أحيا الناصريون ١٠ ابريل ٢٠٢١ ذكرى انتفاضة ١٩٨٤ذكرى بالتاكيد جد عظيمة لهم ان يفخروا بها وقد قدموا خلالهاشهيدين من خيرة منتسبيهم وتم الزج بالعشرات من نشطائهم في السجون ولو لا عناية الله وبركة دماء هؤلاء الشهداء لكان العدد اكبر من ذلك بكثير..من حق هؤلاء الناصريين ان يفخروا بالعقول العظيمة التي خططت و أعدت وبالقيادات الميدانية
.
والمنتسبين الذين نفذوا و رغم ترامي البلاد وقوة اجهزة النظام وقسوة الظرف اكبر احتجاج نضالي متزامن جسدته الكتابات الجدرانية والمنشورات والإضرابات المتزامنة في مختلف الولايات وعززه استمرار الإعداد والمناشط حتى سقوط النظام .فان تتسلم تكليفا أو محظورات من مجهول وان تنفذ أوامر تعلم مسبقا خطورتها على أمنك الشخصي وبدون تردد مسألة ليست دائما من البديهيات. لكن السعي للغايات الكبرى يفجر الطاقات تماما كما يئدها الركون الى المكاسب الغامضة التي لا تستطيع المجموعة عرضها للناس كنتائج تخصها أنجزهاحراك عظيم..
شاهدت في هذه الاحتفالية بعضا من جيلي وكهولا من جيل أطر جيلي وجيلا تلقى ألتاطير على يد جيلي لكن ما لفت نظري هو الجيل الجديد ممن ولدوا بعد الانتفاضة ،فذاك تجدد والتجدد يتطلب تمحيص النهج تأمينا لسلامة الإنطلاقة وتعزيزا لفرص الوصول.هنالابد ان تتبادر الى الذهن عدة تساؤلات
فهل لا يزال المشهد الموريتاني يحتاج المقاربات القومية؟ وأي مراجعات تحتاجها هذه المقاربات؟ ثم أي تنظيم ممكن لعمل هؤلاء القوميين؟ أسئلة اثيرها وفاء لراحلين وتقديرا لتاريخ من المشتركات .
لعل من البديهي القول أن منظر هؤلاء الموريتانيين وهم يتداعون عفويا إلى دار الشباب من مختلف جهات الوطن وكما كانوا لايهم أيا منهم من أي جهة هو مشهد دال خصوصا حين تقارنه اليوم بحالة التشظي التي أخذت تطال المكون الواحد بل حتى العائلة الواحدة حيث يجهد كل ليكون أمة مما يبرز الحاجة الى الرقي بالتفكير والعمل. فمصبات الانهار هي التي تجرف الجداول الصغيرة.
من نافلة القول كذلك ان الفطرة السوية للإنسان جبلت على حقيقتين تحضران لديه وبقوة خصوصا حال الازمات ،سماوية عقدية أ(أنا النبي لاكذب) وأرضية إنسانية (انا ابن عبد المطلب)،فمن لايعي ذاته لايحسن التعامل مع غيره وحين يغيب الاحساس بهذا الانتماء والتميز تحضر بالتأكيدالقابلية للإستحمار من طرف الغير. شعور بالإنتماء نحتاجه في وسطي موريتانيا العربي والزنجي لأنه مصد قوي حقيقي لموجات الغزو الحضاري والاستلاب الثقافي وأداة فعالة لبناء دولة وطنية ترى نفسها جزء من محيط.
*********
في مجال التجارب الانسانية هناك دائما ثوابت ومتغيرات ، عمل جماعة معينة على حماية مشتركاتها وشعورها باعتزاز وطني ونشدانها العدل الاجتماعي ورفضها ظلم مستبد أومستعمر لها وإيمانها بضرورة التنسيق مع محيطها لرفع التحدي عبر بناء منظومات أكثر إقتدارا هي احتياجات وغايات ووسائل نبيلة كائنا ماكان مسماها،لكن رؤية الجموع تغري البعض أحيانا بالسعي لركوبها ، فقد يدخل المسجد وهو الأقدس أحد ثلاثة رجل أتى لاداء ما أفترض الله عليه ثم عاد إلى بيته ،ورجل أدى ما افترض الله عليه وفكر فيما يعانيه المصلون ومايمكن أن يعاونهم ويعاونوه في حله ورجل صلى ثم ظل يبحلق ناقلا بصره بين المنبر والمصلين ثم لاحت له فكرة الصعود اليه لأخذ حظوة لديهمم من خلاله محققا مكاسب جلها يعود عليه ، الأول رجل من عامة المسلمين ، والثاني من أصحاب الرأي من المسلمين والثالث من المسلمين لكنه بالتأكيد من تجار الدين. وهكذا بمثلها أوضدها تعرف الآشياء.جماعية العمل ووضوح غاياته والتقييم المستمر لمنجزاته أهم الضمانات لنجاحه.
