أيما الأذنين: السياسية، والأمنية، قرصتها اليد الفرنسية الغدارة؟ وما الرد عليها؟/ - إشيب ولد. أباتي

2023-03-16 20:06:35

في وقت السحر، رن هاتفي الخلوي، وكانت المكالمات الليلية التي اتلقى  عديدة، وتكاد لا تمر ليلة، الا واستيقظت على  رنات الهاتف، ولعل الأهل، وربما الجيران، كذلك ،" تكيفوا"،  تعودوا عليها، ولذلك كنت اشعر بمعاناة الجميع دون ان يعبروا لي  عنها، وكثيرا ما أنام متحفزا،  للرد على أي  اتصال في مثل هذه الأوقات المتأخرة من اجل إيقاف الرنات الصائتة بمكالمات هامسة، فيشعر المتصل، أن الوقت ليس مناسبا، والبعض، يسأل عن الوقت عندنا، وما اذا كان الاتصال مناسبا، بينما  آخرون ، يسترسلون في الأحأديث مثل  المناضلة الهندية " معزة غاندي" التي تتصل دائما للأستفسار  عن الاحداث في الوطن العربي، ومنها الاتصال الذي كان موضوعه الليلة  عن  الاحداث في موريتاينا، او القضايا الشائكة فيها على حد تعبيرها في مرات سابقة.

لذلك، تلجأ هذه المعزة البيضاء اللون في الصور الخالدة في الذاكرة التاريخية  مع الزعيم في المطارات الدولية، وهي كالمستنسخة لروح  الزعيم الهندي "غاندي" الذي تماهى رماده التطهيري مع الامواج في البحيرة المقدسة للهندوس، ولعل تقديسها - المعزة - لمبادئه في الاستقلال والنهضة الهندية  من ضمن الالتزامات الوطنية، والنضال العالمي في وعيها.!

 ومن هنا كان تفاعلها معي، له اكثر من مبرر،  فتتصل بي للاستفسار عن  الاحداث في ظواهرها، وتأثيرها على من وقعت عليهم في وطننا العربي، وكذلك في تعلاتها الظاهرة والمستترة،  وهو ما تراه  سببا لتعدد المصادر الأكثر مصداقية من وسائل الاعلام الموجه خاصة منه الاعلام الغربي الامبريالي، بدلا من الليبرالي..

# - معزة غاندي:

 ما هو تعليلك للاحداث التي وقعت  في سجن انواكشوط، عاصمة بلادكم من قتل السجناء لسجانيهم؟، وهل تلك الأحداث، ستقود إلى ثورة على النظام السياسي؟ وهل هو نظام سيء إلى الحد الذي يجعل الاحداث الأولية تتدحرج إلى تغييره،، ؟ وهل ستحصل استجابة  -   من الطبقات المسحوقة، بل من الفئات الهشة، كما ذكرت لي في محادثة سابقة، أن مجتمعكم  قبلي، وفئوي، وليس فيه طبقات، وطوائف، وقوميات عديدة،  وليس فيه ملل، ونحل متعددة، بل  لا تحصى كما  هي عندنا في الهند،  وكما هي موجودة في معظم المجتمعات المعاصرة، والحديثة  -  تحاكي تلك التي كانت الانطلاقة للثورة الفرنسية من سجن" الباستيل" في ١٧٨٩م؟

# - قبل أن أجيب على الأسئلة العديدة التي تعبر بحق عن اهتمامك بمجتمعات الأمة العربية مشكورة،، أريد أن أعرف منك على  مصادر معلوماتك عن الاحداث، لعلك تعطيني معلومات عما حدث في بلادي، هل  مصدر معلوماتك السفارة الهندية في انواكشوط؟

# - معزة غاندي:

لا، طبعا، إن مصدر معلوماتي، هو الاعلام الفرنسي( مقاطعة)

إن ترويج الاعلام الفرنسي لهذه الأحداث، هو نوع من الدعاية، والغرض من ذلك معروف، وتذكرني وسائل الاعلام الفرنسية  بواحد من الأمثال العربية المتداولة  عن المجرم الذي، يخبر عن نفسه بسوء تصرفه، وسلوكه المرتبك، ويقال : " كاد المريب أن يقول خذوني" ! ( مقاطعة)

# - معزة غاندي:

هل تريد أن تقول لي ، إنكم تتهمون فرنسا بما حصل من احداث؟، وما هو الدليل على ذلك ؟ وما هو رد الفعل المتوقع من النظام السياسي للأختراق الأمني في عاصمتكم؟!

