مرّة أخرى تتجدد الحرب الشعواء لكل ما يرمز للإسلام، هذه المرّة وككل مرّة جاءت من بلد إسكندنافي بعيد الشقّة، ويبدو أنّ هذا البلد الأوروبي -وأحد جيرانه- أصبح مشهورا بعدائه للإسلام كونه يحتضن شرذمة من الأشخاص الذين يناصبون العداء علنا وسرا لهذا الدّين الحنيف
قضيّة حرق المصحف الشريف أعادت للأذهان مجددا تلك المرات التي استباح فيها أصحابها المهاجمة المباشرة لمشاعر ملايين المسلمين عبر العالم من دون أسباب واضحة ولا وجيهة، والملاحظ في هذه النقطة بالذات عدم وجود عداء واضح وصريح بين السويد والعالم الإسلامي على الأقل في الراهن المعاش على نقيض عدد من الدّول الأوروبيّة الأخرى في صورة فرنسا وإسبانيا وإيطاليا وبلجيكا وإنجلترا وهولندا والبرتغال وغيرها من الدول الأخرى التي شكّلت في وقت سابق مستعمرات أتت على خيرات ومقدرات وثروات الدول الإسلاميّة خاصة التي تقع في إفريقيا والمشرق العربي.لكن في مقابل هذا يمكن لنا أن نرصد بعض العناصر والمعطيات التي ربما دفعت وأججت النزوع لمثل هذه الأفعال غير المسؤولة من فاعليها، وهي عناصر من طبائع مختلفة ومتباينة لعل أبرزها: وجود عنصريّة كبيرة لدى طائفة كبيرة من مكونات الشعب السويدي تجاه الأعراق والأجناس الأخرى خاصة المسلمة والنظر لها بعين الاحتقار والإذلال، كذلك فإن القانون السويدي والبرلمان الذي يعتبر أحد مكونات النّظام يسمحان ويوفران قدرا كبيرا و هامشا واسعا من الحريات العامة بما يسمى بالديمقراطية في تصرفات المواطنين، بما في ذلك حرق الكتب والمصاحف، هذا المصحف الذي يرونه كتابا يمنع كل مترفات الحياة التي يستبيحونها ويحرمها الإسلام، ومعروفٌ أن الترف الزائد يولّد في الغالب كثرة العداءات التي تزداد كذلك بسبب صب الزيت على النّار من طرف بعض الأحزاب اليمينيّة.
ربما هناك أسباب أخرى تتعلق بوجود خلافات سياسيّة بين السويد وتركيا مرجعها عدم موافقة أنقرة إنضمام ستوكهولم إلى حلف الناتو رغم موافقة بقيّة الأعضاء داخل المنظومة وتبرير تركيا كان دعم السويد لعناصر إرهابيّة مهددة لوحدة تركيا الترابيّة. فكان العداء لتركيا ومن ورائها الدول الإسلاميّة والإسلام بشكل عام.
قصارى القول إن ما حدث من إنزلاق وتهور من طرف بعض المتهورين الذين أحرقوا كتاب الله ببرودة دم ومن دون مسوغات لا يمكن تبرير أفعالهم مهما كان، وكان لزاما تسليط عقوبات عليهم رادعة من طرف السلطات السويدية ومادام القانون في ذلك البلد يسمح بمثل هذه التصرفات، فيجب على كل غيور على دينه أن يدافع عنه ويعلن صراحة عن شجبه وتنديده من جهة لكل ما يرمز لهذا الدّين السمح ومن جهة ثانية تعاطفه –بالقول والفعل- مع دينه الذي هو عصمة أمره، وخلاصه وطوق نجاته