احتضنت قاعة المحاضرات فى المركز الثقافي المغربي مساء اليوم محاضرة تحت عنوان "" العلاقة بين الكتابة الأدبية و الكتابة الصحفية " قدمها الكاتب الصحفي الولي ولد سيدى هيبه، وذلك بحضور جمهور أكاديمي وأدبي وإعلامي كبير
.الدكتور محمد القادري مدير المركز ألقى كلمة قيمة رحب فيها بالحضور ، وتضمنت ملخصا عن أهم محاور المحاضرة . وهذا نص كلمة المدير:
يتشرف المركز الثقافي المغربي بنواكشوط بأن يرحب بكم جميعا كل واحد باسمه وصفته مجددا لكم خالص عبارات الشكر والتقدير والامتنان على حسن تلبيتكم دعوة الحضور لمشاطرتنا أطوار هذه المحاضرة التي نلتئم بمناسبتها في هذه الأمسية لنستمع للعرض الذي أعد لها ونناقش مضامينه وأبعاده.
.وأتوقف هنا لأتوجه بالشكر والتقدير للأستاذ الوالي ولد سيد هيبة، الكاتب الصحفي والأديب والفنان، المثقف المنفتح على الثقافة بمفهومها الواسع وعاء ومضمونا، أصالة ومعاصرة، عربية وفرنسية، وأهنئه على حسن اختياره لموضوع المحاضرة التي سيتناول فيها مسألة " العلاقة بين الكتابة الأدبية والكتابة الصحفية ".
وقد أعد الأستاذ الوالي ولد سيد هيبهملخصا متميزا لتقديم هذه المحاضرة، نصه كالآتي:
" كثيرون في كل قارات العالم و الوطن العربي هم الذين استطاعوا أن يوظفوا وعاء اللغة لشتى أغراض الكتابة و يلبوا حاجات مختلفة لكل طيف القراء من شغوفين بالرواية بكل لون طيفها و المهتمين بالإعلام في كل تجلياته حتى باتوا يدعون بحق كتابا صحفيين.
في الماضي كانت معرفة أخبار العرب مقرونة بحفظ الأشعار، وإن لم يَكُنْ للفظ «الأخبار» هذا المعنى الحديث الذي صار لها وغلب عليها، فقد كان أقرب إلى معنى التاريخ وأشبه به، وكان الشعر نفسه يُعَدُّ ديوانًا لأخبار العرب، وسجلًّا لأيامهم ووقائعهم، وقد اقترن الأدب بالصحافة في زماننا هذا اقترانا يظهر أنه لا حيلة فيه ولا مهرب منه.
أول ما يفيده الأديب من الصحافة هو اتصاله بالحياة - حياة الجماعة وحياة الفرد - وفهم هذه الحياة على قدر ما يتيسر له ذلك بحسب استعداده وما رزق من المواهب والمَلَكات.وتفيده الصحافة أيضًا أن أسلوبه يصبح حيًّا، وتقول لي تجربتي إني كنت قبل العمل في الصحافة أشبه بمومياء محنطة، فلما دخلت في الصحافة أحسست بالدماء تجري في عروق هذه المومياء، وأنها أصبحت قادرة على موافقة الحياة في أكثر من موضع واحد، وأنها صارت تنظر وتُحِسُّ وتفكر وتنطق كما ينطق الأحياء، ولا تكتفي بأن تتبدَّى للناظرين إليها - كما كانت تفعل إذ هي مومياء - وتوحي إليهم أو لا توحي شيئًا.
وتفيده كذلك مرونة في الأسلوب - أسلوب الكتابة وأسلوب التناول - فهي مدرسة نافعة، أو على الأقل لازمة للأديب، وإن كانت مشغلة شديدة، على أن ما تأخذه من وقت الأديب ليس شر ما فيها، وإنما شرها أنها قد تغريه بأمرين على الخصوص:
الأمر الأول : السطحية، أو بعبارة أخرى اجتناب الغوص والتعمق والاكتفاء بأول وأسهل ما يرد على الخاطر ابتغاء التخفيف عن القارئ واتقاء الإثقال عليه، ومن هنا يخشى أن يعتاد الأديب الكسل العقلي.
الأمر الثاني: أن الصحافة قد تدفع الأديب إلى توخي مرضاة القارئ العادي فيحرص على ذلك حرصًا قد يفسد عليه أدبه، ويضيع مَزِيَّتَه، ويفقده قيمته.
تساعد الصحافة الأدب من خلال استحداث و نحت مصطلحات ومفردات تثرى قاموس اللغة .و تتميز لغة الصحافة بالسهولة والبساطة واليسر لتكون في متناول الجميع أي مختلف شرائح المجتمع، لأن جمهور الصحافة جمهور عام وعليه يجب أن تكون هذه الأخيرة في متناول الأوساط الاجتماعية على اختلافها وتنوعها. غير أن جمهور الأدب جمهور متخصص يتعين على الأديب أن يوظف لغة في مستوى تخصصه وأن يرتقى إلى النخبة المثقفة التي يخاطبها .
ويقول حسنين هيكل إن الصحافة رزق يوم بيوم، والأدب رحيق الجمال بين صفحتي الأزل والأبد، والصحافة توجيه الحاضر لما نعتقده المنفعة، والأدب تصميم المدينة الفاضلة، والتغني بذكرها تمهيدًا لإقامتها وتشييدها، والصحافة جهاد يومي متصل غايته الغلبة والظفر، والأدب تأمل وإمعان لاستجلاء الحق، والخير، والكمال لمجد الإنسان وسعادته."
بقلم الوالي ولد سيد هيبة.
وفي الأخير لا يفوتني أن أشكر بشكل خاص نادي القصة الموريتاني على تعاونه المثمر والبناء مع المركز، الذي تمخض عنه برمجة هذه المحاضرة القيمة بالإضافة إلى مجموعة من المحاضرات الهامة طيلة الموسم الثقافي الحالي.
أشكركم مجددا والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.