كيف يستقيم الأمر للناصرية بلا ناصر، وشخصيته الكارزمية؟ إشيب ولد أباتي

2021-10-07 02:34:04

بعد واحد وخمسين سنة من رحيله، ل حجا زال عبد الناصر رحمه الله حاضرا في الوطن العربي الكبير، والعالم المتطلع الى الحرية، والتحرر من الامبريالية الامريكية،، ولا عبرة في الأمر، لأن الشخصية القيادية من مميزاتها، تلك الجاذبية التي تؤثر على الميول النفسية، والاتجاهات في الرأي الوطني، والقومي، والعالمي،، ولعل تلك  من الخصائص التي تميز بها جمال عبد الناصر، وتفرد  بها عن تلك القيادات السياسية، والفكرية التي ضمنت للمشروع الناصري القبول في الوجدان العربي الذي لم يزل يتفاعل مع الاحداث، كلما رأى صور عبد الناصر في المظاهرات  في الميادين العامة، برفع صوره في "ميدان التحرير" تلك الصور التي ارعبت الامبريالية الامريكية، فحاولت الاستجابة لمطالب الثورة، والقضاء على عملائها، ثم ليتسنى لها بعد ذلك تصفية الثورة في مصر في العام 2012.

 

 وبقي جمال عبد الناصر حاضرا بصوره في البيوتات الخاصة، كما عنابر الطلاب في الجامعات، والمعاهد العليا، حيث ترصد الميول السياسية للطلاب حين يخرج الطلاب لتلقي المحاضرات، فيأتي من بعدهم البوليس السياسي، ويطلب مشاهدة الصور المعلقة للقيادات التاريخية التي توجه الوعي السياسي لدى الشبيبة المتعلمة،، ولا زال الحال قائما منذ قيام الثورة العربية في العام 1952م.

 

ولعل عبد الناصر، سيبقى خالدا في الوجدان العربي ما بقي العرب، لم يتوحدوا، ولم يظهر في حاضرهم، ومستقبلهم قيادة تنسي أجيال الأمة دور عبد الناصر في مجابهة اعداء أمته،، وهو ذات الوفاء الذي كافأت ـ وتكافئ ـ  به الأمة العربية كلا من " يوسف بن تاشفين" رحمه الله تعالى، و" صلاح الدين الأيوبي" رحمه الله، قبل عشرة قرون ونيف..إنها أمة القيم العظيمة، والوفاء لمن أوفى لها من ابنائها القادة التاريحيين..

 

ولقد كان لفكر القائد، جمال عبد الناصر، وشخصيته علاقة  جدلية في الوعي السياسي العربي عامة، وللناصريين خاصة ، ولغيرهم من القوى الحية في الأمة العربية، وقوى التحرر العالمية،، وهو الأمر الذي جذب لقيادات سياسية تبنت قيادته، فنالت حظها في القيادة لمجتمعها، كعبد عارف في العراق، وابرهيم الحمدي في اليمن،،بينما  امتعض من سطوة قيادة ناصر بعد رحيله  القذافي رحمه الله الذي قدم تصوره السياسي الذي امسماه ب" النظرية العالمية الثالثة"، وذلك حين لم يجد قبولا لقيادته، ورفضا لتبني فكره، لأن الأخير لم يتعرض فيه لنضال الأمة في ليبيا، ولا حتى مبادئ تتعلق بالثورة، والتحرر العرببي، أو وضع استراتيجية ثورية تتعلق بمبادئ الثورة العربية في الحرية والاشتراكية، والوحدة..

 

 ولذلك لم يكن للناصريين في ذلك الوقت، تلك الرؤية المستقبلية التي تجعلهم، يتطلعون الى مستقبل الأمة المهدد، فيغاضوا عن نواقص الشخصية الكارزمية لدى القذافي في افكاره، وكان الخلاف بينه، وبين الناصريين مأسوفا عليه..

