كلام متأخر فى الخطأ الطبي... الدكتور الجراح سيدى أحمد الإمام

2021-09-03 18:34:12

كتب الدكتور جراح العظام 

سيد احمد الإمام Sid'Ahmed Mohamed Limam /

----------------

كلام متأخر في الخطأ الطبي 

بداية نسيان قطعة قماش في بطن مريض، على أتراجيديته ليس جريمة، بل تداخل جراحي نادر، يحدث في كل بقاع العالم و لا يحوّل صاحبه إلى مجرم. بل يتهم الفريق الجراحي بالتقصير !!

 التقاضي مطلب للأطباء قبل ذوي المرضى وعندما يصبح روتينيا سيكتشف ذوو المرضى والمدونون ماهية الخطأ الطبي وسيتفاجؤون أن كثيرا من ما يصفونه بالأخطاء الطببة ليس كذلك لأن من وضعوا تلك القوانين مُلمُّون بماهية الطب وتطوره في كل المراحل وأن المسؤولية الجنائية فيه لاتكون إلا بتعمد الضرر وأن الخطأ في التشخيص والعلاج ليس محرما وصاحبه ليس مجرما وأنه إذا طلب من الأطباء أن يعالجوا فقط الأمراض التي هم متأكدون من شفائها سيبقى المرضى بدون علاج في الشوارع.......

وهذا بدأ في أوروبا وآمريكا الشمالية حيث كثرت القضايا في المحاكم  وتوجه المحامون إلى دراسة الطب بهدف الإيقاع بالأطباء ما أدى بالطلبة إلى العزوف عن الطب وهو ما تأثرت بها مستشفيات تم إغلاقها بعدم وجود طواقم !

مردُّ ذلك إلى أن الطب ليس علما دقيقا science exacte وكل مراحل تطوره مرت بتجارب تمت فيها "التضحية" أحيانا بأناس وتطوع فيها أناس بأرواحهم مات منهم البعض ونجا البعض وأن هذه التجارب مرت بالأطباء أنفسهم ( مصل الجدري الذي حقنه مكتشفه لنفسه قبل المرضى) وعائلاتهم( تجربة الأشعة السينية( يد زوجة المكتشف تم تصويرها أولا)

وغير ذلك كثير.....

مسار تشخيص المرض معقد (يبدأ بإستجواب المريض inteerogatoire (هذه المرحلة لايعلم كثر أهميتها ويسخر من بعض أسئلة الأطباء ويتندر بها ويكذب البعض في بعض أجوبته ممايؤدي إلى فقدان بوصلة التشخيص)ويمر بالفحص السريري examen physique(يستغرب المرضى أحيانا فحص نقطة بعيدة من مكان الوجع وذلك لعدم فهمهم أن الإنسان كل واحد مترابطة أجهزته)للفحوص التكميلية examens complémentaires تنتهي هذه المراحل فقط بفرضية تشخيصية hypothèse diagnosique، وأن العلاج في بعض الأحيان يكون جزءا من التشخيص traitement d'épreuve .

الفرضية التشخيصية تنطلق منها خوارزمية قد تمكن من الوصول إلى التشخيص وقد لا يتم ذلك حتى في أقوى المراكز البحثية والمستشفيات،  لنصل إلى مرحلة فقدان أو العجز عن التشخيص errance diagnostique التي قد تستمر حتى  وفاة المريض ولا يعتبر هذا خطأ طبي ولا جهل بالطب ولكن حالة تم التعامل بها بماهو متاح من علوم وخبراتl'etat actuel des connaissances ولم يتم تشخيصها. 

كما قد يتم التشخيص دون معرفة الأسباب وفي هذه الحالة يتسمى المرض maladie idiopathique أي حسب العلم حاليا الطب يجهل سبب هذا المرض!!

يقول ممثل مسلسل  د.هاوز Dr HOUSE الآمريكي إنه حين يقول لك الطبيب إن المرض سببه مجهولidiopathique فمعناه أن الطبيب غبي idiot !

لكن الأمر ليس كذلك....

