صبرا أحزاب المعارضة، صبرا منسقية المعارضة، فإن الثورة في بلاد شنقيط قادمة لا محالة، فهي تخبر عن نفسها وتخبرأسبابها عنها، لستم من يزرع بذورها، ولا من يحدد مكانها و زمانها، كما زعمتم،
.
وإنما الحاكم الظالم، هو من يفعل ذلــــك و هو أول من يكتوي بنارها، فالظلم سواء الصادر من الحاكم أو الحاشية الفاسدة كفيل وحده بتهييج المشاعر و الدفع بالناس الى الأمام لنيل الحرية والحقوق و هو ما يسمى بالثورة، و حسب الثقاة فقد اكتمل زرع بذورها، و تتهيأ كل الظروف لرعاية ذلك البذر، حتى ينمـــــــو ويثمر ويأتي أكله، فلا تستعجلوا من أمرها شيئا.
الثورة ظاهرة اجتماعية غريزية في الإنسان و الحيوان، لا تأتي في الغالب، إلا نتيجة الظلم والإطهاد و اليأس والحرمـــان، فحيث ما وجدت، هاجت المشاعر و تطلعت النفوس للخروج من حالة اليأس إلى فضاء أرحب، بأسلوب قوي وعنيف لكنــه يهون لتحقيق ما بعده من الحرية و الكرامة، عجزت أساليب المهادنة و المصالحة و الصبر عن تحقيقه.
فَمِنْ أقسي مظاهر الظلم، أن تسلط من لا يرحم على من يستحق منك الرحمة، بل أشد من ذلك إن تصم أذنيك و تغمــــــــض عينيك لكي لا تسمع و لا ترى آهاته وأحاسيسه، و تسلمه طواعية إلى مفترس جشع، يسومه الذل و المهانة، فلا غالــــــــب لأمره و لا مخلص من قبضته، لأنك تحميه و ترعاه لعلاقة نفعية أو قرابة سطحية.
فتلك و الله حال مقاطعة أوجفت، يوكل أمرها برمته إلى شيخها و زمرته ( النائب الجنرال العمدة...إلخ )، فشيخ المقاطعــــة سلطته ناجزه، و أوامره نافذة، لأنه المؤتمن من طرف فخامة رئيس الجمهورية على المقاطعة و أهلها، فما رعاها حــــــــق رعايتها، بل تجبر و طغي و ظلم، و جلب لها المضار ورفع عنها المنافع، و سلط سيف العقوبة على كل من يعرف أن يقول لا، فهو و زمرته يحضرون حاليا طبخة سياسية، للاستحقاقات القادمة، لا تراعي مصالح المقاطعة، و لم يشرك فيها أحـــــد غيرهم من أبنائها، كما عودونا دائما، و ستمر تماما كما خططوا لها، ليس لرغبة السكان بها، و إنما لأن السلطات الحزبيــة و الإدارية رهن إشارة الشيخ الموقر.
ليس غريبا يا فخامة رئيس الجمهورية، أن توظف شخصا لا يستحق التوظيف، أو تمول له مشروعا أو أي مكافأة لا تمــــس مباشرة حرية و مصالح الآخرين، و لكن الغريب العجيب، أن تٌمَلُكَ شخصا مقاطعة بسكانها، شيوخها، شبابها، أرضـــــــها، مصالحها و همومها، تماما كأنها حديقة في فناء منزله الداخلي، يتصرف فيها كما يحلو له، خاصة إذا كان هذا الشيـــــــــــخ لا يحسن العشرة والتصرف.
أو لا يفهم رئيس الجمهورية أن ذلك يوضع في ميزان السيئات، أو لا يفهم أيضا أن سكان مقاطعة أوجفت مواطنون فقـــراء ضعفاء يحتاجون الرعاية قبل الإهمال و الرحمة قبل التجبر و المودة قبل العقوبة، أو لا يدري أن غابة تشتعل بشرارة، أو لا يدري أن ما يحدث في أوجفت، ربما يحدث في مقاطعات أو ولايات أخرى، بسبب الزبونية و البطانة السيئة و الثقة الزائـدة في من تخدع مظاهرهم البراقة، قطعا يبدو أن رئيس الجمهورية لا يفهم.
ليس باستطاعة رئيس الجمهورية توفير الغذاء و الدواء وخفض الأسعار، و لكن باستطاعته أن ينصر المظلوم و يأخذ حقـــه من الظالم و ينشر العدل و يولي على الناس خيارهم و يشركهم في أمورهم و يسمع منهم، وهذا قطعا ما لا يحصل في مقاطعة أوجفت، و إن لم يحصل فقد خان الأمانـــــــة و خلف الوعد و العهد، و يكون مصيره كمصير أسلافه من الظلمــــة و الطغاة، لأن الظلم و تكريسه والسكوت عليه من أهم أسباب انتزاع الملك، وقد يكون ذلك بالثورة أو غيرها.
أنا متأكد أن السيد الرئيس لا يفهم ما أقول حاليا، و لكني أكثر تأكيدا، أنه سوف يفهم يوما ما، و لكن ربما يؤخره، حتى يكون كفهم غريمه زين العابديــــن بن علي يوم قال فهمت الجميع لكن يوم لا ينفع الفهم.