المفتش والمدير السابق للتعليم الأساسي والخبير التربوي المتقاعد محمدو سيدى الصلاي فى مقابلة ( حصرية) مع الصفحة :
( الحديث عن إرادة من اي نوع لتقليص نسبة النجاح فى الامتحانات والمسابقات الوطنية مناف للحقيقة )
إليكم نص المقابلة :
السؤال(1) /
بعد السلام عليكم وشكركم على قبول الدعوة لو بدأنا بالسؤال التقليدي وطلبنا منكم تعريف قراء الصفحة عليكم وعلى مساركم العلمي والعملي؟
الأستاذ الصلاي/
-------------------
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على رسول الله. أشكركم على الدعوة الكريمة،
وأتشرف بأن أكون من ضيوف صفحتكم ذات الجمهور الواسع والمصداقية الكبيرة،
بخصوص سؤالكم:
التعريف: محمدو سيدي الصلاي
مفتش تعليم متقاعد.
بدأت مساري بدراسة محظرية كما هو شأن أبناء الوسط الذي نشأت فيه. التحقت بالتعليم الابتدائي في سبعينيات القرن الماضي ثم الثانوي ثم التحقت بمدرسة تكوين المعلمين التي تخرجت منها 1984 بعد حصولي على باكلوريا الآداب العصرية 1983
عملت مدرسا في التعليم الأساسي ثم مديرا لعدة مدارس. بعد ذلك التحقت بالمدرسة العليا للتعليم، قسم المفتشين لأتخرج بعد أربع سنوات برتبة مفتش رئيس.
حولت بعد التخرج إلى الداخل حيث عملت مفتش متابعة ثم رئيس مصلحة في الإدارة الجهوية، ومنها حولت إلى الوزارة ضمن فريق استدعي آنذاك لدعم قدرات المفتشية العامة للتهذيب الوطني في مجال التصور والإنتاج. وبقيت في هذه الوضعية إلى أن جاء إعلان الوزيرة السابقة نبغوها منت محمد فال عن تنظيم مسابقة لانتقاء المديرين الجهويين للتهذيب الوطني، فشاركت في تلك المسابقة ونجحت فيها وعينت مديرا جهويا للتهذيب الوطني، تلك الوظيفة التي قضيت فيها أكثر من تسع سنوات إلى أن عينت مديرا للتعليم الأساسي، الوظيفة التي شغلتها حتى استفدت من حقي في التقاعد 2019
تلقيت تكوينات في الداخل والخارج، وشاركت في ندوات وطنية ودولية، وحصلت على شهادات في مجال التخصص.
استشاري مستقل.
خبير في النظم التعليمية، معتمد لدى المحاكم الموريتانية.
السؤال ( 2) /
-----------------
في عجالة ماذا عن أهم المراحل التي مر بها قطاع التعليم مدا وجزرا، إصلاحا وإخفاقا منذ الاستقلا ل في نظركم؟
الاستاذ الصلاي /
------------------
من الصعب تناول موضوع الإصلاحات في عجالة، لأن فهمها يتطلب معرفة سياقاتها.
وعلى كل، فقد تعددت الإصلاحات التي عرفها النظام التربوي الوطني وتفاوتت في أهميتها وفي تأثيرها ونجاحها على الأرض.
كان أول إصلاح عرفه التعليم النظامي في موريتانيا هو إصلاح 1959، الذي جاء في إطار التحضير للاستقلال. واعتمد إدخال اللغة العربية والتربية الإسلامية في المرحلة الإبتدائية، وذلك بمعدل 10 ساعات أسبوعيا للأقسام التحضيرية، و8 ساعات لباقي الأقسام. والتربية الإسلامية هي المادة الوحيدة المدرسة بالعربية.