 

 بينما كان القذافي، يسعى من طرحه السياسي  لشيء آخر، ألا وهو استمالة الوحدويين اليه، وهذا لم  يحصل نظرا لتشبثه بالأفكار التي هجس بها  شيطان تفكيره، وهي عبارة عن مقتطفات جمعها، أو جمعت له من مختلف العلوم الاجتماعية، وبعضها عن عوامل الصراع السياسي ،، والباقي عن علم الاجتماع الصناعي، ودور المحفز الربحي لدى العمال للتفاني في  العمل، كما في تجربة سابقة في احدى المستعمرات الانجليزية في أمريكا،، وبعضها عن المميزات البيولوجية بين الجنسين في علم الاجتماع العائلي المتأثر باتجاه " اسبنسر"( الفرق بين الرجل، والمرأة، أن المرأة تحبل، والرجل لا يحبل، ـ من  الفصل  الثالث من الكتاب الاخضر ـ على حد تعبير القذافي رحمه الله).

 

وفي موريتانيا، يسعى الناصريون من اجل جمع شملهم، وبلورة مشروعهم الثوري في تجمع سياسي في اطار حزبي، وهم  في بلدهم الذي  وصل تعداد الرخص الحزبية فيه الى حد  المصادقة على احزاب المشعوذين في الشارع، واصحاب النزعات العرقية الذين يستندون الى المجامع المسيحية، والسفارة الصهيونية في السينغال المجاور، ومنتدى  التمييز الغربي في سويسرا (المناهض) للسياسة "العرقية" في افريقيا  حين يسعى الغرب الى "سياسة فرق تسد" في احدى مستعمراته السابقة،،،

 

 وعن نجاح  المشعوذين في نيل الاعتراف باحزابهم، لكن ذلك قد لا يساعد الناصريين في هذا الاستحقاق، لاسباب سنذكرها في حينها، إذا ما اعترضهم عارض في مسعاهم، ولكن لن أتغافل عن  أسباب نجاح غيرهم ممن نالوا المصادقة، وهو من الشروط التي لاتتوفر في الناصريين، ذلك أن سياسة تشتيت اصوات الناخبين سابقا، كان محفزا لصالح غير الناصريين، حتى لا تستحق معارضة ما  عددا من الأصوات، لتمكنها من أن  تشكل قوة سياسية  في حزب غير الحزب الحاكم، كما حصل  ذلك مرات عديدة في الانتخابات السابقة، سواء أكانت رئاسية، أم تشريعية، أم بلدية،،

 

بينما يعترض الناصريون في الوقت الحالي، اشكالات اخرى تحيل الى موضوع القيادة الكارزمية، وهي محاولة ربما تكون مفتعلة للبحث عن القيادة للحزب العتيد، أو أنها  سعي مشكور من جهات ما  من أجل تقسيم صف الناصريين عبر هذا الطرح الساذج الذي يسعى لقطع الصلة بينهم، وبين القيادة الكارزمية لجمال عبد الناصر، وتارة يصل الاعتراض الى الفكر الناصري في ثوابته المبدئية، لاعتبار أوهى من خيوط العنكبوت، كالقول إن الفكر الناصري، لم يكن منفصلا عن القرارات ، واللوائح الادارية للدولة المصرية على عهد التجربة الناصرية،،وهذه  الاعتراضات كلها إن دلت على شيء، فإنما  تدل على محاولة اجهاض هذا الحلم الناصري المرغوب لدى اصحابه  في موريتانيا الحبيبة،،

 

وإذا الكاتب( الناصري)، يكتب من منطلق ناصريته، وهو يشوي باسلوبه الجحيمي جمال عبد الناصر في ذكراه، ويجمع توافه الشتائم منذ عصر الانفتاح الساداتي، وكشك، من وعاظ  السفارات الانجليزية، والأمريكية فى مصر، والاردن، وقطر، والسعودية، والامارات، والكويت، وتونس والمغرب،،

 

ولعل ذلك من الأدلة القطعية على كونه ناصريا ــ وماذا تريدون منه(،،)؟ ـ دون أن يكلف الأمر قومنا، ليسألوا عن قيمة تأطير كتابته في أية خانة، أهي خارج الناصرية، او ضمن ثوابتها غير المنزلة على حد قول بعضهم؟، وهل هو كاتب، صحافي، يكتب عن الحوادث، والتطورات العارضة للظواهر في المجتمعات، أوهو أنه كاتب إيديولوجي، يشرح الثوابت، ويبرهن على صدقيتها، وسيرورتها للمتغيرات في السياسة، والاجتماع، لتفسير استيعابه لعوامل التحديات الداخلية، والخارجية،، والتمكن من تقديم الحلول لمواجهتها؟

