في الذكرى 56 لاستقلال الجمهورية الإسلامية الموريتانية عن عدوها المباشر فرنسا، يحق لنا طرح التساؤلات ووضع الاستفهامات أمام عبارة "الاستقلال".
.
هل فعلا استقلت الدولة بخيراتها، بقراراتها، بسيادتها، بلغتها، بدينها؟
صحيح أننا حصلنا على الاستقلال ـ كما ذكرت ـ عن العدو المباشر، وهذه نعمة عظيمة، إلا أنه خلف وراءه أبناء بررة، يقولون بقوله، وينفذون مخططاته لنهب خيرات البلد، ويخوضون عنه الحرب بالوكالة.
خلف جنرالات يسارعون في خدمته، وإرضاءه، مقابل مآربهم الخاصة، ويمدونه بما يريد من تلك الخيرات، تاركين الشعب يكابد الفقر في بلد غني بالثروات.
تعد بلادنا دولة معدنية مهمة، فهي تمنح رخص البحث عن جميع أنواع المعادن، مثل النحاس واليورانيوم والذهب، فهذا الأخير تستخرجه شركة"تازيازت" التي تستثمر في دول أخرى إفريقية كغينيا كوناكيري وغامبيا في معدنين أقل أهمية من معدن الذهب، الذي تستخرجه من موريتانيا، ومع ذلك راجعت تلك الدولتان اتفاقيتهما مع شركة تازيازت ورفعتا من نسبة أرباحهما المستحقة على الشركة، في حين أن البلد لا يحصل إلا على نسبة قليلة هي 3% من عائدات الذهب، وقد قامت الحكومة بمراجعة الاتفاقية مع الشركة، غير أنها لم تغير من تلك النسبة المخزية وهي فرصة ضاعت على البلد.
ومن الجدير بالذكر أنه في حكم ـ الأب المؤسس ـ المختار ولد داداه كانت الدولة الموريتانية تحصل على نسبة تصل 5% من الحديد الذي تستخرجه "ميفرما"، أما اليوم وبعد مرور 58 سنة وتضحية الرعيل الأول من أجل التأميم ووقف ثروات البلد، فإن بلادنا لا تحصل إلا على تلك النسبة ـ التي ذكرت ـ 3% من الذهب الذي هو أغلى أنواع الحديد،
تعمل في وطننا 86شركة في مجال المعادن، عبر 212رخصة بحث و11رخصة استغلال، ومع كل هذا لا تحرك المعادن 1% من اليد العاملة في البلاد، كما لا تمتلك موريتانيا مسحا شاملا أو معلومات وافية عن أرضها، ثم إن شركات التنقيب تحتفظ بالمعلومات لنفسها أو على الأقل الأساسي منها،
أما الشركات التي استفادت من طفرة أسعار المعادن فقد حصلت على رخصة استغلال أشبه بالهبة، أي بأقل من 10مليون أوقية، بواسطة إتاوة الاستخراج التي تحدد ضريبة بقدر 50000أوقية للكيلمتر المربع للاستخراج، وذلك طبعا بعد تعديل قانون 1999 الذي كان يحدد ضريبة الكلمتر مربع ب8000 أوقية فقط
ـ أما ثروة السمك فعلى الرغم من الاهتمام الأوروبي الكبير بالشواطئ الموريتانية التي تخزن واحدا من أكبر الاحتياطات العربية من الثروات السمكية، إلا أن الأوروبيين ـ حسب مصادر مطلعة ـ يعلن رفضه الاتفاق السمكي مع موريتانيا نتيجة مطالب الحكومة الاسبانية، التي تعترض على منع الموريتانيين لصيد رأسيات الأرجل، كالأخطبوطيات المدرة للربح في إسبانيا،
ليخرج علينا الرئيس محمد ولد عبدالعزيز قائلا إنه لا تنازلات عن شروط الاتفاقية وأنه يفضل بقاء الأسماك في الشواطئ على التفريط بها.
وفيما لم تتفق بلادنا والمغرب على تنسيق المواقف للتخفيف من الآثار السلبية لعمليات النهب التي ينتهجها الاتحاد الأوروبي ضد الثروات السمكية للبلدين، بادر الاتحاد إلى توقيع اتفاق مع الرباط لتعويض النقص المسجل في غياب الأسماك الموريتانية،
ـ أما عن ثروة النفط فحدث ولا حرج، فرغم اكتشاف الحكومة 8 آبار نفطية جديدة على الأراضي التي بعضها توجد في منطقة تاودني وبعضها الآخر في المحيط وأخرى منها قريبة من العاصمة نواكشوط. فلا تزال الدولة تستورد النفط وتبيعه بأسعار باهظة
ـ وبعد النفط يأتي دور الغاز حيث أعلن وزير الإسكان والعمران، أن هناك اكتشافات عملاقة من الغاز تم الحصول عليها في حقل بندا للغاز، لكن المستفيد ستكون الشركات الاوروبية ، ويظل ثمن الغاز في بلدي على حاله
ـ وأما القرارات والاجراءات، فلفرنسا الحق أن تعزل الرئيس بانقلاب وتحل مكانه آخر مطيعا لها،
ـ ومن المعلوم أنه لا استقلال لمن لم يستقل بلغته،
فحين يفرض علينا الاحتلال الفرنسي لغته وفكره ، فندرس المواد العلمية باللغة الفرنسية ، رغم عدم استيعاب الكثير من الطلاب لتك اللغة، فلو درست تلك المواد بلغتنا العربية، لكان الإنتاج أكثر ونسب النجاح كذلك،
حين يفرض علينا أن نحذف التربية الاسلامية من التعليم الثانوي، وخاصة الباكلوريا، يزرع بهذه الخطوة في القلوب عدم المبالاة بهذه المادة التي يدرس من خلالها الإسلام وأحكامه،
وأخيرا يحق لنا ان نسأل: هل نحن مستقلون أم مستَغَلُّون؟