ولم يتم إقرار تدريس اللغة العربية في التعليم الثانوي إلى أن صادقت الجمعية الوطنية في 12 ينائر 1965على قانون يقضي بإلزامية تدريس اللغة العربية إلى جانب اللغة الفرنسية في التعليم الثانوي، ونجم عن ذلك ما نجم عنه من وقائع وأحداث في السنة الموالية. وجاء مؤتمر حزب الشعب الموريتاني المنعقد بمدينة لعيون في يونيو 1966 ليتبنى إصلاح النظام التربوي، وذلك ما تجسد في إصلاح 1967 الذي أريد به تحسين وضعية اللغة العربية من خلال رفع شعار الجمع بين الأصالة والانفتاح.
وتضمن هذا الإصلاح استحداث سنة أولى تحضيرية خاصة باللغة العربية على مستوى التعليم الابتدائي. و قد بقيت المسابقة متمحضة في اللغة الفرنسية.
أما على مستوى التعليم الإعدادي ، فقد أدخلت اللغة العربية كمادة، كما أدخلت التربية الإسلامية كمادة مدرسة باللغة العربية. و ذلك بتوقيت يتدرج من 9 ساعات في الصفوف الدنيا إلى ساعات 5 ساعات في الصفوف المتأخرة. وبالنسبة للمرحلة الثانوية فقد خصصت للغة العربية 4 ساعات أسبوعيا.
وهذا الإصلاح، وإن لم يستجب بشكل كامل لمطلب إعطاء اللغة العربية المكانة التي تستحقها، إلا أنه أرسى تدريسها في جميع المستويات.
وجاءت سنة 1973 في ظروف محلية ودولية خاصة ارتفع فيها سقف المطالب الوطنية، وفي هذا الصدد انعقد المؤتمر الاستثنائي لحزب الشعب، حيث أكد أن الاستقلال الثقافي يعتبر أولوية الأولويات بالنسبة للحزب. وهكذا اعتمد إصلاح حقيقي تمت فيه مراجعة الشعب ولغة التدريس، نلخص أهم محتوياته فيما يلي:
على مستوى التعليم الثانوي:
* إقرار نظامين للتعليم الثانوي:
- نظام عربي تدرس فيه كافة المواد باللغة العربية وتعتبر اللغة الفرنسية لغة أجنبية أولى
- نظام يسمى " مزدوجا" تدرس فيه المواد باللغة الفرنسية وتدرس فيه اللغة العربية والتربية الإسلامية بالعربية
* فتح المجال أمام طلبة المحاظر لولوج التعليم الثانوي من خلال إقرار نظام " الاستماع الحر"
* إنشاء باكلوريا وطنية
على مستوى التعليم الأساسي:
* ترجيح توقيت اللغة العربية في الحلقة الأولى وتساوي التوقيتين في الحلقة الوسطى وترجيح توقيت اللغة الفرنسية في الحلقة الأخيرة.
* تنظيم مسابقة دخول السنة الأولى الإعدادية باللغتين: مسابقة عربية ومسابقة مزدوجة.
على المستوى التربوي:
* إنشاء مؤسسات هامة: المعهد التربوي الوطني، المدرسة العليا للتعليم...
* الشروع في توفير البرامج والكتب والوثائق التربوية...
وقد نجح بشكل كبير في مرتنةالأطر والدفع بمكاسب اللغة العربية إلى الأمام.
إصلاح 1979
شهدت الفترة التي أعقبت الانقلاب على الحكم المدني تناميا للصراع الأيديولوجي وكذا الصراع بين دعاة التعريب ومناوئيهم، وفي هذا الصدد اشتعلت موجة احتجاجات واحتجاجات مضادة إثر صدور تعميم يتضمن رفع ضوارب اللغة العربية في التعليم الثانوي تطبيقا لبعض ترتيبات إصلاح 73، وفي ذلك الجو المشحون تبنى القائمون على الشأن العام وقتذاك ما سموه إصلاحا للتعليم أهم ما جاء فيه:
- فصل التعليم نهائيا إلى تعليمين: تعليم عربي إجباري لأبناء العنصر العربي، وتعليم فرنسي متاح لأبناء العنصر الإفريقي، تبقى فيه السنة الأولى عربية محضة.
- ترسيم اللغات الوطنية وإقرار تدريسها بالحروف اللاتينية.
