اسمحوا لي... لست مؤهلا لأن أكون حكما في هذا السباق، وذلك لعدم خبرتي بالآلة، وأكثر من ذلك عدم خبرتي بالإنسان، ولكن يشفع لي المثل (ال بلسان ما يذهب)، وهكذا نبدأ بهذا السؤال: متى ستحل الآلة مكان الإنسان؟
.الإنسان حباه الله بالعقل وأمره باستخدامه {أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها} قرآن كريم؛ نعم الإنسان بالعقل، وخصوصا المسلم، حيث كان القرآن يؤطر عقله، يأمره بما فيه مصلحته وينهاه عما يضره، حتى ولو لم يتبين الحكمة من ذلك، وشقي بالعقل من شقي، وسعد من سعد؛
قام الإنسان بتطوير الآلة وباستخدامها حتى استعاض بها عن الإنسان: السيارات بدون سائق، والطائرات بدون طيار، حلت الآلة محل الإنسان حتى أصبح البشر مهددا بالبطالة، وبلغ التحدي ذروته بالمواجهة التي تمت بين لاعب الشطرنج الروسي: كاسبروف والآلة، عندما قامت شركة(IBM) بصنع الحاسوب الخارق ديب بلو الذي يحسب 180مليون نقلة في الثانية، فيفوز عليه كاسبروف، غير أن شركة(IBM) لم تستسلم، فقامت بصنع الحاسوب الخارق ديب بلو2الذي هزم كاسبروف، مسجلا بذلك تفوق الآلة على الإنسان!
عززت هذه النتيجة تنبؤات " آلبرت إينشتان" حيث يقول: الشيئان اللذان ليس لهما حدود، الكون وغباء الإنسان، مع أني لست متأكدا بخصوص الكون!!
أليس من حقنا اليوم طرح السؤال: هل أصبح بإمكان الآلة أن تحل مشاكلنا التي عجز الإنسان عن حلها؟ على سبيل المثال: الخلاف المتنامي بين المعارضة والنظام؛
- النظام يعتقد أنه انتشلنا من الضياع ورفعنا إلى أعلى عليين؛
- المعارضة تشكك في كل شيء: التنمية، الديمقراطية، المؤسسات الدستورية، الانتخابات؛
- شرائح متعددة من الشعب تائهة لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء، تنادي بالديمقراطية، وتعترف بأنها حكم الأكثرية، في الوقت ذاته كل واحدة من هذه الأقليات تطالب بالتمييز الإيجابي على طريقتها الخاصة!!
أتمنى أن تقوم إحدى الشركات الصناعية بصنع جهاز فائق الذكاء يبرمج على نظام الدولة الفاضلة، بالطريقة التي يرضى عنها الغرب طبعا! على أن تبقى مفاتيح هذا الجهاز خارج الوطن في مكان آمن، بعيدا عن عبث المفسدين، وتشكيك المشككين، وهذا ما يجنب البلد ضرورية الحوار وعقدة ممهدات الثقة بين المعارضة والنظام، يتابع هذا الجهاز كل التصرفات الجارية في الدولة بكل دقة وموضوعية، وعندما تقع مخالفة تصدر منه إشارات وأصوات بشكل مظاهرة، لا تنقطع حتى يصلح الخطأ، يقوم هذا الجهاز مقام غرفة الشيوخ، مما يجنبنا ما يؤديه انتخاب الشيوخ من شراء الذمم، ويغني عن مجلس النواب وما يصاحب انتخاباته من الاتهامات بشأن ما ينفق من أموال عمومية كما يزعم البعض، وما يلصق بلجنة الانتخابات من عدم المصداقية؛
يكون الاتصال بهذا الجهاز متاحا لجميع وسائط التواصل المخلفة، فيتمكن كل مواطن من طرح سؤاله أو تسجيل استشكاله ليجد الجواب الشافي في لحظة، وبهذا نتجنب الاتهامات الغير مؤسسة، والتبريرات الغير مقنعة؛
إن تجربة هذا الجهاز لمدة سنتين كفيلة بالتأكد من مصداقيته، ولحسن الحظ فهذه الفترة ذاتها هي المتبقية من المأمورية الرئاسية الحالية، الأمر الذي يتيح تسليم السلطة للجهاز بكل هدوء وسلاسة، ولا طالب ولا مطلوب!!
بهذه الطريقة نتأكد من عدم تمديد المأمورية الرئاسية، ومن عدم تعديل الدستور، كما أن هذا الإجراء يقطع الطريق أمام المتهافتين إلى الترشح للرئاسة، ويجعلنا نودع شعارات: الرحيل والبقاء.
اللهم لا تصدق فينا بيت كعب بن زهير:
فلا يغرنك ما منت وما وعدت -- إن الأماني والأحلام تضليل.