ردم آوليك ... عن الشاي / .. أحمدو ولد أبن

2025-02-25 12:11:51

في الأسبوع الماضي،عشنا أجواء اليوم العالمي للشاي،وقد تفاعل الناس مع هذا الحدث بطرق مختلفة،تبعا لمشاربهم الثقافية والفكرية المتعددة.

معروف أن الشاي(أتاي)له مكانة خاصة في حياة مجتمعنا ونكهة متميزة في ثقافته،ونال نصيب الأسد من تراثنا الأدبي بشقيه الفصيح والشعبي.

التأم مجلسنا في هذا اليوم،وضم من خيرة الفتيان وأهل الأدب،وكان خيط المجلس شايا معتقا تنبعث منه نكهة النعناع الأصيل،مقتطفا من كيس علق على عمود طويل بالقرب من خيمة نصبت على ربوة ذهبية،يناغمها نسيم(الساحلية)اللطيف لا يثير الغبار ولا الحصى.

كان الوقت بعد العصر،وجيء بمائدة من شواء خروف ناعم(أفشاي) يلبس شحما كهداب الدمقس المفتل،وما راعنا إلا جهاز(SONI) القديم تنطلق منه(ردات)من(كر) على آلة(تيدنيت)الفنان الراحل المختار ولد الميداح(الداه)رحمة الله عليه،فإذا به يدخل(انتماس) يوسعه ويزخرفه!

قلت لجلاسي:

أتدرون أن هذا(أفشاي)يوافق هذا المقام من الموسيقى المحلية؟

إلا أن وقته المناسب ينبغي أن يكون وقت الضحى.

فالمقام المناسب الآن إما أن يكون(التحزام)أو(التحرار).

لكن(مقامات)أهل اليوم لا يضبطها وقت معين،إذ ينسحب عليها ما ينسحب على أمور حياتهم كلها،لمَّا تغيرت في جميع أبعادها.

ثم غنى المختار بيتا من(اكحال كر) أبدع فيه أيما إبداع،وجاء به على أصله دون تحريف أو تغيير!

إستنشدنا أحد القوم نماذج من أدب الشاي(أتاي) فقلت إن من أطرف ألوانه،ما تعلق ب(السكاكه)وهم المتطفلون الذين يستميتون في طلبه أينما كان وكيف كلفهم ذلك!

من ذلك هذا (الكاف)الذي يستثقل فيه أحدهم(سكاكا)ويصف فيه أصحابه بشكل عام:

السكاك           إلا         جاك@

واتنيمش               فالباسك@

واظحك    لك    هو       ذاك@

لاهي       يشرب        كاسك@

وقيل في أحد هؤلاء الطفيليين:

أتاي      اعبيدي     يا      القدير@

ماهو        كابل    فيه    القياس@

كاسو     منُّ        هو         لكبير@

والروزه     عندُ    كد        الكاس@

وتقدم الشريط ومازلنا في مقام(كر) فغنى المختار بيتا من الكامل من قصيدة أبي تمام الطائي التي يقول في مطلعها:

دمن     ألم   بها   فقال      سلام@

كم   حل  عقدة  صبره       الإلمام!!

وما أجمل ترجيع الداه رحمة الله عليه للأبيات:

مرت  بنا    أعوام    وصل   للصبا@

فكأنها    من          طيبها      أيام@

واتبع المختار هذا البيت الرائع بيتا من السريع من شعر العلامة محنض باب ول اعبيد

قوى     رجائي      أنني      عبده@

والعبد     من     سيده      نخوته@

وأنني    من      أمة      المصطفى@

والمصطفى    فازت   به        أمته@

بين هذا وذاك كانت تدار كؤوس الشاي شهية تجلو عن القلب الحزن والأكدار.

ثم غنى المختار بيتا من الوافر الحقيقي من شعر مجنون بني عامر:

رعاة   الليل  ما  فعل  الصباح؟

وما فعلت     أحبتنا      الملاح؟

وما بال الذين  سبوا    فؤادي@

أقاموا   أم    أجد  بهم     رواح!

قلت هل تعرفون أن العرب قالت إن في شعر قيس ليلى هذا بيتا جاء أكثر تعبيرا عن خفقان القلب من غيره؟

قالوا:

أين؟

قلت:

في قوله:

كأن القلب   ليلة قيل     يغدى@

بليلى    العامرية        أو  يراح@

(قطاة  عزها      شرك    فباتت@

تجاذبه    وقد    علق      الجناح)

المدير الناشر
أفلواط محمد عبدالله
عنوان المقر ILOT G 122