- إعدادها لتؤدي نفس الدور الذي تؤديه اللغة العربية.
حددت مدة استمرار هذا الإصلاح بست سنوات ريثما تتهيأ اللغات الوطنية، لكن هذه الفترة الانتقالية استمرت عشرين سنة.
عمل هذا الإصلاح على تكوين أجيال منفصلة تماما فكريا وثقافيا في دولة واحدة ولم يصل إلى هدفه، إلا فيما يتعلق بتهدئة الوضع آنذاك، وإن كان على حساب الأمة.
إصلاح 1999
هو الذي نعيش إفرازاته الآن وفحواه معروف، والعنصر الإيجابي الأساسي فيه هو توحيد النظام التربوي.
أما من حيث الظروف التي اكتنفته فقد تم إقراره دون تحضير ودون تدابير مصاحبة، وتضمن إجراءات كانت وما تزال مثارجدل كبير. ويرى معظم المربين أنه لا يخدم امتلاك الأجيال لناصية العلوم والتكنولوجيا بالفعالية والنجاعة المطلوبة. وأن مرد واقع التعليم في جزء كبير منه هو الظروف التي اكتنفت ذلك الإصلاح.
وفي المحصلة النهائية فإن إصلاح 73 يكاد يكون هو الإصلاح الوحيد الذي حقق معظم أهدافه الإيجابية.
السؤال ( 3) /
---------------
كيف ترون ثنائية لغة التدريس، وهل فشلت الإصلاحات المتعاقبة في وضع التعليم على مسار صحيح من ناحية لغته، وهل نجحت الازدواجية،أم أن الأمر يتعلق باختيارية تستبطن تهميش اللغة الأم والتمكين للغة الأجنبية، أم أن التعايش القسري بين العربية والفرنسية فرض نفسه؟
الاستاذ الصلاي /
-------------------
مسألة ثنائية لغة التدريس كثرت حولها الآراء والنقاشات، وهناك من يعتبر هذه الثنائية هي العائق الاساس الذي يعاني منه القطاع، لكنني اؤكد أنه ليس الوحيد، بل أرى أن الذي يشكل عائقا جوهريا بالنسبة لهذه الثنائية هو طريقة التعامل معها، من حيث توفيرالكادر البشري المؤهل، وطبيعة المواد المخصصة لكل لغة، والتوقيت والضوارب وتوفير الدعامات التربوية المتخصصة...الخ
وأعتقد أن إصلاح 73 نجح إلى حد كبير في الجمع بين أمرين قد يراهما البعض متناقضين، أولهما فتح الباب أمام التعليم العربي وثانيهما ترسيخ الازدواجية، لكن من أمعن النظر يرى أن النخبة المزدوجة اليوم هي تقريبا مخرجات ذلك الإصلاح. والسبب أن المرحلة الإبتدائية كانت توفر تعليما مزدوجا صارما. وفي المرحلة الثانوية من الاختيار المزدوج فإن ١١س أسبوعيا من اللغة العربية والتربية الاسلامية تضمن على الأقل استمرار تنمية اللغة العربية.
وبخصوص إشكالية اللغة، فلا شك في أمرين، أولهما ضرورة وجود لغة انفتاح وثانيهما أن التلاميذ الذين يدرسون العلوم بلغة الأم أسرع فهما وأكثر استيعابا.
ولاشك كذلك أن المستعمر السابق ظل وسيظل يدعم بقاء لغته في المنظومة التربوية لمستعمراته السابقة. وأرى معكم أن التعايش بين العربية والفرنسية في بلادنا قد فرض نفسه أحيانا كثيرة، ولاعتبارات متعددة.
