخير، أن جامع يوسف بن تاشفين في قلب العاصمة الجزائرية، كما يذكرنا الوعي الجمعي للموريتانيين بأن يوسف بن تاشفين هذا القائد العظيم الذي أسس مدينة "مراكش" بطلائع الثوار من ( المرابطون) الذين استقدمهم الواجب الديني، والقومي من بلادنا لتوحيد البلاد سياسيا، ثم الدفاع عن الاندلس بجيوش  تنادت من "جبل لمتونة" في وسط موريتانيا ، ومن الجزائر، والمغرب، وكلها تسلحت بالسيوف والرماح من (جبل الحديد) المطل على مدينة " أزويرات"،،

 

ألا تعتبر هذه المعطيات من حقائق التاريخ النهضوي، عبرة مرشدة، لفتح المجال واسعا من أجل التفكير في مواجهة مخططات وزير خارجية اسبانيا في سبعينيات القرن الماضي، وكان خبيرا بعلاقات بلاده بتاريخ مجتمعنا المغاربي العربي على الضفة الجنوبية للمتوسط، لذلك اعتزم على أن يغلق الباب علينا كلا في محبسه، ويستحضر عدوه  في جسمه للتخلص من نفسه ـ  في الرواية السيكولوجية الاسبانية ـ لئلا يبقى مجالا للوحدة السياسية التي كانت  توقظ كوابيسها، الوزير الاسباني بعودة يوسف بن تاشفين مرة أخرى،، لذلك عمد على أن ينكأ الجراح بالخلافات السياسية الميتة منذ ألف سنة، كالتي كانت بين العبديين  في الجزائر،وإمارة زناتة في المغرب في القرن الرابع الهجري،،،؟!

 

واخيرا  لعل ابناء الأمة في حاجة ماسة لإعادة التفكير فيما هو أهم من "الإضافة" الودية في تسجيلكم، دون التبخيس من قيمتها، سيما أنها من كاتب محترم، وفي ضميري الشخصي، وله مني الكثير من التقدير.. ولأهلنا في الجزائر الرافضين للتطبيع مع الكيان الصهيوني، الأمر الذي جعل المغرب العربي، يتحول الى حزام  من " دول الطوق" في المواجهة مع المحتل الصهيوني، كما أن التقدير، موزع بالتساوي الى مجتمعاتنا العربية " من تطوان ـ الى ـ للبحرين" في هذا الزمن الرديء، وذلك رفضا" لما يجنيه العرب على انفسهم  جميعا دون تخصيص الوعي الجنائي على موريتانيا كما في البرانج " شيء يذكر" في حلقته المقصودة بالتعليق ..

المدير الناشر
أفلواط محمد عبدالله
عنوان المقر ILOT G 122