# - لعلك تعرفين تاريخ الاستعمار، ومنه أن الامبريالية الفرنسية، استعمرت القارة الافريقية  منذ  القرن التاسع عشر،  وأنها في منتصف القرن العشرين، حين قامت ثورات وطنية قي الوطن العربي، وكذلك  في القسم الافريقي، كما حصلت ثورات في مختلف اقطار القارة السمراء،  لذلك اعلنت فرنسا عن مغادرتها للمستعمرات، وما ذلك إلا  لاستباق المجتمعات، وخديرها، بمفهوم الاستقلال الوطني الذي أناب  زعماؤه عن المحتل، وبذلك خرجت فرنسا، ومالبثت أن عادة من الباب، والنوافذ، كالانقلابات العسكرية، والحروب البينية،، والثقافة،  والتعليم،  والتبعية السياسية، والاقتصادية..

واليوم تشهد اقطار القارة صراعا محموما بين العمالقة الثلاثة:  امبراطورية الشر  امريكا، والصين زعيمة" آسيا"، وهي العملاق الاقتصادي الذي يزحف في كل الاتجاهات،، وروسيا، ب"الدب" السبيري" الشرس، و هو القائد " بوتين"، الذي لم يدافع  للثأر،  كرد فعل نفسي  لهزيمة أمته،  روسيا التي قادت الاتحاد السوفيتي طلية الفترة التاريخية التي جعلت منها قطبا عالميا، قام على انقاض امبراطورية زراعية منذ قيام ثورة ١٩١٧م . ثم  سقط ، كما تسقط " النيازك"، شذر ا مذرا.. بل أن " الدب الروسي، اليوم وصله التمدد الامبريالي، والهدف الامبريالي  هو من  ذات الأهداف الاستعمارية التي حركت فرنسا" النابوليونية"،  وألمانيا "الهتليرية"، وامريكا " الجو - بايدنية"..!

 

أما عن  النظام السياسي الحالي في موريتانيا، فإنه ورث عن نظام الحكم السابق، رغم ادعاء اعلامه التميز، والخصوصية   -  ونحن في تقليدنا لفرنسا، نعتبر كل رئيس، يعبر عن حقبة متميزة عن سابقتها، رغم أن جميع الانظمة، تعاطت  في السياسة الداخلية والخارجية  على خطوط مشتركة  القواسم، أسوؤها: التبعية، وتهجين التخلف الاجتماعي، والثقافي، و السياسي، والمحسوبية، والفساد، ومنه الرشى في التسيير الإداري، ومرافق النظام، وليس بالضرورة  الدولة ،كمؤسسات، فتلك  مرحلة يفرضها الوعي الجمعي،  بينما القائم واقعيا، هو استشراء الاهمال الذي  فاق درجة التصور، بحيث أن النظام يدور في نفس المرحلة الأولية للاستقلال الوطني منذ ثلاثة وستين سنة،  والتسويف، هو ذاته، والنخبة السياسية، هي ذاتها بزوائدها الاعتلالية: ذريتها من ابناء الأعيان" شيوخ" القبائل الذين نصبتهم فرنسا على أساسي:  الجهل، والجشع..!

وهذه هي عناصر الدولة العميقة، كما توصف في اقطار الوطن العربي الذي يعتبر كل منها نموذجا ممثلا لجميع الاقطار ٢٢.

 وتلك النخب، هي التي تسير النظام بالتحالفات العرفية  مع الرؤساء، لكن الحقيقة، أن الرؤساء تابعون لها، ولو أن التاريخ السياسي، سجل خروجا أحاديا على هذا التحالف المشبوه، خلال حكم  رئيس واحد، هو  " المصطفى ولد السالك" قائد أول انقلاب عسكري سنة ١٩٧٨م.

ولعل الدورة التاريخية المغلقة، بدأت بايعاز فرنسي لشخص ما ، سواء أكان مدنيا، او عسكريا، و اسقاطه لرئيس سابق  بانقلاب، او انتخاب "صوري" .

اما المدني، فمثله كل من المرحومين  "المختار ولد داداه"، و"سيدي محمد ولد سيدي عبد الله".

 ولعل من التقاليد المتبعة، ان كل نظام حكم، يكيل قائده الجديد  شتى التهم لسابقه، ومع ذلك،  يتبعه "شبرا بشر، وذراعا بذراع"- حسب نص الحديث الشريف -.