السؤال (4) /
----------------
يلاحظ مع الاسف أن مستويات ونسب النجاح فى مختلف الامتحانات والمسابقات الوطنية ضعيفة ومتدنية مثلا باكلوريا2021 نسبة النجاح بالكاد وصلت8%.وهي اضعف نسبة فى العالم من حولنا
برايكم اين الخلل
فى المناهج والمقررات
فى فوضوية لغة التدريس
فى ضعف مستويات التاطير التربوي
فى علاقة الأسرة بالمدرسة
فى التضارب والتجاذب بين التعليمين الحكومي والخصوصي
عوامل اخرى؟
الاستاذ الصلاي/
------------------
من الصعب حصر أسباب تدني المستويات ونسب النجاح في أسباب محددة، لكن مما لاشك فيه أن التعليم قد شهد تدهورا شاملا تسببت فيه عوامل متشعبة ومتداخلة منها:
- تبني سياسة توسيع الولوج التي تأتي في إطار الاتفاق مع البنك الدولي آنذاك، وما نجم عن ذلك من حاجة لاكتتاب المدرسين وحصر التوظيف في التعليم تقريبا، وقد فتح ذلك الباب أمام دفعات كبيرة من المدرسين الذين لهم اهتمامات مختلفة: فمنهم الباحث عن اعتماد مالي دون قناعة بالمهنة، ومنهم من دخل دون توفره على المؤهلات المطلوبة (في ظل غياب التكوين المستمر) ومنهم طبعا من لديهم المؤهل والقناعة ولكنهم ليسوا بالعدد المطلوب. وفي المحصلة فإن النتيجة هي ضعف الأداء.
- إصلاح 1999 الذي أنهى ضمنيا مهام أعداد كبيرة من مدرسي المواد العلمية باللغة العربية دون وجود من يحل محلهم. و ما نجم عن ذلك من خلق الحاجة إلى تخصصات لا توجد في الحقل المحلي للاكتتاب، الأمر الذى حتم اللجوء إلى استخدام غير المؤهلين.
- لجوء بعض المدرسين، في ظل صعوبة الظروف، إلى أنشطة إضافية تكون في أحيان كثيرة على حساب العمل.
- عجز المناهج والمقررات وطرائق التدريس والممارسات داخل الفصول عن مواكبة التطور الهائل في تقنيات الإعلام والاتصال.
- انحسار اهتمام التلاميذ بالمدرسة، وتغير نظرتهم إليها، إذ لم لم تعد بالنسبة لهم المصدر الأساس للمعرفة أو للمعلومات، وأصبح اهتمامهم معلقا بما يدور عبر منصات التواصل الاجتماعي، وذلك طبعا على حساب التحصيل المدرسي.
وينضاف إلى هذه العوامل بالنسبة لهذه السنة:
- تأثير جائحة كورونا خلال السنة الماضية وخلال الفصل الأول من السنة الحالية. ونذكر في هذا الصدد أن التدابير التي اتخذتها الوزارة لتخفيف تأثير الجائحة خلال السنة الماضية استهدفت أساسا تلاميذ الأقسام النهائية، والمترشحون الحاليون كانوا آنذاك في الأقسام قبل النهائية.
- الإجراءات التصحيحية التي اتخذها القطاع في الآونة الأخيرة لمكافحة الغش، وما نتج عن ذلك من الحيلولة دون نجاح غير المؤهلين.
السؤال ( 5) /
-------------------
ماذا عن آليات طرح الأسئلة، والرقابة والتصحيح في امتحانات ومسابقات القطاع، وهل لها دور في وضعيته الحالية؟
الاستاذ الصلاي /
----------------------
لا مراء في أن لدقة وسلامة وأمانة أدوات التقويم أثرا بالغا في صحة النتائج.
وعادة ما يطرح معد الاختبار أسئلة على نفسه من قبيل: ما الذي أريد أن أقيسه؟ ولماذا أقيسه؟ وما الأداة التي تمكنني من قياسه؟ وبعد إعداد الأداة يتأكد هل هي فعلا تقيس ما يريد قياسه؟
ولا شك أن معدي الاختبارات عندنا على اطلاع بهذه الحيثيات، ويأخذونها في الاعتبار قدر المستطاع. ولكن ربما يكون للنظرة التقليدية إلى الامتحانات باعتبارها وسيلة للتصفية أثر في النتائج، لأن ما يسيطر على ذهنية صاحب هذه النظرة عادة ليس قياس ما يعرفه المترشح، وإنما البحث عما لا يعرفه.