وأن أطباء كل دولة ليسوا ملزمين قانونيا ولا منطقيا بما هو متوفر من خدمات في دول أخرى بل يحاسبون إذا كان هنالك فحص كان سيدقق التشخيص ولم يُطلب أو زميل في نفس البلد أو المدينة يمكنه الاستعانة بخبرته ولم يفعل....هو ملزم أيضا ومرغم على التقنيات المتاحة في بلده وعند سفر المريض يمكن أن تعرض عليه تقنيات أخرى أكثر تطورا وربما اقل خطرا أو تداخلات أو أكثر راحة للمريض،  كل هذا لا يعني أن الطبيب الأول "جزار" بل عرض ماهو متاح لديه ويفي بالغرض من ناحية علاج المريض والأخير لديه تقنيات تساوي الأولى أو أفضل منها أحيانا....لكن الهدف في النهاية هو برء المريض وهو أمر متاح بكلتى الطريقتين!!

وجل الأطباء هنا عاينوا حالات تم تدبيرها في الخارج بطريقة غير مناسبة وفيها من حصلت لديه تداخلات،  لدينا في جراحة العظام مرضى عولجوا بطريقة خاطئة في نيويورك وباريس ومنهم أقارب لأطباء أصدقاء لهذه الصفحة وقد يشهدون منهم من توفاه الله ومنهم من نتمنى له الشفاء !! هل يجوز في هذه الحالة وصف الأطباء هناك بالجزارين؟! لا ، طبعا ،نعتبرهم إجتهدوا وأخطؤوا ......

في كل الأديان معروف ان الطبيب يعالج والله يشفي، مطلوب منه ومحاسب على بذل العناية المتوفرة لديه، لكن ليس محاسبا على تأخر أو عدم البرء إن هو بذل مالديه.....Le médecin soigne et Dieu guérit 

و في نفس الوقت يعتبر مسار التشخيص ديناميكيا ( تطرأ فيه معلومات تقلب الخوارزمية التشخيصية رأسا على عقب  ) ، وهنا يأتي دور مرافقي المريض الذين عليهم الإنتباه لكل العلامات الطارئة ووصفها وصفا دقيقا للطبيب المعالج وخصوصا الإمتناع عن تفسير أعراض المريض ( تقيأت لأنني أكلت طعاما حارا)، أو (أتتني حمى بسبب التعرض لرياح باردة  وأخذت باراسيتامول كالعادة) ولا يخبر الطبيب إعتقادا منه أن الأمر لا يستحق!!

أحيانا تكون المعلومة الفاصلة في التشخيص لدى المريض أو مرافقه....والطبيب ينتظر هطولها من السماء!

والطبيب في أسوإ حالاته لا يبحث عن الفشل ولاحاجة له بتفاقم حالة مريضه ولا وفاته....ويفرح الطبيب كثيرا ببرء مريضه خصوصا اذا كانت حالته مستعصية والمطلوب بدل التحامل على الطبيب مساعدته في فهم حالة مريضه وتفهمه وعدم العبث بوقته لكي يتكفل بمرضاه  بأنجع السبل... كما يجب أن نبتعد عن التخوين والأحكام الجاهزة المسبقة لأنها لا تنفع الجميع!

وفي النهاية الطبيب والمريض هدفهما واحد هو شفاء المريض ولا يجب أن تعوزهما الطريقة في الوصول إلى الهدف الموحد!!!

نطالب دولتنا بتوفير شروط ملائمة للممارسة الطبية وتحسين الخدمات المقدمة للمرضى وظروف حجزهم وتفعيل التكوين المستمر للطواقم الطبية والتمريضية ومحاسبة المقصرين وفق المساطر القانونية كما نطالب بحماية الطاقم الطبي أثناء تأدية عمله كما نطالب بمحو الأمية مطلقا والأمية القانونية عن البعض وتنظيم دورات تكوينية للمدونين لتفقيههم في ما يرشدون به الشعب!

المدير الناشر
أفلواط محمد عبدالله
عنوان المقر ILOT G 122