التخندق في القوالب الجامدة مناف لحركية الحياة ، فلا أشكال تنظيم الأمس أو انماط حكمه هي بالضرورة مايصلح اليوم ، عبثا يمكن ان تبنى تحالفا للفلاحين والعمال في أرض لم تعرف إقطاعا او ثورة صناعية لكن ذلك لا ينفي مبدأ التمييز الشرائحي مثلا سلبا أو إيجابا و كما هو معمول به اليوم،
حكم الفرد وتقديس الحاكم ثقافة يجب ان تكون من الماضي غير أن ذلك لا يستوجب تبرؤ الشعوب من رموزها فذاك أحد متطلبات التدمير الذاتي للأمم ، من يقيم بكل سلبية وسوء قادة كبومدين أو صدام أو القذافي رحمة الله عليهم ويقيس أداءهم خارج السياق الزمني الذي حكموا فيه مجردا إياهم من إيجابياتهم ، متحامل لايختلف في شيئ عن بعض صراخي الفضائيات سواء أكان يعربا أم قحطان، ،عبد الناصر رحمة الله عليه هو الآن بين يدي ربه لا ينكر دوره وتاثيره كائنا ما كانت نظاراته إلا ضعيف اطلاع أو خصم أعمته المنافسة أو عاقه ما لحق به من جراح نبرء إلى الله من مناصرة ما كان منها بغير وجه حق.
فمن يستطيع حكم مصر مغيرا نمط الحكم فيها مؤثرا على المشهد في الإقليم والعالم وهو دون الاربعين هو بالتأكيد شخص استثائي ،. ولو لم يكن لهذا الرجل مثلا إلا الإسهام في التعجيل بانتصار الثورة الجزائرية في المغرب العربي أو الفهم العميق للدوائر أو تأثير ممتد في الزمن تلمسه لدى ثائر عظيم كشافيز كان عمليا ( القائد العربي)الوحيد الذي ناصر غزة في العدوان لو لم يكن غير ذلك لعبد الناصر لكفاه ، لكن كرسي الحكم له مقتضيات و صيحات باطشة وبعض من سدنة يؤلهون الحاكم فيغيبون عقله لتأتي القرارات الخاطئة وبحجم الآمال العريضة قد تحدث الخيبات ثم تضخم خدمة لإصرار تآمري عجيب على أن تظل أرض العرب دون اقليم قاعدة محوري.
******
من يتطلع للمستقبل لا يمكن ان يتقوقع في الماضي ، إرث ستينات القرن ٢٠ من العداء بين القومي والاسلامي لابد من تجاوزه ومن هنا من موريتانيا عساها تكون رائدة في مد الجسور بين الاجيال الجديده، ففي موريتانيا الكل من اقصى اليسار الى أقصى اليمين إنما يجتهد من داخل ذات المرجعية صرح أم لم يصرح لا يخرج منها إلا نفسه بإنكاره ما علم من الدين بالضرورة، وفي موريتانيا مع استثناءات قليلة وبعض من مجاملات و ميوعات لا يقفز بعيدا عن حواضنه القومية والحضارية إلا من يقفز في الهواء لتلقي به الريح في مكان سحيق. إنها الجمهورية الاسلامية لذلك فهي المهيئة أكثر للتقريب لان الصراع على ارضها كان أقرب لرجع صدى منه لتبادل اللكمات بين المتصارعين في الميدان .إنه لمحير حقا ان من يتجمد في الزمن لا يفهم وحتى الآن ان المستهدف كان دائما من يحاول رفع لواء الأمة أو إعلاء شأن جزء منها مهما كان مشربه فهو لذلك ولذلك فقط (شيوعي ملحد لابد أن يصنع له مسلم حق ليواجهه،،أوطاغية قومي جاهلي ظالم لابد من ابتعاث جهادي أو ديمقراطي متنور له ، أوهو إسلامي متخلف حتى لو رقق دينه أيما ترقيق فلابد من كسر عنقه عبر مجتمع مدني حداثي !!) ، محير من لا يدرك أن الخصومة في السياسة لا يجب ان يكون ثمنها دفع الناس للكفر بالأوطان وأن للإنسان كرامة لابد لها أن تصان ، لكن الأكيد ان البعض يكون فهم الآن ولو بعد فوات الأوان حقيقة بسيطة مفادها ان من يستعين بعدوه لإصطياد خصمه فإنما يهيئ نفسه ليكون الفريسة التالية.
