الأزمة في موريتانيا أزمة الأمانة !؟/ احمدو سالم مصطفى

2025-12-05 23:56:24

من المعلوم  أن المرء لا يدرك قيمة المحيط الذي نشأ فيه وعاش حتى يطلع على واقع مغاير له، فكما يقال (بضدها تتميز الأشياء).

وهذه الحقيقة أدركتها حينما زرت المغرب الشقيق في رحلة استشفائية كان من المفترض أن لا أحتاج إليها في الخارج بالنظر إلى أن موريتانيا تتوفر على ثروات هائلة تجعل المواطن يستغني عن الدواء في الخارج، لكن الحقيقة المرة أن موريتانيا ابتلاها الله بعصابة من اللصوص الفاسدة والمفسدة تتحكم في مفاصل الدولة منذ ما يزيد على أربعين سنة تحت وصاية العسكر وتتقاسم المنافع العامة للمجتمع فتترك أغلبه في فقر مدقع ومرض مزمن وجهل مركب...

 

وحينما وصلت المغرب شعرت بأني في دولة كل شيء فيها يسير بنظام وانضباط حتى في التنقل والشراء فالتاجر لا يمكن أن يزيد السعر..

 

فتساءلت: ما السبب في تردي الأوضاع في موريتانيا؟

 

فتبين لي من خلال استقراء الفرق بين البلدين أن موريتانيا تعاني أزمة الأمانة في تسيير الشأن العام وفي أداء المسؤولية، وفي إنجاز الخِدمات العمومية، ثم في انعدام الأمانة في اختيار الكفاءات العلمية والمهنية (ففاقد الشيء لا يعطيه).

 

وسأكتفي هنا بمثال واحد على انعدام الأمانة وتفشي الخيانة و الرشوة ويمكن للقارئ أن يسقطه على باقي مؤسسات الدولة.

 

المثال هو مستشفى الشيخ زايد الذي مولته الإمارات العربية المتحدة وأعطت نفس التمويل لبناء نظير له في المغرب، والزائر لمستشفى الشيخ زايد في المغرب يجد أنه لا وجه للمقارنة بين المستشفيين، فمستشفى الشيخ زايد في موريتانيا عبارة عن مجموعة من الغرف الضيقة التي لا تصلح إلا لسكن لاجئين، سقفها في الغالب من سعف  النخيل، تُزكمك الروائح الكريهة عند دخوله وتتفاجأ بتردي خِدماته أخلاقيا ومهنيا..!

 

أما مستشفى الشيخ زايد الجامعي في المغرب فهو مغاير ويتألف من أربع عمارات على الأقل، كل عمارة على شكل قصر أنيق منمق، مجهز بأحدث التجهيزات والصيانة فيه مستمرة، تحار فيه العين، وسطه (بهو) للاستقبال تقدم اسمك لا تحتاج وساطة وتجلس على مقاعد وثيرة حتى يأتي دورك، فتدخل على الطبيب ويستقبلك بأريحية ويصغي إليك بأدب، وعند وداعه يخرج معك إلى الباب مع قدر من البشاشة وحسن الخلق...

 

والأسئلة التي بقيت تتردد على خواطري وأنا أنوي العودة إلى وطني العزيز هي:

 

- أين ذهب تمويل بناء مستشفى الشيخ زايد في موريتانيا؟

- و هل مستشفى سلمان الجامعي الذي ستبنيه السعودية في موريتانيا حاليا ستعطى مقاولاته للموريتانيين و يكون مصيره مصير مستشفى الشيخ زايد ؟

- متى تنجب موريتانيا أطرا أكفاء أمناء يحسنون تسيير الشؤون العامة، قادرين على توفير حياة كريمة للمواطنين ماديا و معنويا؟

- و هل توفير تلك الحياة  يحتاج إلى استيراد أطر من الدول المجاورة؟؟!

الأستاذ أحمدو سالم المصطفى

المدير الناشر
أفلواط محمد عبدالله
عنوان المقر ILOT G 122