وموروثنا الثقافي في هذا المجال - سواء تعلق الأمر بالمحاظر أو تعلق بالاستعمار الفرنسي - يطغى عليه الإلغاز ونصب الفخاخ.
وعلى كل، أجزم بأن الفرق بين النسب الوطنية للنجاح والنسب المعلن عنها في الدول المجاورة لا يعكس الفرق بين تلاميذنا وتلاميذهم، ونحن مطلعون على واقع تلك البلدان، وليس الفرق بيننا وبينهم بهذا الحجم الهائل!!!
وعليه، فينبغي فعلا أن نعيد النظر في أساليب الامتحان عندنا.
السؤال( 6) /
------------------
من الأكيد أن القطاع يعانى والكل يستشعر خطورة وضعه
مثلا لدينا حوالى 200000 تلميذ سيعودون للمدارس بعد فشلهم فى الحصول على شهادات ختم الدروس الابتدائية والإعدادية والثانوية
هؤلاء لاشيئ امامهم بلاتكوين مهني مواز بلا حاضنة سوى الشارع منهم من أعاد الكرة لثلاث مرات وتزيد
كخبير تربوي ماهي الآثار الاجتماعية والنفسية لهذه الوضعية وكيف يمكن تجاوز تبعاتها الكارثية وهل يمكن تفاديها مستقبلا وكيف؟
الاستاذ الصلاي/
--------------------
صحيح أن هذا الواقع يطرح إشكاليات كبيرة تتعلق بضمان مستقبل هؤلاء، ولا يكفي مجرد الوعي بهذه الإشكاليات، وإنما يلزم الجميع أن يساهموا في إيجاد حلول لها،
وبالتأكيد فإن ورشات الإصلاح التي أطلقها قطاع التهذيب في الوقت الحالي من شأنها أن تحسن من هذه الوضعية.
وعلى كل، فنحن لدينا من الموارد الواعدة ما يمكن أن يعول عليه بعد الله سبحانه و تعالى بالنسبة لمستقبل هؤلاء. ويبقى أن نقتنع ونقنع أبناءنا الذين لم يتمكنوا من مواصلة مشوارهم الدراسي بأن يتوجهوا إلى مجالات التكوين المهني، ومن المؤكد أنهم إن توجهوا إليها بصدق، فلن يكونوا أقل شأنا ممن تابعوا الدراسة.
السؤال( 7) /
------------------
يتحدث البعض عن تكديس التلاميذ والطلاب فى اعلى الهرم السنوات النهائية ابتدائيا واعداديا وثانويا وجامعيا لان المراحل التى تسبق ذلك لاتحظى بالرقابة اللازمة ويتم دفع التلاميذ باستمرار للتجاوز وبدون مستويات احيانا حتى إذا جاءت الامتحانات والمسابقات الوطنية وقف( الحمار) فى (عقبة) لاخيار فيها امامه سوى العودة ادراجه فالافق مسدود امامه تماما
وهناك من يتحدث عن وجود إرادة خفية لتقليص نسبة النجاح فى الباكلوريا تحديدا لضعف طاقة مؤسسات التعليم العالى عن استيعاب أعداد كبيرة من الناجحين
حسب تجربتكم وخبرتكم الميدانية تدريسيا وإداريا ومهنيا هل لهذين الطرحين وجاهة أم أن الازمة اعمق من اختصارها فى مثل هذه التصورات الانطباعية
الاستاذ الصلاي/
--------------------
بالنسبة للشق الأول من سؤالكم، فإن ما تحدثتم عنه من التساهل في التجاوز بالنسبة للأقسام غير النهائية ربما يقع بعضه . لكن بالنسبة للقول إن هناك إرادة للحد من أعداد الناجحين في الباكلوريا فهو قول مناف للحقيقة تماما ومجاف للواقع، ولا يستند إلى أي أساس - حسب علمي - و الأمر كما استعرضنا سابقا له أسباب أكثر تشعبا وعمقا.