و من يجعل الضرغام بازا لصيده
تصيده الضرغام فيما تصيدا
إن لم يكن أصلا رضي دور التابع . فقط حين تتلاقى القوى تتسع قاعدة الفعل فيعظم الإنجاز ويقل الانهاك الفردي، وذاك ممكن حين تسمو الآهداف و يتخلص المشهد من العملاء والآدعياء لانه عندها بالتأكيد سيلتقي الصادقون .
.
******
استحضار الماضي بصوره المضيئة مغر لأصحاب المشتركات لكن التعامل مع الحاضر بإكراهاته وتخندقاته شيئ آخر ، حاليا ،تتوزع المشهد السياسي عديد الأحزاب التي لا يخلو بعض منها من خلفية قومية اومنتمين ذوي خلفيات قومية ،كل يدعي وصل ليلى ومانظنها تقر بذاكا ،البعث للأحزاب العقائدية في
زمن هيمنة أنواع جديدة من الرساميل شوهت كثيرا من الرساميل الرمزية أمر ليس بالهين، وتوحيد النهج بعد سنوات من تعدد المسالك يحتاج مقاربات وثقة وجهدا ووقتا.
بديل آخر قد يبدو أكثر إغراء يتمثل في إقامة إطار مرحلي جامع لايحرج أحدا ولوجه يلعب دور المرشد بتشديد الشين - وحتى لايثور المحنطون - يحدد أهدافا سنوية وفي مجالات متعددة ضمن مشتركات يخدمها كل من موقعه منها مثلا:
*الذب عن المعتقد(الإلحاد والتطاول على المقدسات)
*حماية الهوية
*العدل الاجتماعي
*تعزيز اللحمة الوطنية
*الإنتصار للقضايا القومية والاسلامية
*التشابك مع الاقليم
فذاك مدبج في برامج عدة احزاب وهو متضمن كذلك في بيان التظاهرة كما اطلعت عليه .
وهكذا توضع برامج سنوية تنظم مناشط في مختلف المناطق لتنفيذها وينسق مع الاحزاب والهيئات الراغبة في ذلك ، يلتقي الناس يحتكون يعملون مع بعض.
وبدلا من التناقر الفيسبوكي مع بعض محنطي التيارات السياسية مثلا ينصرف جهد الشباب الى عمل ميداني متصاعد نابع من الاسفل لتجذير استخدام اللغة العربية والإقتراب ثم الطمأنة للجيوب المتوجسة من ذلك . ماذا لواستهدفت المناشط على الارض وفي الفيس تعبئة زبناء مؤسسة مصرفية من المعلمين والأساتذة والموظفين الذين يغذونها بحساباتهم الجارية بغيةتصويب سلوكها حيث تحتقرهم يوميا بصرافاتها التي تجعل الانجليزية ١ والفرنسية ٢ وعربية ركيكة٣!!،ماذا لونظمت مناشط مدروسة لتحفيز المؤسسات الخدمية والادارات الواحدة تلو الأخرى (توجيها وتشجيعا وربما توبيخا) لحثها على تقريب الخدمة من الناس عبر معاملتهم بما يفهمون ، ألا يكفي لفرز الحابل من النابل وضع برنامج نضالي لتحصين المجتمع ضد التطبيع الخفي و المتسسلل يطارد السلع الإسرائلية في الأسواق،ويمنع تسرب الثقافة الصهيونية الى العقول مؤمنا دعم الشعب الفلسطيني، ألا تنظم انشطة لمحاربة مخلفات الرق و أخرى لحماية صغار المنتجين ، ومحاربة الغلاء ،،،،وسرقة جيوب المستضعفين، تلك مثلا بعض مشتركات يتقاسمها الجميع ، ونعتقد ان هناك من يملك من الاحترام ما يستطيع به ان يجمع حولها الجميع. ليكون بالإمكان دائما تخليد ذكرى جديدة للشهداء تتنسم عبق الماضي لكنها تستعرض تقارير عن منجزات سنوية تنفع الناس وتمكث في الارض فمن يمضي شهيدا ولانزكي على الله من أحد هو حي عند ربه لكنه كذلك يجب أن يظل عند الناس حيا بما يلهمهم ويهبهم من آفاق ،والله غالب على أمره ولكن اكثر الناس لايعلمون.
ا