اختارت بريطانيا، التي تخشى حدوث عمليات إرهابية، المواجهة مع "الجهاديين" العائدين من جبهات القتال في سوريا والعراق، في حين تدعو جمعيات وخبراء إلى "نزع التطرف" من أذهان هؤلاء بغية إعادة إدماجهم في المجتمع.
.
إذ تتحدث معلومات عن 30 إلى 50 بريطانيًا يرغبون في العودة، لكنهم يخشون إيداعهم السجن فور وصولهم.
و قال وزير الدفاع البريطاني مايكل فالون إن "التوجه إلى الخارج والقتال مع الدولة الإسلامية، وهذه منظمة محظورة، يجعل من هؤلاء مذنبين بتهمة الإجرام". وأضاف "إذا كانت بالإمكان إحالتهم إلى القضاء فور عودتهم، فسنفعل ذلك". وتتحدث السلطات عن برامج لنزع صفة التطرف من حيث تأمين المسكن والعمل وإجراء تقويم للصحة العقلية.
ردع الجهاديين المتوقعين
وقال مارك راولي مساعد قائد وحدة مكافحة الإرهاب في الشرطة البريطانية إن هذه الإجراءات ستشمل حوالى خمسين شخصًا في الأسبوع، على أن تكون مخصصة حصريًا للشبان الذين تغريهم محاولة الذهاب من دون أن يغادروا فعليًا للقتال في سوريا أو العراق.
وفي أذهان الشرطة وأجهزة الاستخبارات تجربة الحرب في أفغانستان، عندما توجّه إسلاميون من الغرب إلى كابول، ليصبحوا مجاهدين، ويعود بعضهم إلى البلاد لارتكاب اعتداءات دموية. ولمنع هذه الظاهرة، تضاعف الأجهزة من إجراءاتها، وخصوصًا مصادرة جوازات سفر المرشحين للذهاب من أجل القتال، ومراقبة رحلات المغادرة والوصول في مطار إسطنبول.
تقصير رقابي وقضائي
وقد أبدى رئيس الوزراء ديفيد كاميرون ووزيرة الداخلية تيريزا ماي رغبتهما في سحب الجنسية البريطانية من المحاربين الإسلاميين، لكن هذه خطوة صعبة التحقيق، لأنه ليس ممكنًا تجريد شخص من جنسيته. وحاليًا، من المحتمل أن يكون نصف "حوالى 500" بريطاني توجّهوا للقتال في سوريا والعراق عادوا، وفقًا لمصادر حكومية. وتم "توقيف أكثر من ستين"، وتوجيه الاتهام إلى 16 منهم.
تظهر هذه الأرقام عيوبًا في أجهزة الأمن البريطانية، فماذا عن المئتين الآخرين، الذين لم يتم اعتراضهم؟، وأي نوع من المراقبة على نحو خمسين من المشتبه فيهم، الذين تم استجوابهم، لكن من دون ملاحقتهم قضائيًا؟. وردًا على استفسار لفرانس برس، اكتفت سكوتلانديارد بالتأكيد على "زيادة ملحوظة" في التوقيفات المرتبطة بسوريا، مشددة على منع مغادرة الشبان، إلا أنها التزمت الصمت في ما يخص مسألة عودة الجهاديين.
آمال مبددة
وإذا كان البعض من هؤلاء يشكلون تهديدًا، فإن آخرين منهم تبددت أوهامهم على ما يبدو إثر اكتشافهم الحقيقة بذهابهم إلى سوريا للقتال هناك. ووفقًا للصحافة البريطانية، يقبع خمسة بريطانيين وثلاثة فرنسيين وألماني وبلجيكي في زنزانات الدولة الإسلامية، بعدما أرادوا العودة إلى بلادهم، إثر شكواهم من مقاتلة مجموعات معارضة، بدلًا من قوات نظام الرئيس السوري بشار الأسد.
ويقول باحثون في جامعة كينغ كوليج إن أحد المقاتلين اتصل بهم، مؤكدًا أن بين 30 و50 بريطانيًا يرغبون في العودة، لكنهم يخشون إيداعهم السجن فور وصولهم. من جهته، يقول حنيف قادر مؤسس "أكتيف تشاينج فاونديشن"، وهي جمعية تكافح التطرف، وتعمل على نزع التطرف من أذهان الشبان، إنه إذا كان خطر الإرهاب حقيقيًا، فيجب رغم ذلك العثور على وسائل تسمح لهؤلاء التائبين بالعودة.
لبرنامج متكامل
يضيف لفرانس برس "حتى الآن، لم تتخذ الحكومة البريطانية أي خطوة تسمح لهم بالعودة"، مضيفًا إنه على اتصال مع السلطات "من أجل السماح بعودتهم ضمن إطار من الرقابة". يشارك وجهة النظر هذه زعيم حزب العمال المعارض إد ميليباند والبروفسور بيتر نيومان من مركز دراسات التطرف في جامعة كينغ كوليج، الذي يطالب الحكومة بإطلاق "برنامج لنزع التطرف ملزم بالنسبة للمرشحين للعودة" إلى البلاد.
وقال نيومان لصحيفة دايلي تلغراف إن "الذين نتحدث إليهم يريدون التخلي عن المعارك، لكنهم يشعرون بأنهم وقعوا في الفخ، لأن الحكومة لا تتحدث سوى عن سجنهم ثلاثين عامًا". ويضيف قادر، الذي توجه إلى أفغانستان العام 2002 للانضمام إلى مجموعة تابعة للقاعدة، قبل أن تتبدد أوهامه، إن بإمكان هؤلاء الشبان لعب دور رئيس من حيث "الوقاية عبر المساعدة على منع توجه رجال ونساء إلى هناك.