القتلة عملاء، ومجرمون سياسيون...(تتمة)../ إشيب ولد اباتي

2023-02-15 02:43:58

نعم، هي مأساة تعيد  إلينا أحادية الرؤية للدفاع عن  نظام الحكم الذي  احاله سلوكه الاجرامي إلى رفع الخيط الفاصل بين المرحلة الاستعمارية، وما بعدها بعشرين سنة، من الاستقلال الوطني، ثم تكرر الحدث بعد ثلاث وستين سنة من عمر الاستقلال، حيث في الأولى، كان القتل بالتعذيب على أيدي البوليس السياسي  لقادة الوحدويين الناصرين، باعتبار وعيهم العابر لمجالات الوعي الزائف، لكنه هو المطلوب أمنيا من النشطاء السياسيين ، وبالتي كانت تصفية اصحاب الوعي الوطني والقومي أمرا ضروريا بالنسبة لنظام هيدالة المجرم، وذلك  للحفاظ على نظام الحكم، كما أسسته  فرنسا على القبلية، والجهوية، والتبعية لها في مختلف مجالات الثقافة، والسياسة، والاقتصاد، والادارة،،وتنشئة النخبة التابعة وظيفيا للمركزية الفرنسية، والادارة الوطنية ..!

و الى حد الآن، لم يراجع نظام الحكم المؤسس على  مؤسستيه: الأمنية، والجيش، موقفه  من القتل  على الهوية السياسية العابرة للفئوية في حجرات التعذيب في الدوائر  الأمنية الرسمية...!

ولم يراع نظام الحكم الديمقراطي قيمة،  ليضع حدا للقطيعة مع نماذج نظام الحكم السابق عليه،  في سبيل تبييض صفحته من افعال المجرمين السابقين، كما تدسنهم  مسطرة القانون الموريتاني،  ولا يكون ذلك، إلا  بالقطيعة  التامة قولا وفعلا، ، ويتطلب الأمر :

١- الاعتراف بالذنب، 

٢ - التعويض لذوي الشهداء الناصريين، 

٣ - مراجعة الموقف السلبي السابق  من الوعي السياسي الحديث الذي يتطلب التطور ، والتحديث للوعي الجمعي..

 

إننا نلاحظ بعد أربعين سنة من تلك الاحداث التي وقعت في بداية ثمانينيات القرن الماضي،  أن نظام الحكم المدني، وتشبثه بالمؤسسات المدنية،، لكن وزارته الداخلية، لا زلت تمارس  اجراء  مفرطا في العداء  للوعي السياسي الحديث، كما يعبر عنه رفضها إلى حد الآن  للعمل السياسي خارج دوائر   القبيلة، والجهوية،  واللونية، والعرقية، وتوابعها، كالاسلام السياسي الذي وظف ، كرابط بين نظام الحكم، وأنظمة متأمركة في كل من قطر وتركيا.

 بينما القيادة السياسية لولد غزواني معروفة بوطنيتها، وتوجهها العروبي، وثقافتها العربية...!

 

واليوم يذكرنا قتل الصوفي ولد الشين رحمه الله  بالأحداث المؤلمة التي أدت إلى  الخيانة العظمى،  كما في العمالة للحكم الفرنسي التي دفعت بمأجورين، يمثلون وصمة عار  على جبين انتماءاتهم القبلية، والجهوية  بقتلهم الاجرامي  للمناضل" ولد امسكية " رحمه الله تعالى.

 ومهما كانت قضيته مع الفرنسيين شخصية، كما يحلو للاقلام المأجورة التي تعبر عن الميزاج العام لنظام الحكم التابع للامبريالية الفرنسية  في نشاته، وتاريخه، وسياسته العملية في كل حين..!

