لمن تهدي طالبان نصرها : لأفغانستان أم لبايدن أم لشي جين بينغ أم للملك دقيانوس؟؟

2021-08-24 09:49:34

لابد لهذا الحديث من مقدمتين :

أولا : إكراهات الجغرافيا

لا تملك أفغانستان أي منفذ بحري لكنها تتمتع بموقع مميز تتوسط به قلب القارة الآسيوية حيث تتقاطع الطموحات ومناطق النفوذ وتتداخل المذاهب وتتفاعل الثقافات وحيث لا يستطيع أي لاعب إقليمي أو دولي غض الطرف عن مطامح وتحركات بقية اللاعبين.

على الشرق من أفغانستان هناك التنين الصيني بآماله وهواجسه يدفعه طريق الحرير إلى الأمام وتعيده مشكلة الأيكور إلى الخلف وفي الشمال هناك أوزبكستان وطاجكستان ( منطقة نفوذ روسي ) وتركمستان (منطقة نفوذ تركي) وخلف هذه الجمهوريات يتربع الدب الروسي مراقبا ومتوجسا مما يجري

وإلى الغرب هناك جمهورية إيران الإسلامية الشيعية الفرحة بالهزيمة الأمريكية والمهتمة بمصير الشيعة الأفغان وبالمحور الذي ستختاره طالبان

وفي الجنوب جمهورية باكستان الإسلامية السنية الداعمة والحاضنة للطلاب اليشتون ( طالبان )

وخلف باكستان والصين هناك العملاق الهندي الذي يخشى أن تنتقل إلى جامو وكشمير روح من روح طالبان إن لم تمرر إليها باكستان بعضا من فيالقهم 

وفي الأفق من خلف إيران هناك عالم عربي يموج بصراعات عسكرية وطائفية وفكرية تؤثر وتتأثر بكل ما يجري في المنطقة 

وخلف البحار والمحيطات هناك الغرب المنسحب من أفغانستان عسكريا دون أن يسقطها من حساباته ومشاريعه استراتيجيا

لقد كانت هذه الوضعية الجيوغرافية في الغالب سببا لشقاء الأفغان فهل يلعبون بها بذكاء فتصبح سببا لسعادتهم

 

ثانيا : السكان واللغات

 

يمثل البشتون أكثر من 40% من السكان ولهم لغتهم التي تعتبر إحدى اللغتين الرئيسيتين في البلاد وتنتشر قبائل البشتون على طول الحدود الباكستانية الأفغانية

أما الطاجيك فحوالي الثلت

وتقترب نسب الهزارة والأزبك من 10% لكل منهما ويتكلم حوالي ثلاثة أرباع السكان باللغة الفارسية الدرية القريبة جدا من الفارسية الإيرانية 

أغلب الأفغان سنة وهناك نسبة تزيد على 15% من الشيعة يشمل ذلك معظم الهزارة وبعض الطاجيك

وهناك أقليات سيخية وهندوسية 

هذه المعطيات السكانية بدورها تبين مستويات متفاوتة للنفوذ على أسس مذهبية وقومية وثقافية تمكن كلا من باكستان وإيران وطاجكستان وأزبكستان من أوراق مهمة على الساحة الأفغانية

 

الهزيمة : 

 

من المؤسف أن الأمريكيين لا يقرؤون التاريخ ولا يأخذون العبر لذلك كرروا التجربة السوفيتية في أفغانستان فكانت هزيمتهم مدوية مما اضطرهم مرة أخرى إلى تذكير العالم بمشهد انسحابهم المذل من افيتنام من خلال الأحداث الفاضحة الجارية الآن على أرضية مطار كابول

لقد أدت الأسباب التالية إلى مانشهده من هزيمة وانسحاب :

١- الجغرافيا الجبلية : أفغانستان منطقة جبلية وعرة  وعليه يصعب على الجيوش الغازية التشبث بالأرض فيها كما يصعب عليهم الدخول إلى كهوفها وتأمين طرق الإمداد

٢- بسالة مقاتلي طالبان وتوفر الحاضنة الشعبية ونفور الأفغان من المحتلين عبر التاريخ

٣ - المزج بين أسلوب حرب العصابات والعمليات الانتحارية وهما من أكثر أساليب القتال فتكا بالجيوش النظامية

٤ عدم قدرة الولايات المتحدة على تقديم نظام حكم مقبول من طرف الشعب فكل من قدمتهم يحملون جنسيتها وليس لهم تاريخ نضالي في الداخل وينظر إليهم الأفغان كعملاء فاسدين لا كمناضلين آتين من وسط الحركة الجماهيرية في الداخل

٥- التخلي الأمريكي عن التحالف مع باكستان والتوجه إلى عدوتها الهند وهو مسار بدأه أوبما ورسخه اترامب، ومن المعلوم أن باكستان هي الداعم الرئيسي لطالبان

٦ - قناعة أفراد الجيش الأفغاني الذي شكله الأمريكيون بعدم وطنية الرئيس والحكومة وبفسادهم وبرفض الشعب لهم وبعدم امتلاكهم الموارد الكافية لتمويل الحرب ودفع الرواتب وخوفهم من انتقام طالبان منهم ومن ذويهم

٧ - لقد احتل الأمريكيون أرضا يكتنفها الأعداءكإيران وروسيا والصين ومن الطبيعي أن تدعم هذه الدول ولو بأساليب ملتوية كل جهد يهدف إلى إخراج الأمريكيين مهزومين

لقد خرج الأمريكيون من أفغانستان مرغمين حيث يستطيعون تطويق إيران بين قواعدهم فيها وقواعدهم في تركيا ودول الخليج والعراق 

وكان في مقدورهم تطويق روسيا بين فواعدهم في اليابان وفي اوروبا وتطويق الصين بين فواعدهم فيها وفي اليابان والفلبين واستراليا

باختصار لا يمكن للولايات المتحدة الخروج من موقع كهذا بعد كل تلك التضحيات إلا أن تكون مكرهة

 

النصر :

 

انتصرت طالبان ودخل قادتها كابول ، 

نعم لقد انتهت معركة السلاح مع الأمريكيين لكن هل انتهت الحرب في أفغانستان ومالذي ستفعله طالبان في بلد أنهكته الحروب تتداخل فيه المصالح الإقليمية والدولية على هذا النحو

ماهو برنامجها السياسي والاقتصادي والاجتماعي 

 هل هي جاهزة لإدارة دولة

من ستختار من الكبار فتهديه نصرها بالتحالف معه 

هل ستنجح في تجنب الصراع المعهود بين رفاق السلاح وهل هناك أجنحة في الحركة

 

أسئلة تنتظر الإجابة في قادم الأيام من خلال سلوك واختيارات طالبان ، ومع ذلك فإن عدم امتلاك الإجابة القطعية لا يمنع من الوقوف على الاحتمالات المطروحة والتخمين

يتواصل بحول الله

موسى ابياه

المدير الناشر
أفلواط محمد عبدالله
عنوان المقر ILOT G 122