 

لذلك فالتبعية لفرنسا، وفي افريقيا مهددة بالصراع الجاري بين العمالقة الثلاثة المذكوين سابقا، فالرئيس محمد ولد الغزواني، وهو رجل وطني، وعروبي، لكن، كان  ضمن الرؤساء الأفارقة الذين استدعوا الى العاصمة الأمريكية " واشنطون"، ولا شك ان مواعيد عرقوب الأمريكي المجرم،  ترددت على مسامع رئيسنا، فطرب لها ، كما نطرب نحن على اغنية " الليلة عيد"، وكما استقبل سعادته وزير خارجية روسيا ذلك العجوز الروسي الذي إلحف ب "الدراعة"،  لباس الرجال في بلادنا، وظهر  فيها مبتهجا، و في عمر الاربعين، وتردد في الإعلام الدولي ، أن روسيا ترغب في اقامة قاعدة عسكرية بحرية على غرار قاعدتيها في " إريتيريا"، والسودان..!

ولعل هذه المتغيرات  في السياسة الدولية حول التفكير العملي لتقاسم  خيرات افريقيا،،، اخرجت فرنسا عن طور الدعاية الكاذبة عن التحضر،  واحترام المواثيق الدولية، وعدم التدخل في شؤون الدول، فكان رد فعلها استفزازيا للنظام السياسي والمجتمع العربي في موريتانيا، الأمر الذي أكد اكثر من اي وقت مضي، أن الامبريالية في طور " العولمة" قائمة على الاحتلالات المباشرة قسريا، كما في القرن التاسع عشر، وهي  تتحالف مع المليشيات، والجماعات المتطرفة ان لم تكن صنيعتها لاحتلال اقطارنا العربية والافريقية، واحدا بعد الآخر...

نعم. إن هذه الاحداث الاستفزازية، و المؤلمة، لما سببته من قتل المواطنين الموريتانيين، والمجرمين الثلاثة،  هي تذكير لمن خدشت ذاكرته الوطنية، والقومية، بأن فرنسا، هي، كما عرف عنها في اقطار الوطن العربي، وافريقيا الغربية، أحادية الوعي السياسي الذي يبرر التدخل الاجرامي، والانقلابات العسكرية، ومحاولات اختلاق الحروب بين الاقطار العربية فيما بينها، والعربية والافريقية من جهة أخرى، لهذا فالرأي العام الوطني اتهمها بالعمل الاجرامي، كقتل، وحرق الاحياء من  الموريتانيون في جمهورية مالي، بعيد الانقلاب العسكري المبارك الذي حصل في الشقيقة،، وتم مقاطعة نظامها الجديد من طرف الرؤساء الافارقة التابعين لفرنسا، حتى لم يبق لجمهورية مالي الشقيقة  منفذا لاستيراد المواد الاستهلاكية، والتصدير،  الا  موانئ موريتانيا،، فكيف يصدق عاقل، أن ذات الحكومة، يمكن أن يصدر عنها ذات الاجرام الموصوف الذي روج له  الاعلام الفرنسي ، وأراد احداث  حرب بينية بين القطرين  الشقيقين ؟!

 

لعل هذا النموذج من سياسة فرنسا. قدم تصورا أوليا على ضلوع فرنسا في ارتكاب الاجرام بما استقدمت من مجموعة مساندة لها من " مالي"، وسهلت لها مسالك التسلل، حتى اوصلتها لسجن العاصمة انواكشوط لارتكاب هذه الجريمة النكراء التي شكلت تحديا لسياسة النظام الذي نقف معه صفا واحدا اذا انتهج سياسة الردع لفرنسا المجرمة، ولكن نختلف معه على جميع اشكال التبعية، سواء، اكانت لفرنسا المجرمة، ام لأمبراطورية الشر، امريكا ..