 

ولعلنا نساعد الاخوة ، الأصدقاء للحد من مظاهر الضياع،، إذا ذكرنا انفسنا، واحبابنا  بأهم  المصادر، والمراجع الفكرية في الفكر الناصري التي لم يدع كتاب الأخيرة، أن دافع الكتابة، هو عدم اكتمال المبادئ الناصرية، بل شرحها، والتشبث بقيمها النضالية،،،

 

فمن المصادر الناصرية ما كان معبرا عن نضال القائد عبد الناصر، ومنها ما كان عن الثوابت المبدئية، ومن الأولى، مذكرات عبد الناصر في حرب 48 في فلسطين، ومن الثانية: فلسفة الثورة، والميثاق الوطني، وبيان 30 مارس، وهي من كتابات عبد الناصر التي تحكمها الاستراتيجية الفكرية، والأسلوب المتميز، ومنها خطب عبد الناصر التي تشرح سياساته الداخلية، والخارجية،، وهي موجودة في الموقع الافتراضي للقائد جمال عبد الناصر في مكتبة الاسكندرية، وقد جمعتها الدكتورة " هدى " عبد الناصر.

 

أما الادبيات الناصرية، فهي عديدة، ومنها:

 

1 ـ عبد الحكيم دياب، النظرية العربية.

 

2 ـ  د.عصمت سيف الدولة، النظرية العربية.

 

3 ـ  د. عصمت سيف الدولة،  رؤية قومية للقضية الفلسطينية.

 

4 ـ  د. هل كان عبد الناصر دكتاتورا؟

 

5 ـ  د. نديم البيطار، من التجزئة الى الوحد

 

6 ـ د. نديم البيطار، نظرية الثورة

 

وهناك العديد من المنشورات الناصرية  تحت عنوان" أدبيات ناصرية"، وهي تشرح المواقف، والتحليلات الفكرية للوثائق الناصرية،،وكانت تصدر من مطابع طرابلس في  شمال لبنان. وجنوبه في مدينة صيدا.

 

والسؤال الذي ينبغي طرحه حول هذه الوثائق الفكرية، هو :

 

هل  كان لأحد من  الأصدقاء  الناصريين في الوطن العربي وخارجه، أن أدعي في إطار تضخم  " الأنا" الناصرية  الى حد اعتبار الثوابت الناصرية ناقصة، حتى يبرر مطالبه، في الكتابة على أساس تكملة ثوابته الثورية الناقصة، وذلك للإسهام في التسريع  بالتغييرالثوري السياسي، والاجتماعي، وتوحيد الأمة العربية،، أو لتفعيل سياسة الدوائر الثلاث في التكتلات التي أسسها ناصر مع قادة التحرر العالمي في عصر ثورات التحرير،، تلك المجالات المشرعة للنضال العربي المؤجل  الى حين من طرف القوى الناصرية، نظرا لسيادة:

 

1 ـ عصر التدجين العربي الحالي، وارتدادته فى بؤر الانحطاط، باحياء النزعات الطائفية، والانتماءات القبلية، والإثنية، والجهوية، والمدينية، والعمل على دورها في تقسيمات لا آخر لها،،

 

2 ـ  الإيحاء  بالتأطير" المازوشي" في الكتابات الهائمة في هواجس الذات للبحث عن اللامرئي في ظلمة أفقأتها ـ تلك الابعاد، ومسافاتها ـ "محدوساتها الفكرية، فلم يلتمس اصحابها ضرورة الارتباط بالواقع العربي، واشكالاته الأربع : الجهوية، والإثنية، والقبيلة، والعرقية التي تزوج  بها النظام السياسي في موريتانيا على سبيل التدليل؟!

المدير الناشر
أفلواط محمد عبدالله
عنوان المقر ILOT G 122