أعزاءنا القراء، فى موقع وكالة الرائد ، نقدم لكم قصة إحدى الملاحم الحسانية الموغلة في الشجاعة والكرم، والتى يخلدها الكاف المشهور:
.
كوّاتْ اريامُ كاملاتْ= فالظيكْ امْنَيْنْ إفَاتنْ
صَبْحُ عَنْدُ متراجْمَاتْ= اْليُومْ التيدَناتنْ
كاف شهير، كثيرا ما تغنى به المطربون إلى درجة أنه أصبح ممجوجا رغم ما يحمل من بلاغة وحسن سبك.
والحقيقة أن الكثيرين لا يعرفون أن هذا الكاف وطلعته يحكيان عن إحدى الملاحم الحسانية الموغلة في الشجاعة والكرم. ففي يوم 3 فبراير سنة 1831 وقعت، عند موضع يسمى غابو، معركة طاحنة بين أهل هنون لعبيدي وأهل بهدل ضمن حرب بينية عرفتها إمارة أولاد امبارك في منطقة الحوض. ولما انتهت المعركة لوحظ أن يد الفارس حمادي ولد سيد أحمد ولد ادّْليلْ قد قطعت كليا وبقيت عالقة في رسغه بنسيج عصبي رقيق. وعاد المحاربون إلى ديارهم، إلا أن ولد ادليل رفض فصل يده المتعفنة عن ذراعه.
ومرت الأيام تلو الأيام، والفارس يرفض أي اقتراح بقطع تلك اليد المتدلية النتنة. وعندما خاف أولاد امبارك على حياة الفارس ولد ادليل طلبوا من المطرب محمد ولد اسويد بوهْ أن يُمَجّده بالشعر ويطلب منه أن يهديه يدَه مكافأة له. فدخل عليه في خيمته مع جماعة من المطربين يحمل كل واحد منهم تيدنيته. وأنشده:
كوّاتْ اريامُ كاملاتْ= فالظيكْ امْنَيْنْ إفَاتنْ
صَبْحُ عَنْدُ متراجْمَاتْ= اْليُومْ التيدَناتنْ
فتنتْ غابُ مالُو امثيلْ= ايْغَيِّي فيهَ كلْ جيلَ
سنْدْ المسلمْ ولد ادّْليلْ- وَسّايْ المسلم عاتنْ
شَكَّاكْ البيظَه منْ اْلخَيْلْ- والرجْلِ تيجكراتنْ
ولما أنهى المطرب رائعته، التفت على الفارس وطلب منه يده، فقال له: خذها، فأخذها المطرب وقطعها. وما إن انتهى من قطعها حتى التفت الفارس على المطرب وهو يقول: إن شئت اقطع معها الأخرى.