 

والسؤال الذي يطرحه المواطن الموريتاني، وسيبقى من الأسئلة المفتوحة على صفحة  تاريخنا السياسي، هو:

ما الذي يبرر به - هذه المرة -  السدنة  في المواقع الافتراضية، قتل الصوفي ولد الشين؟

 

لسنا ضد التهدئة، بل نطالب بها، والتفكير الوطني يفرضها، دون  العزف على الوتر الناشز  للأقلام المأجورة، ولكن ما الذي يجب على نظام الحكم،  هو القضاء على البوليس السياسي الذي  اخضعه البعض إلى اتجاهات العمل السياسي القبلي،  والجهوي، والفئوي، والعرقي...؟

 

وهل المطالبة بالقصاص من طرف ذوي القتيل، سيجعل النظام، يرتاح من متابعة هذه الجريمة السياسية التي تطال العمل السياسي خارج الأطر المتخلفة التي  تتفاعل مع نظم الحكم السابقة، وأي نظام متخلف، وتابع لفرنسا؟

 

أن النظام الديمقراطي، وضع اشتراطات  على أي تجربة تنتمي اليه، أن تسمح بالعمل السياسي المدني، وهناك  أولوية في موريتانيا للحراك  السياسي  الحداثي الذي  يتماشى مع المعطى الديمقراطي،  ولا تنحصر مهمته  في  تجديد الوعي السياسي، فحسب، وإنما في القضاء  كذلك على تحكم  الادارة الأمنية في العمل السياسي،  والقضاء على  تفريخ " مسوخها" من  الاحزاب القائمة التي  لا برامج لها، ولا تعنى بالدفاع عن الحقوق المدنية، والسياسية للمواطن،،  وإنما تهتم فقط  باقامة تحالفات محلية  مع نظام الحكم  مهما، كانت قيادته، وان كانت القيادة السياسية الحالية متميزة عن سابقاتها مما يشجع على التفاؤل،  ومع ذلك فإن الهواجس تبقى قائمة بسبب  نشاطات حزب النظام، وارتباطاته  الجهوية، وانتقائه - في الولايات، والمدن ، القرى -  لقوى  التخلف والجهل السياسي، كالتجار، ورجال القبائل، وتشظي المجتمع،، وارتمائها في احضان  الدوائر القبلية،  الجهوية، والعرقية، وكذلك  تحالف الحزب الحاكم  مع الاحزاب الموسومة بكل سمات الارتزاق،  للتعبير عن مراحل الانحطاط السياسي المشبوه كالاسلام السياسي الذي احترقت أوراقه بعد العشرية الدموية الامريكية،  علاوة على توزع  كل الاحزاب الحالية  على سفارات الانظمة العربية العميلة، وكذلك  السفارات  للامبرياليات الغربية: الفرنسية، والاسبانية، والالمانية، والامريكية..!

 

إن موقف النظام القائم من قتل البوليس السياسي للصوفي ولد الشين،  سيوضح إلى أي حد  سيكون مقبولا لدى الرأي الوطني العام..

    وكذلك  ضرورة انفتاحه على العمل السياسي الذي يحافظ على ثوابت المجتمع الموريتاني، كالوحدة الاجتماعية، ونظام الحكم الجمهوري،،؟

إن قتل الصوفي في إدارة الأمن،  لا يمكن تفسيره، الا  على أساس أن  نظام الحكم، يخشى من العمل السياسي القائم على الوعي الوطني الوحدوي المحافظ على ثوابت المجتمع المذكورة اعلاه.. فهل يثبت نظام الحكم عكس ذلك بتصفية الفاعلين الحقيقيين،، وليس تكسير أدوات القتل، كاتخاذ الشرطة، كبش فداء،  وبالتالي  العمل بكل مسؤولية  للقضاء على اشكال الوعي الزائف الذي بدأ بسياسة الاغتيالات  كقتل رمز من رموز القوى الوطنية الوحدوية، غير الفئوية ؟

المدير الناشر
أفلواط محمد عبدالله
عنوان المقر ILOT G 122