والذي يعزز  اتهام  فرنسا بارتكاب جرائمها في الاحداث الأولى  في مالي،  والأخيرة في سجن انواكشوط،  هو تلك العلاقة القائمة بين فرنسا، والجماعات المتطرفة، التي سلحتها  في ليبيا، ودول الساحل الافريقية، وسبق أن حذرت  الجزائر الشقيقة من سياسة فرنسا الاجرامية في تعاطيها سياسة توظيف اجرام المتطرفين.(مقاطعة)

 

# - معزة غاندي:

 لقد أضاع العرب، والأفارقة، فرصا عديدة للتحرر من الهيمنة الامبريالية، وذلك  من تبعات ، تأخر، وتدني الوعي السياسي في القارة السمراء، والا كان احتلال ألمانيا لفرنسا، واندحار الانجليز  فرصا ذهبية لاتعوض، لاعلان  الاستقلال  في الوطن العربي، وفي اقطار افريقيا المحتلة،، 

على غرار المبادأة التاريخية لجمهورة " فنلندا" غداة قيام الثورة "البلشفية " في روسيا القيصرية، حيث كانت "فنلندا" مستعمرة  تابعة لروسيا منذ قرنين، ولذلك انتهز الثوار الفنلنديون  فرصة  انشغال الروس في حربهم الداخلية، بين "البلاشفة" و"المناشفة"، للإعلان عن الاستقلال  الوطني في ذات السنة١٩١٧.

والآن أسألك، كمواطن عربي من موريتانيا، ما هو الرد الذي تراه  مطلبا وطنيا على الحكومة الموريتانية  القيام به  ضد فرنسا؟ 

ثم  ألا يكفي أن الأمن والجيش الوطنيين،  واجها باحترافية  افراد الجماعة المتطرفة، وقضوا عليهم ؟

 ومن خلال استنتاجي الشخصي من حوارنا، أن الخطأ الذي ارتكب النظام الحالي، ولعله افضل من سابقه في ابعاد سياسته الداخلية،  هو تبنيه لسياسة النظام السابق في التبعية لدرجة أنه حضر مع رؤساء "دول الساحل" الخمس الذين استقدمتهم فرنسا، للاعلان عن مطالبتهم  للحماية، والدفاع عنهم بالوحدات العسكرية الفرنسية، والأطلسية، والأمريكية،،،!

وإذا عرفنا أن  قادة الانقلابين في كل من مالي، وبركينافاسو، اعتبرا فرنسا مسؤولة عن  استجلاب المتطرفين من ليبيا، وتسليحهم، وحمايتهم، وتوجيههم لضرب الأنظمة التي استدعت القوات الفرنسية لحمايتها،، ويا للمفارقة..!

لذلك، فالمواجهة  لا تقتصر على التصدي  للذئاب المتفردة من المتطرفين،، وإنما، لابد من العمل، كذلك على قطع جميع العلاقات مع فرنسا، حتى تأخذ درسا من تهديد الأمن الوطني، وترويع المواطنين، واستهتارها بالاتفاق مع  الانظمة السياسية، والعمل على اخضاعها اكثر فاكثر،  ومن اجل ذلك فليضع النظام الحالي. نهجا مغايرا  بدلا من  الخضوع، أسير  خوفه  من غدر فرنسا التي بادرته به..! 

وماذا يمكن ان تفعل فرنسا اكثر مما فعلت،  وهي يقيادة  الرئيس  الشاب "ماكرون"، تم طردها من افريقيا صريحة، شجاعة من  قادة الدول الافريقية  التي زارها مؤخرا ،، و من هو؟

 إنه، اضعف رئيس فرنسي، وقد  تم تلقينه درسا في الاحتقار  المستحق، حين ذكره الأفارقة  بتاريخ فرنسا الاستعماري الذي، وضع حدا له  في افريقيا، وأكثر من ذلك، إن فرنسا، هي  مستعمرة امريكية، وتعاني من المظاهرات منذ سنتين، واقتصادها  الحالي يجعلها في مصاف الدول المتخلفة في التنمية..؟

والسؤال الأهم ماذا استطاعت  أن تواجه به فرنسا  المواقف التحررية حين أعلنت الحكومتان" المالية" و"البركينية " عن طرد الوحدات الفرنسية، وسفرائها، وغلق الحدود أمام التدخل العسكري الغربي خارج الضوابط الرسمية؟

 وهذا هو النهج الصحيح الذي،  سيحدد سياسة الدول الافريقية عاجلا، لأن أي دولة افريقية، او كيف ماكانت في القارات الخمس، تعتبر نفسها مستقلة، بينما الفرق العسكرية، تدخل البلاد بدون ضوابط، الأمر الذي يؤكد على أنها مستعمرات" فعليا"، ولو انها دول مستقلة " اسميا" ليس الا.؟!

المدير الناشر
أفلواط محمد عبدالله
عنوان المقر ILOT G 122