تعتبر ذكرى وفاة القيادي القومي محمد يحظيه ، رحمه الله تعالى في ١٣ من يناير ٢٠٢١م. مناسبة للقوميين في وطننا العزيز من أجل التذكير بما كان، وسيبقى، المشترك من المبادئ التي آمن بها الوحدويون من المحيط الى الخليج...وذلك في سبيل العمل السياسي المشترك على ضوء الرؤى القومية التي تجمع من الطيف السياسي، وتطالبهم اكثر من ذلك لمواجهة التحديات، وهي العقبة التي تواجهم في موريتانيا اكثر من غيرها بعد اختفاء القوة الحية المناضلة، وعجز غيرها بعد اعطائه الفرصة للاستبداد، والفساد، والعهر السياسي خلال الثلاثين سنة الماضية...
إن غياب التحالف بين القوميين، لعله السبب الكافي، فيما عناه، ولا زال يعانيه الحراك السياسي الوطني الذي افتقد البوصلة، لأن احزابه السياسية، لا تجمعها مبادئ كالعدالة الاجتماعية، والتقدم، و دولة الوطن الواحد من ٢٢ قطرا عربيا، وفي وقتنا الحالي، تفتقد الأمة العربية لقطر واحد مستقل، حتى يساعد على اجهاض عوامل التبعية السياسية، والثقافية، والاقتصادية، او الوقوف في وجه اعتداء محتمل من طرف إحدى جيران العرب من فرس، او اتراك، او سنغاليين، او اتشاديين، او اثيوبيين، وصهاينة، كما حصل من قبل ، ويحصل كل يوم...!
ولكن قبل ان تذهب بنا احلامنا بعيدا عما يواجه الوطن، ونستغرق في احلامنا البعيدة حول مشاريع دولة الأمة في النهوض الذي سيمكنها من انتهاج دورها في صناعة تيارات التاريخ العربي التي كانت تتوقف، كلما غاب الوحدويون عن مسرح الحياة السياسية...
وهذا يؤكد حقيقة، أن مجتمعاتنا العربية، لم يخل تاريخها القديم، والحديث من قيادات من طرف قواها الحية، وكان لكل زمان رجاله.
وقد لا يكون من الصحة القول: انهم، كانوا قادرين، او موفقين في تغيير دفة الحياة السياسية، ولكن حضورهم الفاعل، طالما سجل علامة فارقة في تغيير الوعي العربي، وتوجيهه للوقوف في وجه التحديات التي شكلت امتحانا للمبادئ، وانسجاما مع السلوك المعبرة عن القيم التي آمن بها الوحدويون...
ومن هنا كان هذا مدعاة للتفكير، والتذكر بدور محمد يحظيه رحمه الله ، كابرز رموز الوطنيين، و القوميين، ولهذا ، فحري بنا استرجاع دوره في ذكرى وفاته التي نحييها انطلاقا من ضرورة تذكير القوميين في بلادنا، بقيمة وحدة العمل السياسي المشترك بين ابناء مدرستي القومية العربية الذين صنعوا أول وحدتين في تاريخ الأمة حين حرروا كلا من مصر، وسورية، والعراق...
أليس ذلك من المناسبات العظيمة في تاريخ العرب المعاصر، وهي جديرة بالاقتداء، والتقدم الى الامام لقيادة حراك سياسي وطني قومي، لإنقاذه اولا، هو من هذا الضياع، والتلاشي حين أصرت أنظمة العسكر الانهزامي على عهدي سيئي الذكر "هيدالة"، و" معاوية"، حذاء الصهاينة الذين وطأوا به على ارضنا الطاهرة....
وانتهت تلك التجربتان المريرتان في تسعينيات القرن الماضي بغياب القوميين، وجريمة القبول بما فرض عليهم " أمنيا" في أسفل "سلم" النخبة الفاسدة ، وعلى اثر ذلك لا زال القوميون شذرا مذرا، ولا غرو، ان تضاعفت التحديات بتكالب أعداء الوطن، وتطحلب الاستنفاعيون...!
وإذا كانت مبادئ الثورة العربية، هي المعيار الذي يوحد القوميين في موريتانيا، وغيرها من الوطن العربي،، فإن الذي يفرقهم، هو الهزيمة النفسية التي أصابت الأمة العربية منذ عشرين سنة بعد احتلال العراق في ٢٠٠٣م.
وهم مطالبون الآن اكثر من أي وقت مضى، بتجميع شتاتهم، واستعادة حراك سياسي موحد على اي قاعدة، يحصل عليها التوافق، واولها التأسيس لتحالف في شكل جبهة انقاذ للحراك السياسي الوطني الموريتاني العربي..
وهذه من الضرورات الملحة التي نعيد التذكير بها في هذه الذكرى الأليمة برحيل واحد من رموز النضال العربي الذي، سيبقى حضوره في الذاكرة منبها للتقصير، مالم يتوحد الوحدويون من أجل انقاذ الوطن العربي، وفي المقدمة موريتانيا عبر حراك سياسي وطني وقومي..