ولد الرحالة الفرنسي René Caillié(المعروف لدى البيظان بـ "ولد كيجه") سنة 1800 بمقاطعة دي سيفر الفرنسية حيث تربى في كنف أسرة فقيرة قبل أن يفقد والديه فيعيش يتيم الأبوين.
.وكان في مراهقته مشغوفا بمطالعة القصص التي تتحدث عن الرحلات والاستكشافات وحياة الأمم الأخرى. فبدأ في سن مبكرة يحن إلى الترحال. وقد رسم في مخيلته هدفا وحيدا تمثل في الوصول إلى تمبكتو وفك رموزها وألغازها خاصة أنها كانت حينذاك أسطورة لدى الأوربيين الذين فشل جلهم في الوصول إليها وتقديم معلومات وافية عنها.
وفي سنة 1816 اختفى ريني كايي في إحدى قطع أسطول عسكري فرنسي بقيادة العقيد اشمالتز كان متوجها إلى سان الويس (السينغالية) لاسترجاعها من الإنكليز. وعند وصول الأسطزل إلى سان الويس، واستتباب الأمر لفرنسا، حاول ريني كايي التوجه إلى الصحراء الكبرى بحثا عن تمبكتو، إلا أن المتنفذين ثنوه عن فكرته إشفاقا عليه وهو مراهق يافع، وأرسلوه-بدلا من ذلك- وكيلا تجاريا في أرخبيل الآنتيل حيث لم يمكث إلا ستة أشهر عاد بعدها إلى محاولة تحقيق هدفه الاستكشافي السامي، فغادر إلى بوردو بفرنسا ليغادرها سنة 1918 متوجها إلى السينغال من جديد حيث التقى بعثة استكشافية إنكليزية رافقها إلى غينيا وغامبيا فأصيب بمرض الملاريا أثناء الرحلة. وكان حتما عليه أن يعود إلى فرنسا التي عاد منها إلى السينغال سنة 1924 ليطلب من البارون روجي أن يساعده في تحقيق حلمه فمنحه بضائع للمتاجرة بها في منطقة لبراكنه (بموريتانيا الحالية) ولكي يتعلم اللغة العربية وأصول الدين الإسلامي قبل سفره الطويل بحثا عن تمبكتو. ويرى الباحث دموجو Demougeotأن "حسن علاقة الأمير البركني أنذاك (أحمدو ولد سيد أعلي الذي تأمر ما بين 1841،1818) بالفرنسيين كان عاملا أساسيا في اختيار إمارة البراكنه كمحطة أولى لريني كايي الذي تظاهر هناك باعتناق الإسلام. كما أن لاستبعاد إرساله إلى إمارة الترارزه الأقرب إلى سان الويس له صلة بسوء علاقات الأمير التروزي حينها أعمر ولد المختار (الذي تأمر ما بين 1800، 1829) بالفرنسيين جراء معارضته لمشروع الاستعمار الزراعي بمنطقة الوالو".
وبالفعل اتجه ريني كايي سنة 1824 إلى إمارة البراكنه حيث قضى هناك تسعة أشهر بين السكان الذين حرفوا اسمه ليصبح: "ولد كيجه" وبنوا عليه قصصا وقالوا فيه مثلا شهيرا: "مرسول ولد كيجه"الذي يضرب لمن يذهب فلا يعود أبدا، مع ما يكتنف هذا المثل من غموض في الأسباب.
وخلال رحلة طويلة مليئة بالمآسي، وصل ولد كيجه إلى تمبكتو سنة 1828 وأمضى فيها 13 يوما ليسافر منها إلى فرنسا مرورا بمدينة طنجه المغربية. وقد حصل من الجمعية الجغرافية الباريزية على جائزة كبرى مقدارها 10 آلاف فرنك بالإضافة إلى وسام شرف استحقاقي ومعاش من الحكومة الفرنسية. وكان ولد كيجه قد كتب الكثير عن رحلته ومعاناته وحياته في إمارة البراكنه كما كتب عن حياة تمبكتو من حيث الموقع الجغرافي والمناخ ونمط العمران وحياة سكانها وعاداتهم، قبل أن يختطفه الموت وهو في الـ 38 من عمره: أي سنة 1838.
وسنعود - بحول الله - إلى ما كتب ولد كيجه عن الفترة التيقضاها في البراكنه في حلقة خاصة.
من ارشيف موقع التيسير الثقافي