خواطر مسافر ... الزملاء في اتحاد المحامين العرب/ ذ. بون ولد الحسن

2024-11-19 18:19:01

 حجم المأساة لا يمنع التنبيه على اننا نجتمع في الحمراء عاصمة المرابطين ،وهنا استحضر  رائعة الشاعر الراحل كابر هاشم حديث النخيل  وهي وصف المرابطين 

�عوّدونـي أن لا أرومَ انحـنـــــــاءً *** و لْيَكُ الجدبُ - لو يشاءُ - طويــــــــلا

�قـدَرُ النخـل أن يظـلّ دوامــــــــاً *** رافـعَ الهـامِ أو يكون قتيلا

استحضر ذلك في وقت تمر فيه الأمة بمنعطف تاريخي حادّ قلّ مثيله في سجل الحضارات، حيث تتوالى مشاهد الاقتتال الداخلي والانقسام الفكري. أسباب الانحطاط تتفاقم وتتسع، فتارة نحيل أكثر المبادئ والأسلحة قداسة إلى وسائل للهدم، وتارة أخرى نستعير مصطلحات من الغرب، مثل “الديمقراطية”، فتتحول إلى ذريعة لصراعات أهلية وحروب يبرر بها الخارج تدخلاً مدمراً يبيد الأجيال كافة، من الرضع والشيوخ قبل الشباب.

 

في ظل هذا المشهد المعقد، يبرز السؤال: ما المطلوب؟

إن مسؤولية النخب الفكرية والمؤسسات، وعلى رأسها اتحاد المحامين، لا تقتصر على الوقوف أمام المحاكم الدولية واستجداء عدالة سندها القوة . لا نقلل من أهمية هذا الدور، لكنه يظل ناقصاً ما لم يُستكمل بتوجيه العقول نحو التأمل العميق في المراحل التاريخية واستنباط خلاصات عملية. هذه الخلاصات يجب أن تتبلور في استراتيجيات طويلة المدى تستهدف البناء التدريجي، إلى جانب خطط عاجلة تعالج الانهيار الآني.

 

لا تُقاس أهمية التواريخ بعدد الأيام، بل بعمق الأحداث التي تترك بصمتها على المدى الزمني.

يوم 2 أكتوبر 1990 وما تلاه، كان بدايةً لحقبة تستدعي التأمل والتحليل العميق.

ويوم 30 ديسمبر 2006، لم يكن مجرد تاريخٍ عابر، بل كان إعلاناً عن عصر من الانحطاط زحف نحونا خلسةً حتى باتت طائراته تقصفنا قبل أن تطأ أقدام المحتل أرضنا.

أما يوم 14 يناير 2011، فقد حمل معاني مزدوجة: أملٌ بالتغيير في ظاهره، لكنه في العمق كان امتداداً لمخططٍ طويل وإجهاضاً لمسار إصلاحي تقوده نخبة واعية دون توجيه او تدخل من سلطة،كان قاب قوسين أو أدنى من التحقق.

 

من هنا، يصبح من الضروري تجاوز الصياغات القانونية الباردة التي لا تمس جوهر الأزمة. المطلوب هو بناء رؤية شاملة تستند إلى فهم دقيق للمراحل المفصلية التي مرت بها الأمة. هذه الرؤية يجب أن تتضمن:

 1. استراتيجية عاجلة لمعالجة الانقسامات الفكرية ووقف النزيف البشري والمادي.

 2. رؤية طويلة الأمد تهدف إلى إعادة بناء الوعي الجماعي، وتحويل الأحداث التاريخية من دروس مؤلمة إلى محطات انطلاق جديدة.

 

إن المرحلة الراهنة تستوجب التفكير الجاد والعمل الدؤوب لإعادة كتابة المستقبل، بعيداً عن ردود الفعل العابرة، وبما يليق بعظمة هذه الأمة وإمكاناتها.

اننا مطالبون بتوجيه رسالة واضحة المضامين للقادة والشعوب ، تبين حجم ما تم انجازه من مخطط الإبادة وما هو في متناول البصر من قادم الاحداث

زميلكم  بونا الحسن نقيب المحامين الموريتانيين 

خالص التحية 

مراكش الحمراء 18/11/2024

المدير الناشر
أفلواط محمد عبدالله
عنوان المقر ILOT G 122