السؤال( 8) /
------------------
من المعتاد ان ينفق الناس على أبنائهم لينجحوا ويحصلوا على شهادات ثم اعمال تساعدهم فى الحياة ولكن اليس غريبا أن الأسر اليوم تنفق على أبنائها غالبا فى التعليمين الخصوصي والحكومي ليفشلوا فى تحقيق طموحاتهم؟
هل من سبيل لتجاوز هذه المعاناة وهل يمكن الوصول لصيغة إصلاح تمنح التعليم العام مسؤولياته وادواره وتحتفظ للتعليم الخاص بحق المنافسة الشريفة وفق النظم المعمول بها
بعبارة أخرى
هل يمكن إنقاذ وضعية التعليم الحالية دون أن يموت( عجل ) التعليم الحكومي او تيبس( تاديت) التعليم الخصوصي؟
الاستاذ الصلاي /
----------------
إن اختلالات المنظومة التربوية ذات أبعاد متعددة، ولكل من التعليمين العمومي والخصوصي حظه منها، وللتذكير فإن التعليم الخصوصي تم الترخيص فيه للإسهام في توفير خدمة التعليم، وبالتالي فإن التعليمين لهما نفس المهمة ويخضعان لنفس الجهة ويحتاجان معا للتحسين. ولاشك أن أي إصلاح تربوي جاد ينبغي أن يحدد العلاقة بين القطاعين: (ما الذي ستتحمله الدولة؟ وما الذي ستشرك فيه أصحاب المبادرات الخاصة؟). وأعتقد أن التعايش بين التعليمين في حدود تضمن تحمل الدولة لمسؤولياتها الأخلاقية تجاه أبنائها، وتتيح للمستثمر فرصة عرض خدماته هو الحل.
السؤال(9) /
---------------
هل نحتاج تشاورا وطنيا لوضع إصلاح تعليم جديد متفق عليه يتجاوز جراحات الماضى لغويا ومنهجيا ولوجستيا ويفتح بابا لمستقبل تعليمي أفضل؟
الأستاذ الصلاي/
------------------
نعم، نحتاج إلى مثل هذا التشاور، وأنتم بلا شك مطلعون على التزام فخامة رئيس الجمهورية في برنامجه الانتخابي بإصلاح المنظومة الربوية، وفي هذا الصدد صادق مجلس الوزراء على خارطة طريق تتضمن تنظيم تشاور وطني، يجري الإعداد له حاليا حسب المعلومات المتوفرة.
السؤال (10)/
------------------
هل من كلمة أخيرة تتضمن خلاصة تشخيص لوضعية القطاع ومقترحا للعلاج ؟
الاستاذ الصلاي/
-------------------
وضعية التعليم مشخصة بما فيه الكفاية، والجميع تقريبا مطلع عليها.
وهناك خطوات هامة تم قطعها على طريق حل إشكالياته، وبقي الكثير طبعا. لكن مسار الإصلاح يحتاج إلى الصبر. ومن ميزاتنا في هذا البلد أننا جميعا مهتمون بمشاكل التعليم، لكننا لا نعتبر أنفسنا معنيين بالمساهمة في حلها، فأنت ترى بعض الفاعلين يسعون إلى تحقيق مهام تتنافى مع قواعد الإصلاح، كأن الإخلال بالواجب إن تعلق بمصالحهم أو مصالح من انتدبهم لا يكون إخلالا.
هذا في الوقت الذي يحتاج فيه الإصلاح إلى تضافر جهود الجميع.
وفي الختام أدعوكم - معشر المدونين - إلى توجيه كتاباتكم لحشد التأييد للإجراءات التصحيحية الهادفة إلى وضع التعليم على السكة، فهي أحيانا غير شعبية، لكنها ضرورية.
كما أدعوكم إلى توجيه الشباب إلى المثابرة والاجتهاد في الدراسة، فإنهم يتأثرون بأطروحاتكم وآرائكم أكثر مما يتأثرون بإرشاداتنا وتوجيهاتنا نحن معشر الآباء.
نقلا عن صفحة الإعلامي حبيب الله ولد أحمد على الفيس بوك