تعويضات الإرث الإنساني: حين يتكلم الزمن !... / مختار انداري

2025-12-08 18:29:08

ليس من العدل أن تبقى المظالم بلا إنصاف، و ليس من الإنصاف أن  تميز بعض المظالم عن غيرها في تراتبية أملتها ظروف سياسية آنية او دعوات طائفية ارتدت لبوسا حقوقيا مزيفا ، 

فحين يتم الحديث اليوم عن تعويضات الإرث الإنساني في البلد يذهب التفكير عن قصد او عن غير قصد إلى احداث بعينها دون غيرها نتيجة لعمل دؤوب قامت به جماعات معينة وظفت فيه بواطل من الادعاءات لتؤكد ظلما ربما قد وقع  مع بتره عن سياقه . 

فالطريقة التي تمت بها معالجة القضية في ما مضى من تعويض و ربما مواصلتها تعتبر سقيا بطريقة التقطير لنبتة زقوم تتجدد مرارتها مع الأجيال عند الإقتضاء . فليس من الإنصاف و لا من نضج استشراف المستقبل مواصلة الطلي على الوبر لإشفاء جَرَبٍ لا يراد له الشفاء ، و ذلك باستحداث ظاهرة سيكون لها ما بعدها مع العلم ان المحاولات النادرة لهذا النوع من الحلول في هذا النوع من القصايا بالتحديد قد اثبت فشله بل خطره على الدولة الوطنية الجامعة، و هذا يعني ان حل الأمور بصفة عادلة تراعي حقوق الجميع أمرا لابد منه و لكن  دون انتقاء مظالم إنسانية دون أخرى  .

فمن اكبر المظالم التي عرفتها بعض مكونات المجتمع الموريتاني الحديث ما عرفته مكونة الأرقاء و الأرقاء السابقين من لدن طوائف المجتع العرقية الثلاثة او الأربعة ( البولار والسونينكي و البظان و (الوولوف بشكل أخف)- ان وجد شمال النهر -) ،فحين ننظر لهذه الظاهرة في سياقها المحلي  نجدها أولوية الاوليات لما لمخلفاتها من انعكاسات على التنمية الشاملة في البلد و لما للكم البشري موضع النظر من اعتبار و للمدة الزمنية من امتداد ، أما اذا وضعناها في سياقها الدولي تاريخيا و سياسياً   نجد ان ظاهرة الاسترقاق كُيفت بانها من اعظم المظالم عبر التاريخ و حظيت بأكبر قدر من التعويضات في بعض البلدان التى يحتذى بها في سياق التنمية و السلم الأهلي ،. 

لكن هذه التعويضات لم يقبل المانحون لها و الممنوحة لهم ان تتمثل في إكرامات نقدية تنسى بصرف آخر أوقية منها لتستفحل المشكلة و يزداد الجدال ليؤدي في النهاية الى شرخ في المجتمع قد تكون له عواقب وخيمة .، ومن هذا المنظور تتجلى أهمية الحلول الدائمة ، فالتعويض يمكن أن يتجلى في كثير من الأمور ذات النفع المادي و المعنوي الدائم ذي الدلالة الرمزية الهامة ( الإعفاء من الصرائب مثلا ، حظوة في الأراضي الزراعية … و غيرها كثير ) . 

و ليس من قبيل المجازفة القول إن هذا النوع من القرارات ليس من صلاحيات أيٍّ من السلط الثلاث و لا من صلاحيات الحاكم (المطلق )، بل هو من صلاحيات أمة تجتمع عليه في استفتاء عام توضع له آليات صارمة  و تدرج فيه كل المظالم جملة و احدة من اجل التوصل لحلول دائمة تضمن الاستقرار و الإنصاف للجميع يتم  بعدها  التركيز على البناء و المستقبل في جو يطبعه الانسجام الاجتماعي و ذلك في ظل الدولة الوطنية الجامعة التي لا مكان فيها للتكسب من خلال المظالم _المفتعلة احيانا _  كما لا مجال فيها لسياسة الترقيع التي أثبتت رعونتها و لم يعد المجتمع الرقمي يستسيغها ، حفظ البلد واهله .

المدير الناشر
أفلواط محمد عبدالله
عنوان المقر ILOT G 122