قرر الرئيس التركي رجب طيب أرودغان عدم الأخذ بفتاوى القرضاوى فيما يخص الموقف من الحرب على "الدولة الإسلامية" ، مفضلا "الجهاد" مع الرئيس الأمريكي باراك أوباما الذى قرر من جانبه شن الحرب على "الدولة الإسلامية" حليفه السابق فى الحرب على سوريا؛
.ويبدو أن الحرب على "الدولة الإسلامية" قد أحدثت شرخا عميقا فى العلاقات بين قدة تنظيم الإخوان المسلمين الذى يعتبر الدكتور القرضاوى زعيمه الروحي ورجب طيب أردوكان أبرز زعمائه السياسيين، فلأول مرة منذ اندلاع ما عرف بــ"الربيع العربي" يتخذ الرجلان مواقف متباينة من الحروب المشتعلة فى الشرق الأوسط كما أنها المرة الأولى التى تتباين فيها مواقف القرضاوى مع الإدارة الأمريكية وحليفاتها الغربيات بخصوص قضايا الشرق الأوسط والشأن العربي. إذ من المعلوم أن القرضاوى شكل بفتاواه وتعبئته الغطاء الشرعي للحرب الفرنسية والأمريكية على ليبيا وسوريا واليمن وسائر بلدان "الربيع العربي" وظل ينافح عن مجازرهم فى تلك البلدان محملا الأنظمة مسؤولية كل ما يقوم به "أصدقاء ليبيا وسوريا" من قتل وتدمير كما ظل أردوغان شريكا وفيا فى تلك الحروب.
غير أن الحرب على "الدولة الإسلامية" (أبرز فصيل صنعته الحكومة القطرية فى الشرق الأوسط) شكلت منعطفا فى علاقات "الحلفاء" وجعلت فتاوى القرضاوى تفقد ألقها وهيبتها عند تليمذه أردوغان وعند ساكني البيت الأبيض والأليزيه بعد أن كانت أهم وثيقة يعتمدها ويستند إليها الناتو فى تنفيذ أجندته بشأن "مشروع الشرق الأوسط الكبير والفوضى الخلاقة"
البرلمان التركي الذى يسيطر عليه الإخوان صوت أمس الأول - وبأغلبية ساحقة - على مشروع قانون تقدم به أردوغان للسماح له بـــإرسال قوات جوية وبرية إلى العراق وسوريا للجهاد إلى جانب القوات الأمريكية والغربية ضد "تنظيم الدولة الإسلامية" المارق.
وكان القرضاوي قد أصدر قبل أسبوعين بيانات وتصريحات تدافع عن تنظيم الدولة الإسللامية وتتهم أمريكا بالتجبر والأنانيةويلمح فيها إلى حرمة الوقوف مع الكفار ضد المسلمين عكسا لمواقفه السابقة من حروبهم على ليبيا وسوريا.
لكن السؤال المطروح هو أي الرجلين (القرضاوى، أردوغان) يمثل وجهة نظر تنظيم الإخوان المسلمين العالمي؟؟؟ وللإجابة يمكن القول بأنه من خلال تتبع مواقف الإخوان عبر مسيوتهم السياسية والتى تمتاز بالتحيز والاصطفاف الدائم إلى جانب الأجندة الغربية - إذاما استثنينا بعض مواقف حماس- فإن موقف أردوغان يبقى هو الأقرب لمواقف الإخوان فيما يعتبر موقف القرضاوى هذا أكثر تعبيرا عن موقف الخارجية القطرية التى صنعت تنظيم الدولة الإسلامية وأنفقت الكثير من المال من أجل تفوقه على مليشيات نظيراتها الخليجيات فى سوريا وتخشى من أن تتفوق عليها السعودية فى الساحة السورية إذا تم القضاء على داعشها
الشيئ الأكيد هو أن خلاف القرضاوى وأردوغان حول الحرب الحالية على داعش لا علاقة له بالموقف الشرعي من قتال المسلمين وإراقة دمائهم، ولا بالوقوف مع الكفار ضدهم وإنما يتعلق بالأجندة السياسية وتكتيكاتها وما ينجر عنها من صفقات وترتيبات ربما تكون تركيا ربحته على حساب حليفتها قطر.