يمر حزب تكتل القوى الديمقراطية بمرحلة مهمة و حرجة من تاريخه ، تتطلب رؤية سياسية ثاقبة ، و خطوات مؤسسية وازنة .. فالحزب يعاني منذ إنشائه من محاصرة الأنظمة المتعاقبة له ، و مضايقته بل من سجن زعمائه و ضربهم و التنكيل بهم ، لأن الحزب ببساطة ظل طيلة هذه الفترة يمثل المشروع الحقيقي للتغير و البوتقة التي ضمت جميع دعاة التغيير و الحالمين بغد افضل للبلد ، بعيدا عن الايديولوجيات و متاهاتها، و بعيدا عن القبائل و تأثيراتها، فقد حافظ الحزب على مجموعات وازنة من الوطنيين المستقلين، المستعدين للنضال من أجل الوطن و المواطن .. طالت مسيرة الحزب في سبيل التغيير و حقق للشعب و الوطن الكثير من الانجازات السياسية ، حيث ظل يعبر عن مشاكل المواطنين و يطرحها بوضوح و قوة على الأنظمة المتعاقبة .
عانى الحزب منذ البداية من طوابير الجواسيس و المخبرين و من تأليف الكثير من القصص و الإشاعات عنه و عن زعيمه ، الذي لم يلتفت لتلك الأمور و لم يشغل نفسه بها و بالرد عليها ، مراهنا على تاريخه الناصع و على بقاء ما ينفع الناس ، عانى الحزب كذلك من هجرات مناضليه صوب الأنظمة أو من لم يتحمل منهم الإقصاء و التهميش و البعد عن المخزن ، كما ظلت المعارضة عموما تراهن على شعب غير واع و تتحكم فيه القبائل و رجال الأعمال و يباع صوت الفرد فيه بسعر كيلو اللحم ، و مع ذلك لم تتوفر فرصة حقيقية للتغيير إلا و التف الشعب حول المعارضة و حول مرشحيها، لكن كانت تلك الفرص نادرة.
كرست أنظمة الفساد المتعاقبة ( معاوية _ عزيز ) كل جهودها من أجل تشويه صورة زعماء المعارضة و إضعاف أحزابها ، بل حاولت في مرات عديدة خلق معارضة جديدة بشروط الأنظمة الخاصة و وفرت لها الكثير من الوسائل لسحب البساط من تحت أقدام زعماء المعارضة الديمقراطية ، و إن كانت هذه الأحكام تمكنت من إضعاف هذه المعارضة و خصوصا حزب التكتل ، حيث زرعت فيه بعض الانشقاقات الداخلية و كونت فيه خلايا تابعة لها أو تنفذ أجنداتها ، إلا أن بقايا المناضلين العاضين على النواجذ و الذين بقوا عصيين على الأنظمة ، ما زالوا يتواجدون في التكتل و ما زالوا يدافعون عن المشروع و لن يسلموه لفئة قليلة تتلاعب بتاريخ الحزب و بزعامته ، و أدار هؤلاء الأزمة الماضية بكثير من الحنكة و الصبر ، و لم يقبلوا أن تضعهم المجموعة الصغيرة في موقف محرج يختارون فيه بين الذوبان في البرنامج المعد سلفا أو مغادرة الحزب ، بل بقيت البقية الباقية من المناضلين وفية لمشروعها و لزعيمها .
اليوم يجتمع المكتب التنفيذي للحزب لنقاش الاتفاق الذي وافق عليه و ناقشه الرئيس أحمد مع الرئيس غزواني صحبة الرئيس محمد ولد مولود ، و هو اتفاق سياسي على المكتب دراسته و معرفة مدى توافقه مع الظروف الجديدة للحزب و مع برنامج الحزب ،و مع ما يتيحه هذا الاتفاق للحزب من مجال للحركة و التنسيق، ليس على المكتب رفض اتفاق سبق و أقره الرئيس أحمد و تعهد به ، خصوصا أنه يفسح مجالا تنسيقيا جديدا للحزب ، لكن عليهم رسم الخطوط العريضة له و الإشراف المباشر على تنفيذه بدل المجموعة التي كانت تشرف عليه بطريقة لم ترض أحدا من أفراد الحزب بل أضرت الحزب كثيرا ، فما ينتظره مناصرو الحزب هو لجنة حقيقية تشرف على الاتفاق ، تمثل جميع أطياف الحزب و قواعده، و تشرف كذلك على التحضير للمؤتمر ..
قد تضعف الأحزاب و تقوى أخرى، في صناديق الاقتراع، لكن يبقى الماضي السياسي المشرف عصيا على الصناعة ، لأنه مسيرته طويلة و تحتاج الكثير من النضال و المصداقية ..