إتباعا لما فات أقول والعون بالمعين فاطر السماوات : إن لمركزية التعليم معضلة كسابق المعضلات ، وأعني بمركزية التعليم هنا اعتماد مقاربة الكفايات ؛ في كل المناطق من بلادنا والجهات ؛دون اعتبار التفاوت في المراحل والمستويات .
.ومن المعلوم أن المناطق في بلادنا تختلف وتتباين أي ما تباينات ، ويصعب بل يستحيل إشراكها في كل المقررات ؛ دون تفريق للمحيط في مجمل الإسقاطات ، ولا بأس بتقديم أمثلة على ما نقول ليعم الفهم وتزول الالتباسات ، فمثلا مستوى ونوعية التعاطي مع هذه المقاربات ؛يختلف من العاصمة وما معها من المدن جمعته صفات ؛ عن مناطق الضفة ومحيطها من القريات .
فما توفر من مستلزمات ؛تعتمد عليها الدراسة طبقا لمقاربة الكفايات ؛ موظفة في أنشطة وإجراءات تواصلية مع اختلاف الوضعيات ؛ يقل أو ينعدم في باقي المناطق ، وخاصة تلك الريفيات ، إذ المقاربة هذه تعتمد على معارف ومهارات ؛مدمجة في مواقف ونشاطات ، يكون فيها التلميذ محور العمليات ، وقد صيغت من هذه المقاربات جذاذات يعتمد في تطبيقها ؛ على الحضر وما به جاد الإله من خيرات ، لا توجد في الأعماق وناء البلديات .
أقول والعون بالله ملهم المخلوقات : إن علينا هنا بالذات اعتماد اللامركزية في هذه المقاربات ، فنخص مثلا شرقي الولايات ؛ بمناهج تعتمد في الطرح والمحتويات ؛ على ما تزخر به الطبيعة من خيرات ، ونبعدهم عن أمثلة ودروس تعتمد في الشرح والتبسيط على وصف القطار والطائرات ، ونعيض ذاك بمعلومات تتعلق بالتنمية الحيوانية وحياة الشجيرات ، ثم نفرد أهل الحضر بما عم ذكره في هذه المقاربات ،إذ نمط التعامل مع الدرس وقوة الفهم أشياء تعتمد كثيرا على المعاينة وقريب المشاهدات ، فهذا وهو الرجاء من شأنه أن ينجح تعليمنا في الابتدائيات ،ثم ندمج ما نريد من برامج وإسقاطات ؛ عند دخول الإعداديات ، إذ الأطفال بلغوا من السن حد التمييز؛ فصاروا أقدر على استيعاب الوصف وفهم التصورات ، ولم يعد هنا من الوارد عيب هذه المقاربات ؛ أوغيرها من الطرقات .
كما أن لفوضوية التحويلات مالها من عوائق وعظيم السلبيات ، فالفوضى في هذا الباب كثيرة وبها تميزت الوزارة في ماضي السنوات ، وتضررت منها عدة ولايات ، وبها شرد تلاميذ وحرم آخرون الدرس في أغلب الأوقات ، وكان لبعض الإداريين في الوزارة منها أموال وسيارات ، وتطورت مستوياتها المالية ؛ وتغيرت الوسائل والطرقات ، فمن أمثلة التلاعب والتحايل في هذا الباب ؛جعلك تتبع لولاية لست بها قد درست سلفا أو وجهت ضمن لوائح التحويلات ، كأن يكتب في ما نشر من تحويلات ؛ فلان قادم من ولاية كذا ؛المتميزة بالزيادة في الطاقم إلى أخرى التي تحتاج تحويلات ، مع كونك أصلا تعمل في ولاية تحتاج بإلحاح إلى طاقمها؛ بل تحرم منها أي تحويلات ، كما حدث مع كيدي ماغة مثلا والحوض شرقي الولايات ، وكان للأموال في هذه الظاهرة سبب للترسيخ و المتاجرات ، حتى صار بائع الرصيد تحت البنك المجاور للوزارة "سمسار" للتحويلات ، كذا حال البواب في الإدارة ؛ ومن فرغ لهذا الغرض من عمال هذه الوزارات ، فارتفعت المبالغ وبلغت من الآلاف ثلاث مئات ، في داخل الوطن من الولايات ، أما العاصمة فلا بد من إكمال مبلغ من الآلاف حده ست مئات ، دون مساومة أو إنقاص أوقيات ، وتم اعتماد الاستعارة كسري الأرقام في هذه التحويلات ، كأن يتصل أحد المركزيين في الإدارات بزميله الذي يدير إحدى الجهويات ، أويخبره عبر رسالة قصيرة أو بريد ؛ بأن فلانا لم يعد يتبع له بل صار في اعتماد آخر من مديري الجهويات ، وإن كان لابد من تعتيم أكثر ؛يقول تلك الخنشة التي كانت في الدار الغربية قد نقلناها إلى إحدى الدور تلك الشرقية أو الجنوبية وتنهي الاجراءات ...!
يحدث هذا مع تجاهل تام لمستحقي هذه التحويلات كمقدمي الطلبات ؛ المتوفرين على الشروط ومايلزم من معايير ومؤشرات ، الخادمين في القطاع حتى قبيل الالتحاق بالتقاعد ؛ ختام العمل والالتزامات.
كما أن إعادة النظر في ماضي الإصلاحات ؛ وماطبعها من إرتجالية وتذبذبات ؛جعلها تتسم بالتكرار والمحاباة ، من شأنه أن يضيف مقترحات تكون زيادة لتوجه الإصلاح ؛ إن صحا الضمير و صفت النيات، وقدم الطرح الأنسب والاستفادة من الأخطاء في سابق الخطوات ، لأن مامضى من شبه الإصلاح شل القطاع ورده إلى الوراء مرات ومرات ، وضيع الجهود والمقدرات ، فصارت ضحاياه تارة ضحايا لغات ، وتارة ضحايا برامج ومحتويات ، فمثلا خرج إلى الشارع من الضحايا ست مئات ، كانوا يدرسون باللغة العربية أم اللغات ، ولما تم اعتماد جديد البرامج أبعدوا بفعل اللغة عن مباشرة التدريس في الحجرات ، حدث هذا بدعوى الإصلاح وما صاحبه من تخبطات ، ونشير هنا إلى أن العربية ليست من العوائق والمشكلات ،وإنما المشكلة في تسييس هذه الإصلاحات وإعدادها من طرف متقلبي الأمزجة وشاردي الفكرات .